قال خميس بوعميم رئيس مجلس دبي للصناعات الملاحية والبحرية، إن لجنة مختصة تقوم حالياً بمراجعة القانون البحري الاتحادي لدولة الإمارات وإعداد قانون جديد يواكب التطورات التي يشهدها العالم في مجال الصناعات البحرية ويكون أكثر ديناميكية من ناحية جذب الاستثمارات المستدامة وزيادة حجم الأعمال وخلق فرص عمل جديدة وتطوير البنية التحتية.
وقدر بوعميم في تصريحات صحافية على هامش قمة أبوظبي لتمكين القيادات الإماراتية الشابة في القطاع البحري، حجم الصناعات والخدمات البحرية في دولة الإمارات بنحو 61 مليار دولار تعادل ما قيمته 223.87 مليار درهم متوقعاً نسبة نمو تتراوح بين 12% إلى 17% خلال السنوات القليلة المقبلة.
وقال بوعميم الذي يرأس هذه اللجنة، إننا نعمل في دولة الإمارات على صياغة قانون بحري استثنائي وأكثر شمولية يستثمر الإمكانيات لكل إمارة تحت المظلة الاتحادية، لافتاً إلى أن القانون الجديد سيكون الأكثر تطوراً على المستوى الدولي ويتفرد بجمعه للتشريعين الإنجليزي والأميركي في المجال البحري وسوف سيحظى بثناء غير عادي عل المستوى الإقليمي والدولي وسيكون مشجعاً ومحفزاً للعاملين في الصناعات البحرية.
وأكد بوعميم في رده على سؤال حول الفرص المتاحة للكوادر الإماراتية في المجال البحري، أن المعرفة والابتكار يشكلان سمة من سمات القانون الجديد، مشيراً إلى أن مخرجات التعليم الحالية في دولة الإمارات عالية جداً والقطاع البحري يوفر فرص عمل للجميع من دون استثناء.
وأوضح بوعميم أن دولة الإمارات أصبحت نقطة ارتكاز عالمي للصناعات البحرية، حيث تمكنت الشركات والمؤسسات الإماراتية من تصنيع أفضل السفن والمنصات البحرية التي تضاهي ما تنتجه أكثر الدول تطوراً وتم تصدير بعضها إلى الولايات المتحدة وألمانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي.
لافتاً في هذا الصدد إلى 5 مشاريع تمت في الإمارات هي الأولى من نوعها في العالم وتشمل القائمة مشروعاً لتحويل سفينة تخزين وتسييل الغاز لإيطاليا وتحويل باخرتين هما الأولى من نوعهما للتحكم في تسريبات النفط والحد من المخاطر إلى الولايات المتحدة وبناء أكبر منصة لتجميع طاقة الرياح لصالح ألمانيا الاتحادية وتصنيع أكبر مستودع تخزين تحت البحر في بحر الشمال بطاقة 400 ألف برميل نفط بالإضافة إلى بناء أكبر برج تحكم لمشروع شل بريلدود الأسترالية.
وأكد بوعميم أن هذه المشاريع العملاقة أسهمت إلى حد كبير في تأهيل كادر إماراتي على درجة عالية من الاحترافية وفي جذب التكنولوجيا المتطورة والخبرات العالية والعوائد المالية الوفيرة.
وأشار بوعميم إلى أن مستقبل التجارة العالمية بدأ يشهد تحولات ملموسة، لافتاً إلى أن دولة الإمارات ستكون إحدى ركائز هذا التحول عن طريق إمارة الفجيرة التي ستشكل بموقعها الاستراتيجي المميز موقع ارتكاز حقيقياً للتجارة الدولية ليس فقط في تجارة النفط بل أيضاً في كل أنواع السلع.
قيادات دولية
وقد اختتمت «قمة أبوظبي لتمكين القيادات الإماراتية الشابة في القطاع البحري» أعمالها بنجاح، والتي استضافتها «أكاديمية تصنيف»، الذراع التعليمية لهيئة الإمارات للتصنيف «تصنيف»، في فندق سانت ريجيس السعديات بأبوظبي.
وجمعت خلالها مجموعة من أبرز القيادات الدولية والوطنية في المجال الملاحي والبحري مع طلاب الجامعات ورواد الأعمال المواطنين، لاستعراض الفرص الوظيفية والآفاق التجارية الكبيرة التي يقدمها هذا القطاع الاستراتيجي، والذي يحتاج إلى الكفاءات الوطنية بدرجة كبيرة من أجل ضمان استمرارية الصدارة الدولية التي حققتها دولة الإمارات في مجال الملاحة والتجارة عبر الحدود.
وقال المهندس راشد الحبسي، الرئيس التنفيذي لهيئة الإمارات للتصنيف، لقد «أطلقنا هذه القمة على هامش أعمال قمة أبوظبي الدولية للقيادات الملاحية والبحرية، لنستثمر حضور تلك القيادات ونضعهم وجهاً لوجه مع الكوادر الإماراتية الشابة التي نتطلع دخولها لهذا المجال، من أجل أن ننقل لهم الخبرة ونعزز فيهم الثقة بأنهم قادرون على تحقيق النجاح دولياً، وتعريفهم بالفرص الكبيرة التي يوفرها البحر لهم على الصعيد الوظيفي والتجاري».
كما أضاف الحبسي: «تنفق الشركات والمؤسسات العاملة في دولة الإمارات ما يزيد على 61 مليار دولار سنوياً على الخدمات المرتبطة بالقطاع البحري، مثل تسجيل السفن والتأمين والتمويل ورسوم أندية الحماية، والصيانة والتموين وغيرها من الخدمات، ولا تحظى المؤسسات الوطنية سوى بأقل من 15% من هذه العوائد، في حين تستحوذ شركات أجنبية تعمل خارج الدولة على نصيب الأسد».
تعزيز التوعية
وأعلن المهندس راشد الحبسي، البيان الختامي للقمة الذي ضم ثلاثة محاور رئيسة هي: دعم استراتيجية الإمارات الملاحية ومكانتها العالمية، تعزيز التوعية وتطوير الإعلام الملاحي، تحفيز التوطين في الوظائف والأعمال البحرية.
وشمل الإعلان توصيات بإطلاق العديد من المبادرات منها «مؤشر الإمارات لتوطين القطاع الملاحي» الذي سترعاه مجلة مراسي، المجلة الوطنية الأولى في مجال الملاحة والأخبار البحرية، والعمل على تأسيس «الملتقى الإماراتي البحري للشباب» برعاية تصنيف، ليكون منصة للتعارف وتبادل الخبرات وتقديم الدعم الاستشاري والمساندة، وتحفيز الشباب جميعاً ليسهموا منذ اليوم للتحضير للاحتفال الذي دعا إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد خمسين عاماً، عندما يتم شحن آخر برميل نفط من دولة الإمارات.
الشركات الوطنية
وقد شملت القمة مجموعة من العروض التعريفية التي قدمها قيادات الشركات الوطنية العاملة في مجال الملاحة، أبرزها العرض الذي قدمه عبدالله سعيد السويدي، الرئيس التنفيذي لشركة الحفر الوطنية، حيث وجه نداءه للشباب المواطنين قائلاً: «نحن نعدكم أن نقدم لكم أفضل الفرص الوظيفية والخبرات المهنية، من خلال برامجنا التدريبية المتطورة، وامتيازاتنا المادية المجزية، وخلال السنوات الماضية تمكنا من مضاعفة أعداد المواطنين في الشركة».
وفي ذات السياق أفاد خالد العامري، مدير المشتريات في شركة الجرافات البحرية الوطنية: «تقوم شركتنا بتغيير جغرافيا السواحل البحرية وتفتح طرقاً ملاحية جديدة وتبني الجزر الاصطناعية، وقد نجحت الشركة في قيادة أكبر مشروع تجريف بحري في العالم خلال العمل في مشروع قناة السويس الجديدة، من أجل ذلك نحتاج إلى الكوادر الوطنية بشكل كبير من أجل مواصلة هذا النجاح وترسيخ مكانة الإمارات كأكبر دولة متخصصة في خدمات التجريف البحري».
وأعلنت شركة الجرافات البحرية الوطنية عن استعدادها لرعاية ستة مواطنين سنوياً عن طريق تغطية مصروفات تعليمهم مع ضمان التوظيف في الشركة بعد التخرج في وظائف مرموقة.
منحة «دبي التجارية»
وأعلن المهندس محمود البستكي، الرئيس التنفيذي لدبي التجارية، عن «منحة دبي التجارية لرواد الأعمال الإماراتيين» للحصول على شهادة «المخلص الجمركي المرخص» التي تبني خبراتهم في مجال الشحن والتخليص الجمركي، وتساعد هذه الشهادة المخلصين الجمركيين ووكلاء الشحن، والتجار والمصنعين وشركات المناطق الحرة، ومزودي خدمات النقل واللوجستيات، حيث تقدم الشهادة فهماً شاملاً عن الأنظمة والقوانين الجمركية المتبعة في إمارة دبي.
صندوق خليفة
وقال أيمن العمادي، مدير دائرة بناء القدرات في صندوق خليفة: «يمثل رقم 61 مليار دولار الذي أعلن عنه كنفقات سنوية للقطاع البحري في دولة الإمارات مفاجأة لكل المعنيين بالتجارة والاقتصاد في الدولة، ولكنه في ذات الوقت يعد فرصة مثالية للمواطنين من أجل تأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يمكنها أن تستفيد من هذه الفرصة الاستثمارية الكبيرة، ونعد في صندوق خليفة كل شاب وشابة مواطنة يطمحون إلى تأسيس أعمالهم في هذا المجال بأن نقدم لهم الخبرة في إعداد خطة العمل، والتمويل اللازم من أجل إطلاق المشروع».
قصص نجاح مواطنات
تأكيداً على دور المرأة كمشارك رئيس في تنمية الإمارات، استضافت القمة مجموعة من الشابات المواطنات اللواتي يشغلن وظائف تقنية وتشغيلية مهمة في مجال الملاحة كانت في السابق محصورة على الرجال، حيث تحدثت عائشة المرزوقي، أول إماراتية تشغل رافعة حاويات في ميناء خليفة عن تجربتها، وكيف أنها أكسبتها الثقة والفخر بأن تسهم في خدمة بلدها في هذا القطاع الحساس الذي يفتح لها آفاق الطموح باتساع البحر الذي تطل عليه من غرفتها الزجاجية في الرافعة أثناء عملها.
50 %
قال عمر أبو عمر المدير التنفيذي لشؤون العمليات في «تصنيف»، إن نسبة التوطين في الهيئة ارتفعت إلى 50% وأن 60 من الكوادر الوطنية المؤهلة يعملون حالياً كمعاينين أو مهندسين أو إثبات لخرائط السفن، لافتاً إلى أن هذه الكوادر تم تأهيلها في تصنيف.
موضحاً أنه تم تأهيل أول معاين بحري وأول معاينة بحرية من الإماراتيين عام 2014، وأن الهيئة تخطط لابتعاث مواطنين إلى الخارج للدراسة في مجال الهندسة البحرية وميكانيكيا وتصميم السفن وهي من التخصصات النادرة والحيوية.