تخطو الإمارات خطوات حثيثة إلى عالم المستقبل، حيث أعلنت دبي أنها ستكون المدينة الأذكى في العالم بحلول العام 2020، كما تقود مؤسسات مثل معهد مصدر جهود تطوير مصادر الطاقة المتجددة، وهناك بالفعل خطوات إماراتية جادة على طريق صناعة الروبوتات. فيما يبحث بعض رجال الأعمال عن شركاء تكنولوجيا مناسبين.

فصناعة الروبوتات التي يتزايد الاعتماد عليها عالمياً لا في مجال الصناعة فقط وإنما في جميع المجالات العسكرية والمدنية من صحة وتعليم وغيرها، وما زال هناك الكثير من الأمور لإنجازها في هذا المضمار في الإمارات السباقة دائما إلى التطوير..

حيث تتزايد أهمية الذكاء الاصطناعي في تحقيق قفزات نوعية، وتثور اليوم تساؤلات مستقبلية حول الروبوتات، ومساهمتها في تغيير شكل العالم الذي نعيش فيه، وكيف سيكون شكله بعد خمسين عاماً، وما هي أبرز الإنجازات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين مستوى الحياة وحل قضايا معقدة تواجهها البشرية.

خبرات

الخبير محمد الشامسي، الذي تم تكريمه كأول إماراتي مخترع لروبوت، يرى أن الروبوت لا يلغي الوظائف بل يساعد على تحسين مستوى الأعمال ورفع الأداء والقيام بالمهمات الصعبة والخطرة والروتينية المملة، وذلك في المجالات المدنية والعسكرية..

كما أن شركات تصنيع الروبوتات تتيح فرصاً للوظائف. واعتبر أن الآفاق لا حدود لها مثل الطيار الآلي في الطائرات والسيارات ذاتية القيادة، كما توجد استخدامات منزلية مثل تنظيف البيت والمراقبة، وأكبر سوق محلي للروبوتات هو في مجال تعليم الأطفال، حيث يبدأ الطفل بتعلم الرياضيات والفيزياء بمساعدة الروبوت،..

وهو أمر يطبق في الإمارات ومعتمد في التعليم الحكومي، وإن كانت المنتجات لم تزل تستورد من الخارج، ولكن مع توجه الحكومة لدعم الابتكار نأمل بتصنيع الروبوتات محلياً، ونحتاج من أجل ذلك إلى تطوير الكوادر الوطنية بدءاً من المراحل التعليمية الأولى.

يذكر أن لدى الشامسي رصيد جوائز محلية وعالمية كثيرة؛ إذ تم تكريمه ضمن أفضل 100 مخترع عربي، واحتل المرتبة الأولى في مسابقة كلية التقنية للروبوتات، والتاسع عالمياً في مسابقة اليابان، وصاحب الميدالية الذهبية على مستوى الخليج في الروبوت المبتكر..

كما له جائزتان في مسابقة تحدي الإمارات للإبداع، إضافة إلى ذلك؛ فقد ظفر الشامسي بمسمى «المنافس العربي الوحيد» في مسابقة المهارات العالمية في عالم الروبوتات. وقد تمكن من ابتكار «روبوت» قادر على تحويل إشارات الدماغ إلى حركات، وهو ما يساعد كثيراً من المعاقين، فبمجرد التفكير يتحرك «الروبوت» تلقائياً.

مبادرات محلية

وتعتبر نظرة دولة الإمارات لقطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي نظرة استراتيجية وجدية تدرك تماماً حجم الفرص الاقتصادية والعلمية الواعدة فيه، حيث أصبح أحد أهم ميادين التنافس العلمي بين أكثر اقتصادات العالم تقدماً. وإحدى أهم المبادرات المحلية في هذا المجال جائزتا الإمارات للطائرات من دون طيار والروبوت، التي اختتمت أول من أمس بجوائز تبلغ قيمتها 10 ملايين درهم.

وكان سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي قد أطلق «جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان» خلال فعاليات القمة الحكومية الثالثة في فبراير 2015، كإحدى مبادرات المجلس العالمي للروبوتات والذكاء الاصطناعي، الذي تم الإعلان عن تشكيله بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي خلال فعاليات قمة مجالس الأجندة العالمية التي استضافتها الإمارات.

ويضم المجلس نخبة من قادة الفكر من أكبر الجامعات وأهم الشركات والمؤسسات حول العالم، وذلك لتقديم الاستشارات حول أفضل الطرق لاستخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي لتحسين حياة البشرية والعمل على استراتيجية عالمية لاستخدام الروبوتات، في العديد من القطاعات الرئيسة.

وتعتبر «جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان» إحدى المبادرات الداعمة للابتكار، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية للابتكار التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لجعل الإمارات من الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم بحلول العام 2021،.

حيث تشكل هذه الجائزة منصة عالمية تعتبر الأولى من نوعها في التركيز على الابتكار في الجانب التطبيقي لهذه التكنولوجيا في القطاعات الأكثر أهمية وملامسة لحياة الإنسان، وهي الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.

شركات ناشئة

إحدى الشركات الناشئة في دولة الإمارات والعاملة في هذا المجال هي Junkbots التي تنتج أدوات تمكن الناس من صناعة روبوت من الأغراض اليومية مثل زجاجات المياه والأكواب والأسطوانات القديمة.

بجانب بناء الروبوتات، هناك العديد من المبادرات التي تهدف إلى تنمية اهتمام الصغار بمجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مثل مختبر غوغل للإبداع في أبوظبي Google-supported Innovation Lab، كما يقوم الباحثون في معهد البترول في أبوظبي ببحث إمكانية استغلال الروبوتات في مجال التنقيب عن النفط.

وتقوم أيضا جنرال إلكتريك بدعم هذا المجال، حيث أقامت ورشة عمل هي الأولى من سلسلة ورش عمل للطلاب بهدف دعم مهارات حل المشاكل والتفكير الإبداعي في مجال الهندسة والعلوم والتكنولوجيا، ودامت ورشة العمل 4 أسابيع، 5 جلسات، تم فيها تدريب الطلاب على أساليب الصناعة المتقدمة والطباعة ثلاثية الأبعاد 3D والتقنيات المختلفة لبناء الروبوتات.

تغير الطرق

ويقول ديفيد هورتون، رئيس الابتكار في شركة سينكرون إن التكنولوجيا الرقمية غدت تغير الطرق التي تقدم بها الشركات خدماتها وطرق تواصلها مع العملاء، وأصبحت عملية التحول الرقمي لنماذج الأعمال التقليدية تحقق النجاح بالفعل للعديد من الشركات مثل أوبر Uber وإير بي إن بي AirBnB.

وفي اليابان شهدنا بالفعل أول فندق يضم روبوتات بين فريق العمل. ونظراً لأهمية خدمة العملاء والحكومة الذكية، أصبحت تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات تلعب دوراً أساسياً في تطوير الخدمات.

ومن العقبات الرئيسة التي تواجه رجال الأعمال لتبني هذه التقنيات هي العثور على شركاء التكنولوجيا المناسبين لبناء مثل هذه الحلول، إضافة إلى أن التحول والأسلوب الجديد سيتطلب بعض الوقت وسيواجه بعض التحديات المتمثلة في الأنظمة والقوانين والسياسات التي سوف نحتاج إلى أن تتطور بمرور الوقت.

ترجمة التجارب

ويعتبر محمد الجهماني، المؤسس والمدير التنفيذي لشبكة «o2»، أن على الحكومة ترجمة التجارب إلى واقع وسن تشريعات وقوانين تساعد المبتكرين على تأسيس شركاتهم بأقل التكاليف؛ لأن صناعة الروبوتات تحتاج إلى مصاريف أكثر من المشاريع الرقمية، وإذا نظرنا إلى تكلفة تأسيس شركة ناشئة في دبي فإنها تعتبر عالية،..

من الأفضل أن يضع رائد الأعمال الاستثمار الذهني والمادي والإبداعي في ابتكاراته أكثر من تأسيس الشركة ومتطلباتها. وأهم من كل ذلك السماح للطلاب خريجي الكليات بتأسيس شركات صغيرة عند تخرجهم من دون الحاجة لاستئجار مكتب والمرور بالطرق التقليدية المكلفة لبدء مشروعاتهم، وأنا على يقين أن مثل هذه القوانين البسيطة الملموسة على أرض الواقع سيكون لها مردود كبير جداً.

زيادة الإنتاج وخفض تكاليف العمالة

كلما أثير الحديث عن تأثير التكنولوجيا في فرص العمل وشكل الوظائف، يُسارع خبراء الاقتصاد إلى سرد أمثلة تاريخية تسببت فيها التقنيات الجديدة بخسارة البعض لوظائفهم، غير أنها وفرت عدداً أكبر من الوظائف الجديدة، مثلما واكب تقليص صناعة العربات التي تجرها الدواب تأسيس مصانع السيارات. لكن في الوقت الراهن، لم يعد كثير من الخبراء على يقين بهذا الرأي.

ويرى خبراء أنه تتوفر الفرصة أمام المجتمع لمواجهة هذه التحديات بطرق تجعل التكنولوجيا قوة إيجابية في أغلب الأوقات. فإلى جانب دورها في القضاء على بعض الوظائف وجعلها جزءاً من الماضي، فإنها أضافت من دون شك إلى مهارات الأشخاص..

وحسنت من إنتاجيتهم، على غرار تأثير الإنترنت وبرامج معالجة النصوص في الأعمال المكتبية، ونظم الجراحة الروبوتية في الطب والجراحة. كما أن مزيداً من العمال المنتجين يجنون قدراً أكبر من المال، وينتجون بالتالي سلعاً وخدمات تحسن حياة الآخرين.

وأشار تقرير حديث أطلق خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس إلى أن الروبوتات وأجهزة الذكاء الاصطناعي ستحل محل 5 ملايين وظيفة بحلول عام 2020، والنساء سيكنّ الأكثر تضرراً.

إنتاج

وتوقعت دراسة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية أن تساعد الروبوتات على زيادة الإنتاج بنسبة 30% بحلول عام 2025 في عديد من المجالات الصناعية، إضافة إلى خفض تكاليف العمالة الإجمالية بنسبة 18%. وأوضحت الدراسة الميزة النسبية للاستعانة بالروبوت إذ إن الشركات تميل إلى البدء في الاستغناء عن العمال عندما تنخفض تكلفة امتلاك وتشغيل نظام آلي بنسبة 15 % عن تشغيل عامل.

وعلى سبيل المثال فإنه في مجال صناعة السيارات بالولايات المتحدة التي من المتوقع أن تصبح من أكبر الجهات منافسة في الاستعانة بالروبوت فإن ماكينة اللحام الفوري تكلف 8 دولارات في الساعة مقابل 25 دولاراً للعامل.

ومن المتوقع خلال العقد المقبل أن يتركز تركيب ثلاثة أرباع أعداد الروبوت في 4 مجالات هي معدات النقل -بما في ذلك قطاع السيارات- ومنتجات الكمبيوتر والإلكترونيات والمعدات الكهربية والآلات.

الأكثر إقبالاً

وقالت الدراسة إن دولاً بعينها من المتوقع أن تكون أكثر إقبالا على الاستعانة بالروبوت هي الصين والولايات المتحدة واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية التي تمثل الآن 80 % من مشتريات الروبوت ومن المتوقع أن تحافظ على هذه النسبة بالعقد المقبل.

وبحسب الاتحاد العالمي للروبوتات «آي أف آر» فإن الطلب العالمي على الروبوتات الصناعية وصل نسبة قياسية بلغت 168 ألف وحدة في 2013، ويتوقع الاتحاد أن تزداد مبيعات الرجل الآلي 5% كمعدل نتيجة لافتتاح أسواق استهلاكية جديدة في دول مجموعة البريكس وجنوب شرق آسيا ومنطقة الشرق الأوسط.

لكن هذه النظرة المتفائلة لا تنفي الشكوك العميقة في الطريقة التي سيسير عليها هذا النموذج في الوقت الحاضر، في ظل تداخل اتجاهين معاً بتطور التقنيات وتراجع المهارات وسوق العمل، فمن ناحية تطوّر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير خلال فترة وجيزة بالنظر إلى قدرة الآلات على التعلم، وليس فقط اتباع تعليمات مبرمجة، إضافة إلى استجابتها للغة الطبيعية والحركة.

وبالتأكيد توجد مهارات بشرية من المرجح ألا تحل الآلات مكانتها مثل الإدراك السليم والقدرة على التكيف والإبداع، كما أن بعض الوظائف التي تتم حالياً بشكل آلي غالباً ما تحتاج إلى مشاركة بشرية، مثل ضرورة استعداد الأطباء دائماً لمساعدة «طبيب التخدير الآلي».

مقهى

يذكر كثيرون ممن حضروا أسبوع جيتكس للتقنية 2015 كيف عرضت دبي أول نموذج مقهى للروبوتات في العالم، حيث يتم تقديم القهوة للزوار من قبل روبوت متخصص بهذه الخدمة.

وصممت المقهى شركة «ديجي روبوتيكس»، واختارت الإمارات لعرض المشروع نظراً لاهتمام الدولة بقطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي الذي يشهد حجم فرص اقتصادية وعلمية واعدة، وسط تزايد دور هذه التقنيات التي باتت تعد جزءاً أساسياً من حياتنا وتشهد تنافساً محتدماً بين القطاعات الاقتصادية المختلفة كالصحة والتعليم والصناعة والفضاء وغيرها للاستفادة من الميزات التي توفرها الروبوتات في مختلف الميادين.

تعزيز خطوط إنتاج الطائرات

يشير خبراء إلى أن الروبوتات أصبحت عنصراً ضرورياً لتلبية الطلب الضخم على الطائرات، والذي توقع تقرير صدر أخيراً عن مجلة «فايننشال تايمز» أن يصل إلى ما يقارب 12,000 طائرة لدى أكبر شركتين لتصنيع الطائرات في العالم وهما «إيرباص» و«بوينج»، أي ما يعادل ثمانية إلى عشرة أعوام من الإنتاج.

وأكد استطلاع عن الرؤية العالمية للتكنولوجيا والصادر عن شركة استشارات الإدارة العالمية «أكسينتشور» الارتفاع الكبير في الأتمتة، وخاصة ضمن صناعات الدفاع وصناعة الطيران.

وتعليقاً على ذلك، قال جون شميت العضو المنتدب الدولي لشؤون الطيران والدفاع العالمية في الشركة، إن التقرير يظهر توقع أغلبية المديرين التنفيذيين في قطاع النقل الجوي والدفاع زيادة في الاعتماد على الأتمتة والروبوتات في خط الإنتاج. وتماشياً مع هذا، فمن المتوقع أن نشهد تحولاً كبيراً في خبرات القوى العاملة في القطاع من متخصصين إلى قوى عاملة متعددة المهارات والخبرات.

وفي حين يعتمد قطاع الطيران عادة على منهجيات التجميع التقليدية، غير أنه يشهد توجهاً متزايداً نحو استخدام الروبوتات بقيادة «بوينج» و«لوكهيد مارتن» من أجل تنفيذ المهام التي تتطلب سوية عالية من الدقة، مثل طلاء بعض أجزاء الطائرات بالرذاذ الحراري بهدف تعزيز متانتها ورفع كفاءة الإنتاج. دبي - البيان

حلول روبوتية لعمليات تجميع «إيرباص»

جددت «إيرباص» في الآونة الأخيرة تأكيدها على التزامها بالاستثمار في الروبوتيات ضمن منشأة التجميع التابعة لها في مدينة موبايل بولاية ألاباما الأمريكية التي تبلغ قيمتها 600 مليون دولار..

وكذلك في إطار مشروعها الإسباني للأبحاث والتكنولوجيا «فيوتشاراسي». وتخطّط الشركة لأتمتة عمليات التجميع باستخدام حل روبوتي ينطوي على درجة عالية من التناغم والانسجام، معتزمةً رفع معدلات إنتاج طائرات «إيه 320» إلى 60 طائرة في الشهر.

وعلّق كورتيس كارسون، رئيس الأبحاث والتكنولوجيا في قسم الاستراتيجيات والأنظمة الصناعية لدى «إيرباص»، على الموضوع قائلاً: «نحن في»إيرباص«فخورون بالقفزات المدهشة التي حققّناها في مجال الروبوتات والأتمتة، والتي ساعدتنا على إطلاق مرحلة جديدة في صناعة الطائرات.

فعلى سبيل المثال، طرحت»إيرباص هيليكوبترز«أول جيل من الهياكل الخارجية الميكانيكية من منشأتها في مارينيان بفرنسا، وتعمل في الاستثمار لإيجاد تطبيقات أكثر تعقيداً للهياكل الخارجية الإلكترونية. كما بدأنا بتجارب إنتاج حلول متصلّة ذكية في إنتاجنا».

وأضاف: «ندرك أهمية الابتكار بوصفه عنصراً فائق الأهمية في النمو المستدام كجزء من رؤيتنا المستقبلية، ونحن نبحث بشكل مستمر عن أشكال جديدة لاستخدام الروبوتات والأتمتة دون التفريط بموظفيّنا . دبي- البيان