تزامناً مع نمو الطلب على الطاقة إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة النمو الاقتصادي المطرد وتزايد التعداد السكاني وما رافق ذلك من ارتفاع في حجم انبعاثات غازات الدفيئة، أصبح من الضروري على الحكومات بذل المزيد من الجهود في سبيل الحد من الانبعاثات الكربونية عبر تطبيق حلول الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة.
وكانت دولة الإمارات من الدول المبادرة إلى أخذ خطوات عملية في هذا الشأن من خلال تطوير عدد من مشاريع الطاقة المتجددة عبر «مصدر» مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه للطاقة المتجددة.
ولم تقف جهود «مصدر» على المساهمة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة محلياً وعالمياً فحسب، بل حرصت على البحث عن أفضل التقنيات النظيفة ودعمها وتبنيها، والتعاون مع مختلف شركائها الاستراتيجيين، وصولاً إلى حلول عملية تسهم في رفد مساعي الدولة المتمثلة في خفض البصمة الكربونية والنهوض بواقع التنمية المستدامة.
وقد أسفرت هذه الجهود عن إطلاق شركة «الريادة»، أول شركة في منطقة الشرق الأوسط تركز على استكشاف وتطوير المشاريع التجارية الخاصة بالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.
انفراد
ينفرد هذا المشروع بكونه قائماً على تعاون بين ثلاث جهات من قطاعات مختلفة تشمل النفط والغاز، الذي تمثله «أدنوك» والقطاع الصناعي ممثلاً بشركة «حديد الإمارات» التي سيتم التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من مصنعها إلى جانب قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة الذي تمثله «مصدر».
ويسلط هذا التحالف الأول من نوعه في المنطقة الضوء على قوة الشراكة وأهمية التعاون كمحفز لتطوير الحلول المجدية اقتصادياً وذلك بجمعه بين خبرة شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» والمعرفة الواسعة التي تمتلكها «مصدر» في التكنولوجيا النظيفة لتقديم حلول فعالة ومجدية اقتصادياً، والتطبيق الفعال لهذه التقنيات المبتكرة والنظيفة الذي تبنته شركة «حديد الإمارات».
عمل المشروع
ويتكون المشروع الذي تم إرساء عقد الهندسة والمشتريات والإنشاءات الخاص به على مجموعة «دودسال» من ثلاثة عناصر رئيسية تشمل التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من مصنع حديد الإمارات، أكبر منشأة متكاملة لتصنيع منتجات الحديد في دولة الإمارات العربية المتحدة..
ومن ثم ضغط ونقل هذا الغاز عبر خط أنابيب يبلغ طوله 45 كيلومتراً إلى حقول النفط البرية التي تديرها «أدنوك»، حيث سيتم حقنه بدلاً من الغاز الطبيعي في الآبار النفطية من أجل تعزيز استخراج النفط، بما يسهم في توفير كميات إضافية من الغاز الطبيعي وحجز غاز ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض.
مزايا
يعزز هذا المشروع المشترك دور دولة الإمارات العربية المتحدة كأحد كبار اللاعبين العالميين المسؤولين في قطاع الطاقة بمختلف أنواعها، ويؤكد على التزامها بخفض البصمة الكربونية لأنشطتها الاقتصادية مع ضمان أمن الطاقة وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة.
ويقدم هذا المشروع الحيوي العديد من الفوائد، فإلى جانب المساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية سيعمل على توفير كميات إضافية من الغاز الطبيعي، وسيسهم بشكل كبير في تعزيز إنتاج النفط والغاز وإطالة أمد العمر الاستثماري لحقول النفط في إمارة أبوظبي.
ومن أهم مزايا هذا المشروع، التقاط انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن الأنشطة الصناعية ومنعها من الوصول إلى الغلاف الجوي، والاستفادة منها بحقنها في آبار النفط وحجزها تحت الأرض. وقد ساهم هذا المشروع في تشجيع البلدان المنتجة للنفط والغاز على تطبيق تقنيات مماثلة بما يساعد في الحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز إنتاجية حقول النفط فيها.
وبحسب تقرير نشر أخيراً في صحيفة «فايننشال تايمز»، فإن أكثر من 20 في المائة من الكهرباء في العالم تأتي من محطات الغاز الطبيعي و41 في المائة من محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم وتضخ أكثر من ضعفي ثاني أكسيد الكربون من محطات الغاز.
وأشار التقرير إلى أنه على مدى السنوات الـ 14 الماضية، أعلنت بعض حكومات العالم عن التزامها بتمويل مشاريع التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه ورصدت لذلك مبلغ 24 مليار دولار أميركي وفقاً لشركة بلومبرج لتمويل الطاقة الجديدة. ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة قامت شركات القطاع الخاص في العالم بإنفاق مبلغ 9.5 مليارات دولار أميركي على الأقل منذ العام 2005 لتطوير مشاريع مماثلة.