لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

في محاولة لإيجاد مخرج لتفادي ارتفاع أسعار تذاكر السفر في مواسم الذروة سنوياً للأفراد والأسر المقيمة بالدولة بما يثقل كواهل أرباب الأسر، تشهد الإمارات تنامياً كبيراً ومتسارعاً خلال أعوام 2013 و2014 و2015 لظاهرة أطلق عليها في قطاع السفر والطيران «حجز تذاكر الصيف قبل الشتاء» بمعنى «الحجز المبكر» قبل نحو عام من تاريخ السفر الذي يؤدي إلى وفورات قد تتجاوز نسبتها 55% من أسعار التذاكر لمواسم الذروة خصوصاً في فترة العطلات الصيفية السنوية إذا ما تم الحجز قبل السفر بأسابيع قليلة.

وكشف استطلاع ميداني لـ «البيان الاقتصادي» أن نسب الإشغال على بعض رحلات الطيران بين الإمارات والعديد من العواصم العربية والآسيوية خلال شهري يوليو وأغسطس المقبلين (أي بعد 7 أشهر تقريباً) تجاوزت 60% وأن معدلات الحجز تشهد تسارعاً كبيراً يوماً بعد يوم خصوصاً من قبل المدرسين العاملين بالدولة وبعض المهن الأخرى.

وقدر مسؤولون وخبراء بقطاع السفر والسياحة معدل الزيادة الشهرية في أسعار التذاكر على رحلات الطيران المنتظمة خلال «صيف 2016» منذ تم فتح باب الحجوزات على هذه الرحلات في شهر يوليو الماضي حتى شهر يناير الجاري بنحو 7% شهرياً بنسبة ارتفاع إجمالية خلال تلك الفترة بلغت حوالي 40%.

الحجوزات المبكرة

وأشاروا إلى أن أبرز الوجهات التي تشملها «الحجوزات المبكرة» مصر والأردن والمغرب والفلبين والهند وباكستان، موضحين أن مواسم هذه الحجوزات تختلف من دولة لأخرى، وإن كان معظمها يدور حول شهور الصيف المقبل باستثناء الفلبين التي يعد موسم ذروة الحجوزات إليها في شهري ديسمبر ويناير من كل عام، لذلك من المنتظر أن تبدأ الحجوزات المبكرة للفلبين خلال الأيام المقبلة ليتم الحجز بأسعار منخفضة لشهر ديسمبر 2016 ويناير 2017.

ووفقاً للخبراء فإنه من الظواهر المهمة المصاحبة لـ «حجز تذاكر الصيف قبل الشتاء» ظاهرة شراء تذاكر السفر للبلد الأم بتمويلات مصرفية أو بتسهيلات في الدفع وضمانات تقدمها وكالات السفر والسياحة لتشجيع هذه النوعية من الحجوزات، مشيرين إلى انتشار نمط آخر للدعاية والتسويق لأسعار التذاكر الجوية لرحلات مباشرة وغير مباشرة عبر «مجموعات واتساب» التي أصبحت نافذة يمكنك أن تطلع من خلالها لحظة بلحظة على التطور بأسعار التذاكر خلال المواسم قبل موعد السفر بشهور عدة وتأتيك يومياً عشرات رسائل عبر «مجموعات واتساب» أنشأتها وكالات سفر وسياحة بالدولة قدرها البعض بأكثر من 40 «جروب واتساب للحجوزات الجوية».

خطة سنوية

وحول أسباب اللجوء للحجوزات المبكرة يقول أحمد محمد عبد العاطي (أستاذ بإحدى الجامعات الخاصة): «لدي أسرة مكونة من 8 أفراد وتشكل حجوزات تذاكر الصيف عبئاً ثقيلاً مما يضطرني لوضع خطة سنوية كل عام للتعامل مع هذا العبء نظراً لأنني لا أستطيع تمرير إجازة سنوية دون السفر لقضاء العطلة مع أسرتي وأسرة زوجتي مهما كلفني ذلك من مشقة».

تقليل الاغتراب

من جانبه يقول حسن بيوك «موظف بجهة حكومية»: «منذ قدمت إلى دولة الإمارات قبل حوالي 15 عاماً أقوم بالسفر إلي بلدي الأصلي مع أسرتي المكونة من 6 أفراد في العطلة الصيفية كل عامين تقريباً حتى أخفف حجم الإنفاق على السفر السنوي مع وجود العديد من الالتزامات الأخرى مثل الإيجار والمصروفات المدرسية والمصروفات المعتادة المتعلقة بالملابس والغذاء وغيرها.. حيث ساعدني على ذلك وجود عدد كبير من أقاربي وأقارب زوجتي في الدولة مما يقلل من حدة الغربة بالنسبة لنا في ظل وجود أماكن سياحية متميزة بالإمارات».

ويضيف بيوك: بعض وكالات السفر تسعى لجذب عملاء جدد عن طريق إغرائهم بتقديم تذاكر السفر للعطلات السنوية من خلال قروض مصرفية بالتعاون مع بنوك عاملة بالدولة، حيث يتم تسديد قيمة التذاكر من خلال دفعات شهرية تخصم من الراتب أو من خلال شيكات مصرفية.. إلا أن هذه الطريقة تتضمن تكلفة إضافية تكون مرتفعة نسبياً، وبالتالي فإنها تلتهم الوفورات التي يمكن الاستفادة منها من خلال الحجز المبكر للتذاكر .

ويضيف: أنا شخصياً لا أفضل حجز التذاكر السنوية بقروض مصرفية.

رأي مختلف

أما ياسر الشاعر (مدرس ثانوي) فله رأي مختلف، حيث يقول إنه لا يفضل الحجز المبكر لسببين يتمثل الأول في أنه يصعب عليّ توفير مبلغ الحجز المبكر الذي يقدر بنحو 20 ألف درهم لأسرتي المكونة من 9 أفراد نظراً لأنني من أصحاب الدخل المحدود وزوجتي ربة منزل.

وبالنسبة للسبب الثاني الذي يجعله غير متحمس للحجز المبكر فيقول الشاعر:«وما هي الضمانة التي تجعلني متأكداً من عدم تغيير موعد الحجز بعد شراء التذاكر مبكراً في حال تمكني من تدبير قيمتها؟».

ويضيف: من الوارد جداً أن تظهر بعض الظروف الشخصية أو الخاصة بالعمل أو بتعليم أولادي تجعلني مضطراً لتغيير مواعيد الحجز.. وفي هذه الحالة قد أضطر لدفع مبلغ إضافي قد يتراوح بين 2000 و5000 آلاف درهم بسبب الرسوم التي يتم دفعها في هذه الحالة على كل تذكرة سفر في حالة تغيير مواعيد الحجز.. لذلك أفضل الحجز مع اقتراب موعد سفري مع عائلتي حتى تكون لدي المرونة الكافية في اتخاذ قراراتي.

إلغاء الحجز

ويتفق محمد عبد الوهاب في الرأي مع الشاعر ويضيف: هناك مشكلة تتعلق ببعض أنواع الحجوزات المبكرة المنخفضة الثمن للأسف لا يوضحها لك معظم موظفي حجز تذاكر الطيران.. تتمثل في أن بعض التذاكر التي تعرض بأسعار مغرية جداً تكون أحياناً تذاكر ضمن مجموعات خاصة لذلك تكون رخيصة الثمن.. وتكمن المشكلة في أن هذه النوعية من التذاكر لا يمكن استرداد أي جزء من قيمتها في حال قررت إلغاء الحجز لظروف اضطرارية قبل السفر أو لم تتمكن من اللحاق باستقلال رحلتك المحجوزة لأي سبب .

ويقول عبد الوهاب: لقد تعرضت بالفعل لهذه المشكلة منذ 3 سنوات حينما تخلفت اضطرارياً عن رحلة عودتي مع أسرتي من القاهرة لأبوظبي بسبب حادث عطّل طريقي للوصول للمطار وكانت النتيجة أنني قمت بحجز تذاكر جديدة من المطار بأسعار مرتفعة.. وحينما راجعت مكتب السفريات لاسترداد الجزء المتبقي من التذكرة الذي لم أقم بالاستفادة منه فوجئت بأنني لن استرد أي شيء لأن التذكرة كانت مخفضة لأنها ضمن عرض.

ذروة

ارتفعت نسب الإشغال على بعض الرحلات خلال الصيف المقبل فبلغت حتى الآن حوالي 40% وعلى رحلات أخرى 25% حيث يرتفع فرق سعر التذكرة بين أبوظبي والقاهرة ذهاباً وعودة على الدرجة السياحية خلال فترات الذروة للتذكرة .

الشفافية والتنظيم ضمانة لتخطي السلبيات

أكد مسؤولون وخبراء بقطاع الطيران والسياحة أن فرصة «الحجز المبكر» توفر العديد من المميزات، وإن كانت تنطوي على بعض السلبيات التي يمكن التعامل معها بقدر أكبر من الشفافية والوضوح والتنظيم والتخطيط الجيد.

ويقول أسامة هارون مدير المكتب الإقليمي لشركة مصر للطيران لأبوظبي والعين إن هذه النوعية من الحجوزات لا تناسب كل الشرائح وأنها مناسبة أكثر للموظفين الذين يمكن تحديد موعد عطلاتهم السنوية قبل موعدها بشهور عدة مع محدودية احتمالات التغيير، وتناسب كذلك بالدرجة الأولى الموظفين الذين يعولون أسراً كبيرة تتراوح بين 6 و12 فرداً وهم يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع المحلي لذلك يكون الحجز في موعد فترات الذروة مشكلة حقيقية بالنسبة لهم.

ويوضح أسامة هارون: «من خلال الحجز المبكر يتم طرح الرحلات الجوية لشركات الطيران قبل حوالي عام كامل من موعد السفر لكل الدرجات والشرائح السعرية التي تشتمل على 11 شريحة سعرية في الدرجة السياحية فقط أدناها سعراً درجة يرمز لها بحرف (u) (يو) وأعلاها سعراً درجة يرمز لها بحرف (y) (واي).. فعلى سبيل المثال للراغبين في السفر يوم 15 يناير 2017 يفتح لهم باب الحجز اعتباراً من 16 يناير 2016، وبالتالي تكون الأسعار في البداية منخفضة جداً ثم تشهد تنامياً تدريجياً، فبعد اكتمال حجز المقاعد المخصصة للشريحة المنخفضة السعر يتم الانتقال تلقائياً للشريحة التالية الأعلى.. وهكذا حتى يتم الوصول للشريحة الأعلى سعراً وغالباً ما يكون ذلك قبل السفر في فترة الذروة بأسابيع قليلة».

ويضيف أسامة هارون: «بالنسبة للرحلات المنتظمة لشركة مصر للطيران بين أبوظبي والقاهرة فقد تم مضاعفة عددها من 9 رحلات إلى 18 رحلة أسبوعياً تجاوباً مع الطلب الكبير على السفر على هذا الخط المنتظم.. ونتوقع أن يتم رفع الطاقة الاستيعابية لبعض الرحلات في الصيف المقبل مع ازدياد الطلب عليها من خلال استبدال الطائرات المحددة لهذه الرحلات بطائرات أكبر في استيعاب الركاب».

  القروض المصرفية بديل لتوفير  ثمن التذاكر المجمعة

هناك صعوبات تواجه بعض العملاء عند قيامهم بالحجز المبكر تجعل بعض المسافرين يعانون منها، وفي مقدمتها الجانب المادي.

فكثير من الأسر التي تضم عدداً كبيراً من الأفراد تجد صعوبة في تدبير المبالغ المطلوبة لشراء تذاكر السفر لكل أعضاء الأسرة دفعة واحدة وتلحظ أن المبالغ المطلوبة كبيرة حتى في حالات العروض ورخص سعر التذكرة لذلك يلجأ الكثير من الأسر كبيرة العدد إلى الاستعانة بالقروض المصرفية أو الضمانات الشخصية من شركات السياحة أو من بعض المتعاملين في السفر بتقديم تسهيلات تخفف الأعباء عن المسافرين ليتمكنوا من حجز تذاكرهم دون الحاجة للانتظار لتوفر المبالغ المجمعة.

وتعمل الجهات المسؤولة في قطاع التعليم بالدولة على توفير مناخ صحي للتخطيط الجيد للإجازات السنوية وتقليل النفقات نتيجة وجود خطة واضحة لبدايات ونهايات الفصول الدراسية.

  الأسر الكبيرة الأكثر إقبالاً على الحجز المسبق

تقول أمل محمد عبد الوهاب مسؤولة حجوزات بمكتب «فيصل الهرمودي للسفر» إن ظاهرة «الحجز المبكر» بقطاع السفر جواً تشهد تنامياً عاماً بعد عام مع زيادة انتشار الوعي بين معتادي السفر السنوي خصوصاً من فئة الأسر الكبيرة العدد.

وتضيف أنه خلال الشهور الأربعة الماضية وحتى يناير وصلت نسب الإشغال على رحلات الصيف المقبل إلى أكثر من 60 % على العديد من الرحلات خصوصاً إلى الدول العربية.. ومن أكثر الجنسيات إقبالاً على الحجوزات المبكرة الفلبينيين والمصريين والأردنيين وكذلك الهنود والباكستانيين».

وتضيف أمل محمد: من أهم مميزات الحجز المبكر بالإضافة لانخفاض الأسعار هو وجود اختيارات متنوعة أمام العميل يستطيع من خلالها اختيار اليوم والتوقيت المناسب له ولعائلته وكذلك اختيار الشركة التي يفضلها والمدينة التي يرغب الإقلاع منها داخل الدولة.

 المفاضلة بين العروض حسب مكان الإقلاع

تحقق الحجوزات المبكرة لتذاكر السفر خلال أشهر الصيف العديد من المزايا للمسافرين، حيث تتيح للشخص أو الأسرة الراغبة في السفر العديد من الخيارات، كما تسمح للمسافر بالمفاضلة بين شركات الطيران والعروض المقدمة سواء مباشره أو غير مباشرة.

كما تمكنهم من التعرف إلى الأسعار والمفاضلة فيما بينها بحسب وجهات الإقلاع سواء كانت من أبوظبي او دبي او الشارقة او غيرها من الإمارات تبعاً لمواعيد الرحلات أو الوزن المتاح أو ساعات الترانزيت في حال ان كانت رحلة غير مباشرة.

كما تهتم شركات الطيران بطرح اسعارها المخفضة في وقت مبكر لجذب اكبر عدد من المسافرين، وتقوم شركات السياحة والسفر بالمنافسة فيما بينها بمشاركة أكبر عدد من عملائها بالأسعار المطروحة وليس هذا فحسب بل تعمل كل شركة على حدة بالتفاوض مع شركات الطيران للحصول على أسعار خاصة لعملائها.