أكد المتحدثون في الحلقة النقاشية حول الابتكار، والتي أقيمت ضمن فاعليات منتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع، أن دولة الإمارات تعد نموذجاً في الابتكار على مستوى المنطقة.
وقال المشاركون في الجلسة إن رؤية القيادة في الدولة، تعد عاملاً محورياً في تحفيز عوامل الابتكار، وتوفير كل مقومات النجاح لها من خلال المبادرات والاستراتيجيات التي أطلقت في هذا المجال.
وشارك في الحلقة النقاشية كل من معالي المهندس سلطان سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، ومعالي سهيل المزروعي وزير الطاقة، والدكتور علي المري الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية وسكوت كاين المدير التنفيذي لقطاع الأعمال في فيوتشر سيتيز كاتاباليت.
وأكد وزير الاقتصاد أن الابتكار يشمل مفاهيم عدة، لكنه في النهاية يمثل آلية لمواجهة التحديات، موضحاً أن هذه الحلول إما أن تكون جديدة غير مسبوقة، أو أنها مأخوذة من حلول وأفكار سابقة يجري تطويرها بهدف تعزيز آليات العمل والكفاءة في المؤسسات والشركات، وكلا الحلين يمثلان إضافة قيمة لهذه المؤسسات.
وقال المنصوري إن الابتكار يمكن فهمه باختلاف الثقافة والإمارات، تبنت هذا المفهوم وفق استراتيجية واضحة وميزانية كبيرة، ولا تهدف من ذلك إلى استنساخ تجارب الآخرين، وهي تمتلك رؤية 2021 لتحقيق هذه الأهداف التي تتطلع إليها.
وأكد وزير الاقتصاد أهمية تعزيز ثقافة الابتكار داخل مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية والربط بين القيادات العليا وبقية الأقسام، من خلال عصف ذهني، وتعزيز الاتصال بين مختلف الدوائر، موضحاً أن مكافأة المبتكرين لا تقتصر فقط على النواحي المادية، داعياً إلى تغيير الأنظمة في المؤسسات، بما يسمح بمزيد من المكافآت للمبتكرين.
فرص العمل
وحول تأثير الابتكار على فرص العمل في المستقبل، أشار وزير الاقتصاد إلى أن هناك فرصاً جديدة توفرها مبادرات الابتكار، ولن تؤثر في سوق العمل، كما حدث مع التكنولوجيا الحديثة التي خلقت آلاف الفرص في العالم.
وقال إنه، ومع هذه المتغيرات، هناك الكثير من التقنيات الحديثة، ومنها مثلاً «الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي يتوقع لها تأثيرات هائلة في مختلف القطاعات الاقتصادية، مشيراً إلى أن تبني مفهوم الابتكار لا بد أن يرافقه تطوير المنتج تجارياً، والاستمرار في التحسن ومواكبة المتغيرات».
ومن جانبه، قال وزير الطاقة سهيل المزروعي إن دولة الإمارات بهيكليتها الحالية، تمثل ابتكاراً، وهي تبنت هذه الاستراتيجية بدافع الحاجة إليها، أي أن الحاجة هي التي تقود الإمارات في هذا المجال، وليس بغرض التقليد أو الاستنساخ.
وأكد المزروعي أن رؤية القيادة تلعب دوراً فاعلاً في تحقيق هذا التوجه لدولة الإمارات، وهو فارق جوهري، فالإمارات لا تقارن نفسها بأي دولة في مجال الابتكار، ولديها نموذجها الخاص.
وأشار وزير الطاقة إلى أن هناك متغيرات كثيرة في العالم اليوم، ومنها تلك المتعلقة بدولة الإمارات، التي باتت اليوم أحد الموردين الكبار لأضخم الطائرات التجارية في العالم، سواء بوينغ أو إيرباص، كما أن الدولة هي اليوم ثاني أكبر منتج في العالم لأشباه الموصلات، بفضل استثماراتها الخارجية في هذا المجال.
توجه حكومي
وقال المزروعي إن هذا التوجه لدولة الإمارات يرتكز على استراتيجية واضحة المعالم، ونحن هنا لسنا منافسين لأحد، بل نسعى إلى رسم سياستنا بشكل مستقل، ولا نهدف إلى ابتكار كل شيء، فهذا مستحيل.
وأضاف أن الإمارات دولة مرتبطة بالعالم، ومنفتحة على الجميع، وهي تريد الابتكار بدافع الحاجة إليها، وهي مستعدة للتعاون مع الجميع في هذا المجال، مشيراً إلى أن توفير البيئة الدافعة للابتكار، وهذا نتعلمه من مؤسسات كبرى، مثل غوغل ومايكروسوفت، التي توفر بيئة عمل غير تقليدية تشجع على الابتكار.
وأشار إلى العديد من المبادرات التي تبنتها دولة الإمارات في هذا المجال، وخاصة في ما يتعلق بأنظمة المرور نحو الاستدامة وتعزيز فاعلية الطرق.
وأشار المزروعي إلى العديد من المزايا التي توفرها مبادرات الابتكار، والتي تتطلب أيضاً تأهيل وتطوير الموارد البشرية القادرة على التغيير، وخاصة الجيل الجديد من هذه الموارد، الذي سيستلم تلك الوظائف الجديدة وتزويده بالأدوات الملائمة التي تمكنه من التحرك وتحقيق الإنجازات والنجاح من خلال التعاون والتنسيق مع مختلف الجامعات والمعاهد ومختلف مؤسسات التعليم العالي، التي ترفد هذه المؤسسات بالخريجين الجدد.
وقال الدكتور علي المري إن المتغيرات العالمية تجعل من الابتكار التزاماً وضرورة، وليس خياراً، وهناك دروس يمكن تعلمها من القطاع الخاص الذي برع في هذا المجال، بفضل التخطيط الاستراتيجي.
تأكيد أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الإنجازات
أكد خالد المالك الرئيس التنفيذي لتطوير الأعمال في دبي القابضة، أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الإنجازات في المشاريع.
وأشار المالك في ندوة حول دور القيادة، الى أن النتائج والإنجازات في إدارة المشاريع، تتطلب أعلى درجات التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص، مع استمرار المراقبة والتخطيط، وتوظيف الموارد نحو تحقيق الإنجازات الفعلية.
وقال إن وجود شراكات فعلية بين القطاعين، كان عاملاً محورياً في إنجاز تلك المشاريع العملاقة في دبي، مشيراً إلى استضافة معرض إكسبو 2020، يعد مثالاً على هذه الشراكة، حيث لعب القطاع الخاص دوراً هاماً في نجاح دبي في استضافة الحدث العالمي.
تجربة
وأشار المالك إلى تجربة دبي القابضة وشراكتها مع القطاع العام في إنجاز المشاريع الضخمة، موضحاً أن مشروعاً عملاقاً، مثل دبي لاند، تصل مساحته إلى 3 مليارات قدم مربعة، وتزيد مساحته عن مساحة سنغافورة، تطلب أعلى درجات التعاون والتنسيق مع مؤسسات القطاع العام، ومنها هيئة كهرباء ومياه دبي وهيئة الطرق والمواصلات وشرطة دبي وبلدية دبي وغيرها.
وتندرج تحت مظلة دبي القابضة، مشاريع عملاقة، مثل قرية الثقافة ودبي لاند ومشروع جميرا بيتش ريزيدنس والخليج التجاري، وتم تنفيذها بشراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص.
وتمكنت تيكوم من جذب نحو 50 شركة عالمية عملاقة في مجمعاتها في دبي للإنترنت ودبي للإعلام، مثل غوغل ومايكروسوفت وسي إن إن، فيما تستقبل مجموعة جميرا للضيافة أكثر من 3 ملايين ضيف في مختلف منشآتها الفندقية المنتشرة في أوروبا وآسيا والإمارات.
أما دبي للعقارات، فقد طورت خلال السنوات الماضية 19.500 وحدة سكنية، وتدير اليوم 1.2 مليون قدم مربعة من مساحات التجزئة.
أما حي دبي للتصميم، المعروف أيضاً باسم 3 دي، فهو أحدث المجمعات الحيوية في تيكوم، وتم إنجاز المرحلة الأولى من المشروع الذي يضم 11 مبنى، وتم تسليمها للشركات المستأجرة.
وقال إن هذا النجاح في الشراكات يعني المزيد من الاستثمارات في المشروع، وخلق المزيد من فرص العمل، والمزيد من العلامات التجارية العالمية، وهو أمر نجحت فيه دبي في كثير من مشاريعها، بفضل رؤية قيادتها.
وأضاف أن مشاريع تيكوم للاستثمار، ومنها 11 منطقة حرة هي الأخرى أمثلة بارزة على نجاح هذه الشراكات.
وأشار إلى أن «مول العالم»، والذي سيبدأ تنفيذه قريباً، يعد أحد مشاريع دبي القابضة، وسيكون عنواناً لمشاريع المستقبل.
أكبر مركز هندسي في الطيران
وأشار ايان لاكلان نائب أول للرئيس قسم الصيانة والطائرات والهندسة في طيران الإمارات، إلى أن الناقلة اليوم في طليعة شركات الطيران العالمية، من حيث إدارتها لأضخم مشاريع الهندسة، حيث تمتلك مركز هندسياً عملاقاً، يضم 12 حظيرة صيانة، منها واحدة للطلاء، والباقي لمختلف أنواع الصيانة الخفيفة والثقيلة.
وقال لاكلان إن حجم الأسطول الضخم الذي تمتلكه طيران الإمارات، والبالغ 247 طائرة، وطلبيات مستقبلية تصل إلى 266 طائرة، تضع المزيد من التحديات في ما يتعلق بخدمات الصيانة والهندسة، خصوصاً أن كامل أسطول الناقلة هو من الطائرات عريضة البدن.
وأضاف أن الناقلة تنفذ اليوم في منشآتها الهندسية مختلف أنواع الصيانة الخفيفة والثقيلة، بما فيها عملية «تشيك سي»، وهي الصيانة الثقيلة، والتي تعني إزالة كامل قطع ومكونات الطائرة، حيث نجحت الناقلة مؤخراً في تنفيذ هذا النوع من الصيانة لطائرات إيه 380، وتطلب ذلك تحريك وتركيب 1600 قطعة، واحتاجت إلى أكثر من 60 ألف ساعة عمل، وأكثر من 120 شخصاً، واستمرت العملية لنحو 55 يوماً.
وأوضح أن الناقلة تمتلك قطع ومكونات تبلغ قيمتها اليوم 3.5 مليارات درهم، باستثناء المحركات، وتنفذ سنوياً أكثر من 90 عملية صيانة.
ويضم المركز الهندسي في طيران الإمارات 11 حظيرة صيانة، منها 4 للصيانة الدورية الخفيفة، و3 للصيانة الثقيلة وحظيرة للدهان.
ونفذت طيران الإمارات خلال خلال العام الماضي 106 عمليات صيانة، ما بين الصيانة الخفيفة والثقيلة، بما فيها عمليات الصيانة المعروفة «سي 3».
استراتيجية
أكد علي المري أن الإمارات، ومع إطلاقها لاستراتيجية الابتكار الخاصة بها، تبقى تحمل دافعاً هاماً، وهو حرص القيادة ورؤيتها في هذا المجال، فهناك الميزانيات المرصودة لذلك، وخطط الدوائر والمؤسسات والبيئة الملائمة التي تسعى الحكومة إلى توفيرها في مختلف المجالات، بما فيها تأهيل وتطوير المهارات والموارد والميزانيات المخصصة، لذلك، إضافة إلى أقسام ودوائر الابتكار التي باتت اليوم موجودة في مختلف الدوائر الحكومية.ودعا إلى تعزيز هذه المبادرات بإنشاء مكاتب خاصة للابتكار .
إدارة المشاريع في تنظيم الألعاب الرياضية
ناقشت إحدى الجلسات في المنتدى، إدارة المشاريع في مجال تنظيم وإدارة الدورات والألعاب والأنشطة والفعاليات الرياضية. وتحدث المشاركون في الجلسة عن أهمية الإصرار والتحدي ومواجهة الصعاب، وإيجاد أفضل الحلول للتغلب على المجال في المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة.
وقال توم توبر من اللجنة التنظيمية لسباق فولفو العالمي للقوارب الشراعية عبر المحيطات، إن السباق معروف على مستوى العالم، من خلال كونه من أصعب السباقات وأكثرها شراسة بالنظر لصعوبة التعامل مع مياه المحيط الشرسة وأمواجه المتلاطمة، والأهم من ذلك، أن السباق يستمر لمدة تسعة أشهر بدون توقف ليل نهار، حيث يصل المتسابقون إلى مختلف بلدان ومدن العالم، وهم متحمسون بالرغم من التحديات التي تصل إلى حد فقدان حياتهم في سبيل الفوز والتزيّن بأكاليل النصر.
وأكد توبر أنه لأجل الوصول إلى الفوز والنصر في هذا السباق، على المديرين القائمين على مثل هذا النوع من الفعاليات، أن يتحلّوا بالذكاء والقوة والإبداع، مثلما على المتسابقين أن يتمتعوا بالقوة البدنية والصبر وروح التحدي والإصرار على تحقيق الفوز والنصر.
وأشار توبر: «لقد تبنينا استراتيجية المزج بين الابتكار والذكاء، وذلك من خلال تقليل تكاليف المشاركة، بدون أن يتأثّر أداؤنا، بالإضافة إلى تنمية القدرات.
أهمية تكوين فرق عمل ناجحة
أشار مارك فوغيتس الرئيس التنفيذي في مركز جون غريل لقيادة المشاريع، إلى دور القيادة والحوكمة في نجاح المشاريع. وأشار فوغيتس خلال المحاضرة، التحديات الكبرى التي تواجه الإنسانية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وأهمية التعليم ومسؤوليته من أعلى القيادات وأدناها، مؤكداً أن سبب إخفاق بعض المشاريع هو التخلي عن الحوكمة. ودعا إلى التركيز على التغيير لإحداث ثورة، للحصول على أفراد مبدعين وممارسات مبدعة ومنتجات مبدعة.
وتحدث عن بعض المشاريع على مستوى العالم، وخاصة أستراليا، وأهمية تكوين فرق عمل ناجحة، وتدريب الأفراد على القيادة، مشيراً إلى التحديات التي واجهت قطاع النفط والغاز في أستراليا، من حيث تراجع الإنتاجية وارتفاع الكلفة، وكيف أمكن تخفيض التكاليف باستقطاب شباب مبدعين.
واشار فوغيتس الى تحديات القطاع الصحي في أستراليا.