عقدت جامعة دبي أمس، ملتقى الرؤساء التنفيذيين، لمناقشة مفاهيم القيادة الجديدة، بحضور نخبة من الرؤساء التنفيذيين لعدة جهات حكومية، وخاصة في الإمارة، في فندق غراند حياة بدبي.
وركز الملتقى على طرح عدة محاور تهم منظومة صنع القادة في دبي ودولة الإمارات، وخلق بيئة تحتية واستراتيجية مناسبة تدعمهم، وتوفر لهم منصة لإظهار قدراتهم القيادية. مشيرين إلى أن صنع قادة المستقبل، ضرورة ملحة وهامة لمواكبة السرعة الكبيرة التي ينمو بها الاقتصاد المحلي.
وأدار الملتقى الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، طارحاً عدداً من المحاور الهامة، كصفات القائد، والمفاهيم الجديدة، والتقنيات التي دخلت في العصر الحالي للمساهمة في خلق شخصيات قيادية، والاستدامة في القيادة من مفهوم استدامة عملية القيادة الصحيحة لاستمرار القائد ذاته لفترات طويلة في المؤسسة ذاتها، وفتح المجال أمام القيادات والأفكار والإمكانات الأخرى الموجودة بكثرة في الوطن، وأهمية الشهادات الجامعية والدراسات العليا والتخصصات التي يحتاجها المجتمع لأجل تقدم أفضل.
منظومة
وقال البستكي إن العصر الحالي يحتاج منظومة تعليمية وأكاديمية تواكب التطور التكنولوجي والحداثي الذي يشهده العالم في الوقت الحالي، وهو ما تهدف إمارة دبي عبر قيادتها الرشيدة إلى تحقيقه عبر دعم المؤسسات التعليمية بشتى مستوياتها، بالإضافة إلى المبادرات العديدة التي تطرحها الحكومة ضمن نفس الإطار، داعياً المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء، إلى تبني النهج الصحيح في احتواء القادة الجدد الذين يناط إليهم تكملة مسيرة النهضة المشرقة التي بدأتها دبي ودولة الإمارات بشكل عام. وفي معرض تعليق الدكتور البستكي على الجامعات والكليات الموجودة في الدولة، والتي يزعم البعض أنها تسيء للتعليم، كونها دون المستوى، أكد أن 90 % من الجامعات على مستوى عال وممتاز، في حين أن 10 % فقط هي التي تعد دون المتوسط، وهي التي تسيء إلى سمعة الجامعات، وعلى الدارسين ضرورة الاختيار والتفضيل قبل اختيار مكان دراستهم.
المنطقة الآمنة
من جانبه، تحدث عبد الله محمد العور المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، حول ضرورة أن يخرج القائد إلى ما بعد «المنطقة الآمنة أو المريحة»، كما يطلق عليه، ويحاول تجربة الجديد دون خوف من الفشل، مؤكداً أن البقاء في مكان واحد وتجربة واحدة أمر مريح للأشخاص بلا شك، إلا أنه يبقيهم في مكانهم دون أي تقدم أو خوض تجارب إبداعية أو ابتكارية.
وأضاف: «قادتنا حفظهم الله، وكذلك العديد من المسؤولين في المناصب العليا، بدؤوا يتجهون نحو استخدام أساليب مبتكرة للتواصل مع المجتمع والموظفين بشكل مباشر، من خلال برامج التواصل الاجتماعي، التي لم تكن متاحة لغيرهم من المسؤولين قبل 15 أو 20 سنة، وأرى أنه من الضروري تبني تلك الأدوات، حتى لو لم يكن هذا المسؤول يهوى التعامل مع تلك الوسائل، إلا أنها بلا شك ضرورية، ويتعين عليه الاعتياد عليها إذا ما أراد النجاح والتطور ومعرفة ما يريده ويحتاجه المجتمع الذي يتعامل معه، سواء كان موظفين أو متعاملين أو غيرهم، وهذه ميزة تضاف إلى القائد الناجح، وها هم قادتنا وشيوخنا يتواصلون بشكل فاعل على تلك المواقع، بالرغم من انشغالاتهم العديدة، إلا أنهم يدركون أهمية هذا التواصل ونتائجه الإيجابية».
القائد الناجح
كما أشار عيسى الزعابي نائب رئيس أول لقطاع الدعم المؤسسي في غرفة دبي، إلى أن القائد يجب عليه اتباع نقاط ومفاهيم غاية في الأهمية، ليكون قيادياً ناجحاً، أبرزها أن يعرف ماذا يريد، ويضع هدفاً محدداً، وأن يكون لديه فريق مختص، وأن يعمل على تأهيل وتطوير هذا الفريق باستمرار، من خلال آليات التدريب والاحتكاك بالخبرات، وأن يعطي فريقه الفرصة للإبداع، فالكل لديه جانب إبداعي يمكن أن يكمل الآخر، وينتج عن ذلك الفريق ما يفوق الهدف المخطط له. وأضاف أن القائد يتحمل مسؤوليات ومهام عديدة غاية في الأهمية، أهمها صنع قادة في فريقه، كل في مجاله، وهم، على حد تعبيره، يصنعون ما يسمى بالفريق القائد.
دور القائد
وأكد أن من الممكن أن يكون كل شخص وكل موظف، مهما كانت مهنته، يمكنه أن يكون قائداً، يشاركه الرأي محمد شاعل السعدي المدير التنفيذي السابق لقطاع التسجيل التجاري والترخيص بدائرة التنمية الاقتصادية بدبي، الذي أكد بدوره أن من الطبيعي أن يكون كل شخص قائداً، ومن غير الطبيعي ألا يكون كذلك، مشيراً إلى أن دور القائد لا يقتصر على قيادة فريق ما والتعامل معه، أو إدارة مؤسسة، ولا يمكن تسميته «بالقائد»، إلا بما يمنحه لأعضاء فريقه، ومدى تأهيله للصف الثاني من الأفراد، ليكونوا قادة من بعده.
الاهتمام بالتعليم
من جهته، دعا الدكتور يوسف الأكرف، النائب التنفيذي للرئيس لقطاع دعم الأعمال والموارد البشرية في هيئة مياه وكهرباء دبي، إلى الاهتمام بالتعليم، والتكيف مع المتغيرات، والاندماج مع كافة الأمور والموظفين والتقنيات، والعمل الشامل، مؤكداً أن التعليم الجيد من أهم المقومات التي تنتج موظفين أكفاء، مؤهلين لأن يكونوا قادة، كما أن ذلك يعني أن من يؤهلهم ويدفعهم نحو التعلم المستمر، هو بالفعل قائد ناجح، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن التعليم لا يعني مجرد إشراك الموظفين في دورات عشوائية لا علاقة لها بطبيعة أعمالهم أو تسهم في جعلهم أكثر ابتكاراً وإبداعاً، إذ يعد ذلك هدراً لوقتهم ولوقت المؤسسة وللمال أيضاً.
متغيرات
وقال أحمد المهري مساعد الأمين العام لقطاع شؤون المجلس التنفيذي لإمارة دبي، إن مفهوم القيادة التقليدي لم يعد صالحاً في وقتنا الراهن، مع المتغيرات العديدة التي يشهدها العالم، خصوصاً في ظل عصر العولمة والتكنولوجيا والإنترنت. وأضاف أن أهم ما يجب على الحكومات القيام به لصنع قادة المستقبل، هو توفير البنية التحتية الملائمة، ومنحهم الصلاحية اللازمة والحرية الكافية لاتخاذ القرارات، بالإضافة إلى توفير منصة تساعدهم في طرح أفكارهم المبتكرة، وبعد ذلك توفير آليات الدعم لتطوير هذه الأفكار.
صفات القيادة
من جانبه، صرح حمد سعيد إغداني، المدير التنفيذي للعلاقات الحكومية والتوطين في مجموعة إعمار للضيافة، أن المؤسسات الخاصة مطالبة هي الأخرى بصنع القادة من الشباب، مشيراً إلى أن مجموعة إعمار تبنت نهجاً مميزاً في هذا المجال، من خلال توفير وظائف للخريجين الجدد، والذين تظهر لديهم صفات القيادة.
توطين
طالب محمود البستكي الرئيس التنفيذي لبوابة دبي التجارية، بتعزيز خطط التوطين بإمارة دبي، ودولة الإمارات بشكل عام، خصوصاً في ما يتعلق بتوطين الوظائف، مشيراً إلى أن هذه الخطط يجب أن تبدأ من التعليم المبكر لصنع تخصصات تحتاجها الدولة في المستقبل، خصوصاً في ظل الأهداف الطموحة والعملاقة التي رسمتها القيادة الرشيدة. وأشار إلى أن التوطين يجب أن يعتمد على أسس مبتكرة، تدرس الاحتياجات التي تطلبها المؤسسات الحكومية والشركات من القطاع الخاص على حد سواء.