إنها «أسطورة الصحراء والجوهرة الرقمية وسط الرمال» هذا ما أضحت تعرف به دبي اليوم بعد سنوات قضتها بعيداً عن الأعين والأنظار وسط الصحراء في طرف شبه الجزيرة العربية الشرقي.. لتطوي بذلك صفحة من صفحات الماضي وتفتح صفحة أخرى زاهرة مع إشراقة اتحاد دولة الإمارات عام 1971 لتنفض عن نفسها غبار السنين ولتعلن عن بداية دوران توربين التنمية والتطور والرقي ولتواصل عطاءها الحضاري الذي بدأته منذ الألف الثالث قبل الميلاد.

ومع انطلاقتها المظفرة تبنت مدينة دبي مسيرة رحلة العودة القوية للحاضر متحصنة بالآمال التي عاشتها منذ شعرت بدفء الاتحاد وعاشت حلم التطور والرقي حتى غدت اليوم «أسطورة الصحراء والجوهرة الرقمية وسط الرمال».

وحينما قصد الرحالة الغربيون مدينة دبي في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين تحدثوا عن شظف العيش الذي كان منتشراً ولكن لم يشر أي منهم إلى أن إنسان المنطقة يمكن أن ينجز شيئاً ليأتي الرد من أهلها.. فاليوم في وسط مدينة دبي يرتفع برج خليفة شامخاً «أعلى برج على وجه الكرة الأرضية»، والذي يعتبر أحد أهم معالم الجذب السياحي في العالم وتم تصنيفه كواحد من أكبر 3 مواقع التقاط السيلفي أو ما يسمى بـ«الصور الذاتية في العالم» حسب موقع «اتراكشن تكس» السياحي.

ولم يقف طموح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عند إنشاء برج خليفة بل أراد أن تكون دبي أول مدينة ذكية ورقمية في المنطقة.

الأطر القانونية

ويقول وسام لوتاه المدير التنفيذي لمؤسسة حكومة دبي الذكية: «استكمالاً لاستراتيجية تحويل مدينة دبي إلى مدينة ذكية أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في نوفمبر الماضي عدداً من التشريعات والأطر القانونية المؤسسية إيذانا ببدء مرحلة جديدة من التطور النوعي في الإمارة عنوانها التحول إلى المدينة الأذكى عالمياً من خلال منظومة مؤسسية واضحة تشمل القطاعين الحكومي والخاص تتابعها وتطورها فرق عمل متخصصة لترسيخ مرجعية جديدة في التحول الذكي».

ويضيف: «وبفضل الرؤية الثاقبة لسموه تشهد مدينة دبي سباقاً في الابتكار وذكاء التكنولوجيا الرقمي، حيث تشهد المدينة ثورة في تقديم أفضل الابتكارات المعتمدة على أحدث التطبيقات الذكية التي تساعد على تقديم أفضل الخدمات وأسرعها دون عناء..

فلقد أصبح شرطي المرور رجلاً آلياً والتسوق يتم عبر المول الذكي وحتى الأشجار توفر خدمة»الواي فاي«وسيارة الجمارك برمائية إلى جانب السباق الذي يدور رحاه في المدينة بين دوائرها الحكومية لتقديم جميع خدماتها للعميل من خلال جهاز الهاتف الذكي وهو جالس في منزله أو في مكتبه دون عناء الذهاب والانتظار في الطوابير وغير ذلك.

ويشير إلى أن القيادة الملهمة والذكاء الحكومي يقودان دبي لتكون أول مدينة ذكية ورقمية في الشرق الأوسط وهذه الثورة الرقمية الكبرى لم تأت من فراغ ولم تكن محض صدفة بل هي إرادة قيادة جريئة تستشرف المستقبل وتريد أن تقوده لافتاً إلى أن هذه القيادة تمثلت بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي ألهم شعبه وألهم المقيمين في دبي والإمارات للعمل وفق مقولته الشهيرة»أن لا شيء مستحيلاً وأن البقاء للأفضل وأن المركز الأول للمجتهدين فقط«.

ويوضح أن هذه المقولات الحكيمة كانت ولاتزال نهج عمل يومياً يقوم به سموه على مدار الساعة وفي كل مكان بدون توقف أو كلل حتى استطاع أن يجعله ثقافة يومية لشعبه والمقيمين في الإمارات عموماً مؤكداً أن»مؤسسة حكومة دبي الذكية«تعد مبادرة رائدة على صعيد المنطقة تقوم على توفير وتقديم خدمات حكومية إلكترونية وذكية إبداعية لجميع فئات المجتمع.

وفيما يتعلق باستراتيجية مؤسسة حكومة دبي الذكية يقول المدير التنفيذي للمؤسسة:»تعمل مؤسسة حكومة دبي الذكية وفق استراتيجية واضحة.. استراتيجية حكومة دبي الذكية 2014-2017 «تحت مظلة»مبادرة دبي الذكية«والتي أقرها المجلس التنفيذي لإمارة دبي برئاسة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس وتنسجم مع التوجهات المستقبلية للحكومة وتستهدف تحقيق الرخاء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي للمواطنين والمقيمين بالإمارة وقطاع الأعمال الناشط فيها وزوارها من خلال تبسيط إجراءات تعاملاتهم الحكومية وتوفير طيف من القنوات الذكية تمكن المتعاملين من الوصول إلى الخدمات الحكومية بسهولة ويسر وعلى مدار الساعة.

4 محاور

ويضيف المدير التنفيذي لمؤسسة حكومة دبي الذكية أن الاستراتيجية تتألف من 4 محاور رئيسة و21 هدفاً استراتيجياً وتتكامل مع مبادرة»حكومة دبي نحو 2021«ومع مشروع تحويل دبي إلى المدينة الأذكى عالميا وتركز في مجملها على إسعاد المتعاملين وزيادة ثقتهم وزيادة وفورات الوقت والكلفة والوصول لنسبة 100% في توفير الخدمات على الأجهزة الذكية وتتضمن الاستراتيجية مبادرات ذكية ومميزة يتوجب تحقيقها في غضون 3 سنوات.

ويضيف وسام لوتاه:»في الماضي كان أقصى طموح للمدينة هو الربط بين أحيائها بالطرق الترابية الضيقة لكن الآن وتنفيذا لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد سيتم الربط والتكامل بين الجهات الحكومية بسحابة ذكية ومن هذا المنطلق أطلقت مؤسسة حكومة دبي الذكية في أكتوبر الماضي خلال مشاركتها في معرض جيتكس 2015 السحابة الذكية لحكومة دبي تماشياً مع طبيعة المرحلة الحالية التي تمر بها إمارة دبي للتحول نحو الحكومة الذكية والوصول إلى المدينة الأذكى عالمياً.

ويستطرد: «ستقدم السحابة الذكية بنية تحتية ذكية مشتركة تتيح لجميع الجهات الحكومية في إمارة دبي الوصول وبمنتهى السهولة إلى قائمة من موارد تقنية المعلومات التي تحتاجها تلك الجهات ما يوفر عليها النفقات المالية والجهد لبناء تلك الموارد بشكل منفرد وتهدف هذه المنصة لتوفير بيئة تشغيل مرنة افتراضية تغني كل جهة حكومية عن امتلاك بنية تحتية لتقنية المعلومات على حدة».

ويشير إلى أن تطبيق «دبي الآن» يعد المنصة الموحدة الأولى للخدمات الحكومية من خلال الأجهزة الذكية التي تغني المتعاملين من الجمهور عن التنقل بين المواقع لأن التطبيقات الحكومية الذكية تتيح لهم نافذة للوصول بعدد كبير من الخدمات الحكومية الذكية المختارة من 22 جهة حكومية مشتركة في التطبيق حتى الآن من خلال مجموعة الباقات الخدماتية التي يحتويها والتي يصل عددها إلى 53 خدمة حتى الآن بنيت على رغبات الجمهور وجرى تجميعها ضمن باقات فرعية مصنفة بدورها تحت 11 فئة.

تطبيقات ذكية

وحول مدى الإقبال على التطبيق يوضح المدير التنفيذي لمؤسسة حكومة دبي الذكية يشهد التطبيق المتوافر لمستخدمي أجهزة «آيفون وأندرويد» إقبالاً كبيراً ومتزايداً من مختلف فئات المتعاملين فقد أظهرت آخر الإحصاءات التي كشفنا عنها أن عدد مرات الدخول لتطبيق «دبي الآن» وصل إلى مليونين ونصف المليون مرة وأن عدد المتعاملين الذين قاموا بتحميله من متجري آبل وغوغل بلاي بلغ نحو 66 ألف مسجل حتى الآن.

منظومة

وسام لوتاه : التشريعات تؤشر لمرحلة جديدة من التطور النوعي

قال وسام لوتاه المدير التنفيذي لمؤسسة حكومة دبي الذكية: «أسطورة المكان تنبع هنا من تخطيط صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عندما حرص على وجود المدن الرقمية والذكية وسط تلك الأبراج والمباني العملاقة ليتناغم العلم والمعرفة مع الاقتصاد والمال فتبقى أفكاره تاج هامة دبي وبها تبقى دانة الدنيا».

وحققت دبي العديد من الإنجازات لدعم المدن الرقمية والذكية منها مدينة دبي للإنترنت والتي تأسست عام 1999 وقرية دبي للمعرفة والتي أنشئت في 2003 وانطلقت سلطة واحة دبي للسيليكون عام 2004 لاستقطاب المبتكرين والمبدعين في المنطقة والعالم وتحولت إلى حاضنة متطورة في التقنية.