ينطلق اليوم في فندق أتلانتس، المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال في دورته الثالثة، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتنظيم من غرفة تجارة وصناعة دبي، بمشاركة 1000 من صناع القرار من العالم، وأكثر من 40 شخصية أفريقية، بينها رؤساء دول ووزراء ورؤساء مجالس إدارة شركات مرموقة، إضافة إلى مديري مصارف وصناديق سيادية وشركات خاصة وقادة أعمال، وتستمر أعمال المنتدى حتى يوم غد.
ياتي عقد هذا المنتدى الهام تحت شعار «تنمية متجددة..شراكات متعددة»، في وقت بلغت فيه قيمة تجارة دبي مع أفريقيا، في النصف الأول من العام الجاري نحو 57.7 مليار درهم.ومن التوقع أن يشهد المنتدى حواراً معمّقاً بين المسؤولين الأفارقة حول التوجّهات الاقتصادية الاستراتيجية للقارّة، وخطط استقطاب الاستثمارات، كما سيتيح للحكومات، مناقشة دورها في تحفيز النمو، بما في ذلك اتفاقات التجارة المشتركة، وبرامج الإصلاح الاقتصادي والتمويل وتطوير البنى التحتية، فضلاً عن السياسات الهادفة إلى استقطاب التمويل الخارجي.
أكد معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، في تصريحات لـ «البيان الاقتصادي»، على هامش انطلاقة المنتدى، على الأهمية الكبيرة التي توليها الإمارات للقارة الأفريقية، والتي أصبحت ضمن أسرع 10 اقتصادات نمواً في العالم، قائلاً، نريد لدبي أن تكون بوابة لاستثمارات العالم لأفريقيا، مشيراً إلى تزايد اهتمام القارة الأفريقية بدبي والإمارات بشكل عام، قائلاً إن هناك جيلاً جديداً من التجار الأفارقة يتخذون من الإمارات حالياً بوابة العبور، ليس فقط إلى آسيا، ولكن إلى كافة الأسواق العالمية، مع التوقعات بتدفق 1.5 مليون زائر من أفريقيا لدبي بحلول عام 2020.
وقال معالي المنصوري إن المنتدى في دورته الثالثة، سيتيح فرصاً كبيرة لنحو 1000 مشارك، ما بين قادة دولة ووزراء وقادة أعمال ومؤسسات مالية كبرى للنظر في الفرص الاستثمارية الواعدة في أفريقيا في شتى القطاعات، خاصة أن أفريقيا قارة غنية بالموارد الطبيعية، ما يفتح الباب على مصراعيه لفرص استثمارية عملاقة في القارة السمراء، وأشار إلى أن أفريقيا تحتاج إلى 98 مليار دولار سنوياً، لسد الفجوة القائمة لديها في قطاع البنية التحتية، قائلاً إن دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها الإمارات، أيقنت أهمية الاستثمار في أسواق القارة الأفريقية، حيث يقدر إجمالي الاستثمارات الخليجية في البنية التحتية الأفريقية بنحو 30 مليار دولار، مقسمة ما بين 15 مليار دولار كاستثمارات مباشرة، و15 مليار دولار كمساعدات وقروض ومنح، فيما شكلت الاستثمارات الخليجية في البنية التحتية الأفريقية خلال العقد الماضي، ما بين 7-10 % من إجمالي الاستثمارات الخارجية في البنية التحتية الأفريقية، بحسب دراسة سابقة أجرتها غرفة دبي، بالتعاون مع وحدة المعلومات الاقتصادية، التابعة «للإيكونومست».
وطبقاً للدراسة، سيصل المعدل السنوي للاستثمارات الخليجية في البنية التحتية الأفريقية 5 مليارات دولار خلال السنوات القادمة، أي ما يعادل 10 % على الأقل من متوسط إجمالي التدفقات الاستثمارية السنوية في قطاع البنية التحتية. وأظهرت الدراسة أن التمويل الخليجي ركز على البنية التحتية في شمال أفريقيا، والتي تلقت الجزء الأكبر من المساعدات (حوالي 65 % من الإجمالي)، والحصة الأكبر من الاستثمارات المباشرة الخاصة (60 %).
ودعا معالي وزير الاقتصاد، إلى عدم النظر للقارة الأفريقية بعين واحدة، فهي تتشكل من 54 دولة أفريقية أسواقها متباينة، فلكل سوق أفريقية مزاياها الاستثمارية وفرصها وتحدياتها ومخاطرها، وبالتالي، فهي ليست سوقاً واحدة، فيما تتباين التشريعات والقوانين المحفزة للاستثمار من دولة أفريقية إلى أخرى، مؤكداً على أنّ المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال الذي تنظمه غرفة دبي، سيسهم بشكل كبير في تحفيز الحوار لمعالجة التحديات، وتعزيز تدفق الاستثمارات الخليجية في الأسواق الأفريقية، وعلى رأسها الاستثمارات الإماراتية.
وأشاد، بجهود غرفة دبي في تعزيز وجود الشركات والمستثمرين الإماراتيين في أسواق القارة الأفريقية، من خلال تأسيس الغرفة لمكاتب تمثيل تجاري لها في كل من إثيوبيا وغانا، واعتزامها تأسيس مكتبين تجاريين جديدين في كل من موزمبيق وكينيا، كما تدرس تأسيس مكاتب أخرى في كل من أوغندا وأنغولا، قائلاً إن تلك المكاتب ساهمت في تعريف الشركات الإماراتية بالفرص الواعدة في الأسواق الأفريقية، واغتنام تلك الفرص المربحة.
وقال معالي المنصوري إن طيران الإمارات لعبت دوراً كبيراً في فتح أسواق جديدة للاستثمارات الإماراتية في أسواق القارة الأفريقية، وعبدت الطريق لتعزيز التجارة والاستثمار مع تلك البلدان الأفريقية، حيث تسير الناقلة الوطنية اليوم 350 رحلة أسبوعياً إلى 22 وجهة في القارة السمراء، منها 5 وجهات للشحن الجوي.
موانئ دبي العالمية
وأشاد معاليه بنجاح موانئ دبي العالمية في أسواق القارة الأفريقية، فهي موجودة اليوم في محطة دوراليه في جيبوتي، وفي محطة داكار في السنغال، وكذلك في ميناء مابوتو في موزمبيق، والسخنة في مصر، وفي محطتي الجزائر العاصمة وميناء جن جن، وهي تدرس اليوم التوسع في مزيد من الموانئ الأفريقية، قائلاً إن الشركة ساهمت في خلق المزيد من مواطن الشغل في الموانئ الأفريقية، ما يجعل الإمارات تلعب دوراً مهماً في تعزيز الاقتصادات الأفريقية.
وقال معالي المنصوري إن العديد من الشركات الإماراتية حققت نجاحات كبيرة ومتميزة في أفريقيا، على رأسها «اتصالات»، والتي عززت وجودها في الأسواق الأفريقية، وحققت نجاحاً كبيراً في أسواق مصر، والمغرب، ونيجيريا، وزنجبار. وأضاف أن الصناديق السيادية للإمارات، اتجهت للاستثمار بثقل في قطاع الطاقة والطاقة المتجددة خلال السنوات القليلة الماضية.
غرفة دبي
من جانبه، اعتبر حمد بوعميم مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، في تصريحات لـ»البيان الاقتصادي»، أن المنتدى بدورته الثالثة، أثبت أنه منصة مثالية لترسيخ وجود الشركات الإماراتية والعاملة في دبي في السوق الأفريقية، خصوصاً أن أهمّية أفريقيا كشريك تجاري لدول الخليج، تزداد بشكل ملحوظ، حيث إنّ حجم التبادل التجاري بين المنطقتين ارتفع بين عامي 2000 و2014 بمعدّل نمو سنوي مركّب بلغ 15 %.
وأضاف بوعميم، أنه وبعد النمو الاقتصادي القويّ الذي شهدته خلال العقد الماضي، تفتح أفريقيا أبوابها للمستثمرين الدوليين، وتتيح لهم فرصاً تجارية واستثمارية هائلة، وتعد بعوائد مجزية. فالقارّة تضمّ بعض أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، التي تعتمد على وفرة الموارد الطبيعية، ونسبة عالية من الشباب في تركيبتها السكانيّة، إضافة إلى تزايد الاحتياجات الاستهلاكية والمتطلبات الأساسية للبنية التحتية.
وختم بوعميم قائلاً، تشير أحدث توقعات صندوق النقد الدولي، إلى أن القارة الأفريقية ستحقق معدل نمو يتخطى 5 % خلال الفترة القادمة، وبالتالي، فإن دراساتنا الخاصة التي أجريناها للسوق الأفريقية، ستسهم بشكل كبير، مدعومة بجميع المعطيات والمؤشرات العالمية في تسهيل وصول مجتمع الأعمال الإماراتي والخليجي إلى الفرص الواعدة والمجزية في القطاعات الأفريقية، ونأمل بالتالي أن يكون الحوار القائم في المنتدى، نقطة انطلاق لشراكات واستثمارات مجزية لمجتمع أعمالنا في القارة الأفريقية في القريب العاجل.
محاور
وتناقش أولى جلسات المنتدى قدرة القارة الأفريقية على تحقيق نمو كبير وسريع، وسوف يتمحور النقاش حول كيفيّة مواجهة التحديات المتعلقة بالفقر وتنشيط الاقتصاد العالمي.
أمّا الجلسة الثانية، فتركّز على البنية التحتية الخاصة بالتجارة، ويناقش القادة الأفارقة في الجلسة الثالثة، الخطوات المقبلة لتعزيز المكاسب التي حققتها القارة وتمكين المستقبل في ظل المتغيرات العالمية. ويستكمل النقاش في الجلسات اللاحقة حول مستقبل القارة في ظل إتفاقات التجارة الحرة ونشوء مناطق تجارية حرة وتعزيز التجارة بين الدول الأفريقية. كما سيبحث المشاركون دور الموارد الطبيعية في دفع عجلة الاقتصاد في افريقيا وتأثير انخفاض اسعار النفط على النمو الاقتصادي.
ويختتم اليوم الاول بمناقشة مصادر التمويل الجديدة، بما فيها صناديق التقاعد والصكوك وكيفية الاستفادة منها، فضلاً عن دور التمويل الاسلامي في المساهمة بالنمو. أما اليوم الثاني من المنتدى، فيتمحور حول الابتكار والعلوم المتقدمة، خاصة وأنّ سكان القارّة سيتضاعفون خلال الـ35 سنة القادمة، وبالتالي ستبرز الحاجة الى توجهات مبتكرة خاصة في التعليم والصحة والنمو. وفي خضم التحوّلات الرقمية التي تسهم بتغيير نماذج الأعمال في الأسواق الكبرى، من المرجح للدول الأفريقية ألا تكون قادرة على سلوك المسار نفسه الذي اتخذته الدول ذات الدخل المرتفع لتحقيق الازدهار، حيث ستعمل أولاً على الاستفادة من العمالة الرخيصة والصادارت التنافسية قبل أن تنهض بسلسلة القيمة. وتناقش الجلسة المخصّصة لهذه المسألة دور الشركات الأفريقية في هذا المجال.
ويلي ذلك جلسة مخصصة للنقاش حول التواصل داخل القارة ودور قطاع الطيران الأفريقي، حيث يستعرض المشاركون تجربة الطيران الأثيوبي. ويستكمل المنتدى ببحث قطاع التعليم في القارة وظهور توجهات جديدة بينها نظام المدارس ذات الأسعار المعقولة والتدريب على القيادة وريادة الأعمال.
ويختتم المنتدى بجلسة مع رواد الأعمال الشباب حول ما هو مطلوب لإحداث نقلة نوعية في في مسار تطور أفريقيا خلال العقد الحالي.
جمارك دبي
من جانبه، أكد أحمد محبوب مصبح مدير جمارك دبي، في تصريحات لـ»البيان الاقتصادي»، حرص دبي على تعزيز العلاقات التجارية للإمارات عامة، ودبي خاصة، مع كافة قارات العالم، ومنها القارة الأفريقية، تنفيذاً لتوجيهات قيادتنا الحكيمة بالانفتاح التجاري على الجميع، مشيراً إلى أن قيمة تجارة دبي مع أفريقيا، بلغت في النصف الأول من عام 2015 نحو 57.7 مليار درهم، حيث شكلت 9 % من إجمالي حجم تجارة دبي الخارجية مع كافة دول العالم، والبالغة نحو 652 مليار درهم في تلك الفترة، لتحتل أفريقيا المرتبة الثالثة بعد قارتي آسيا وأوروبا.
وتابع مصبح: لقد شهدت قيمة تجارة دبي الخارجية غير النفطية مع أفريقيا، نمواً ملحوظاً خلال عام 2014، بنسبة 3.8 %، لتصل إلى نحو 118 مليار درهم، مقارنة بـ 114 مليار درهم عام 2013، وتوزعت التجارة مع أفريقيا في عام 2014، إلى الواردات بقيمة 60.8 مليار درهم، والصادرات بقيمة 13.7 مليار درهم، وإعادة التصدير بقيمة 44 مليار درهم.
تعزيز الخدمات المالية الإسلامية يشجع الاستثمارات الإماراتية
أكد معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، على الأهمية الكبيرة التي توليها الإمارات لأفريقيا، مع هدف دبي بالتحول لعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، قائلاً إن تعزيز الخدمات المالية الإسلامية الأفريقية عامل جذب هام للاستثمارات، خصوصاً في ظل امتلاك المصارف الإماراتية بنية تمويلية قوية، ووجود تحول كبير نحو تلك الخدمات، ليس على مستوى القارة الأفريقية فقط، بل على مستوى العالم أجمع.
وأضاف معاليه أن جهود المشرّعين الأفارقة تتجه اليوم نحو تعميق النظم المالية الإسلامية، ما يفتح الباب لتشجيع الاستثمارات الإماراتية، قائلاً إن سوق الصكوك في أفريقيا لا يزال متواضعاً، حيث يشكل 0.6 % فقط من إجمالي إصدارات الصكوك العالمية القائمة، وقال معاليه إن العديد من المؤسسات، بما في ذلك وكالة ستاندرد آند بورز والمركز الماليزي المالي العالمي، أن تسجل سوق الصكوك في أفريقيا نمواً محتملاً.
ودعا معالي المنصوري، إلى اغتنام فرص الاستثمار الواعدة في قطاع الأغذية في أفريقيا، والتي تمتلك أراضي شاسعة قابلة للزراعة، ومصادر مياه عديدة، وأيادي زراعية متخصصة، وبالتالي، فرص الاستثمار الزراعية في أفريقيا واعدة، وتلبي احتياجات المستثمرين الباحثين عن الاستثمار الزراعي، قائلاً إن الأمن الغذائي يعد أولوية على أجندة الإمارات، ما يفتح الباب لفرص تعاون كبيرة في قطاع الزراعة وصناعة الأغذية بين الجانبين. مشيراً إلى أن شركات إماراتية استثمرت في قطاع الزراعة، وأصبحت اليوم تصدر منتجاتها من أفريقيا للإمارات، داعياً إلى تعزيز وجود الشركات الإماراتية في قطاع الزراعة في بلدان أفريقيا.
من جانب آخر، أشار معاليه إلى أن عدم جهوزية البنية التحتية والقطاع اللوجستي في الدول الأفريقية، التي تمتلك إمكانات زراعية هائلة، يعتبر من أهم المعوقات التي تعيق الاستثمارات الزراعية للشركات الإماراتية والأجنبية بشكل عام في تلك البلدان.
ويرى معالي وزير الاقتصاد، أن عدم جهوزية البنية التحتية، والبيروقراطية، وغياب الشفافية والتشريعات الاقتصادية العصرية، والتحديات المرتبطة بالاستقرار السياسي والأمني في بعض الدول الأفريقية، حال دون تدفق الاستثمارات الإماراتية لأسواقها، داعياً تلك الدول إلى تبني سياسيات أكثر انفتاحاً، وقوانين وتشريعات محفزة للاستثمارات الإماراتية.