أكد معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة، الالتزام بالجدول الموضوع من قبل القيادة الرشيدة لتعزيز التنوع الاقتصادي والتحضير للانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط، مشيراً إلى أن الدولة تعمل على خفض الاعتماد على النفط والغاز كمصدر رئيسي للطاقة من 100 % في الوقت الحالي إلى أقل 70 % بحلول العام 2030.
فرص للاستثمار
وخلال كلمة ألقاها خلال الكلمة الرئيسية خلال افتتاح المنتدى العالمي للأعمال لرابطة الدول المستقلة بدورته الأولى، والذي تنظمه غرفة تجارة وصناعة دبي، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بعنوان «علاقات راسخة.. آفاق مستقبلية»، أشار معالي المزروعي إلى أن تراجع أسعار النفط والغاز يصب في مصلحة المستهلك النهائي، لكنه يشكل تحدياً لحكومات الدول المعتمدة على الثروات الطبيعية باعتبارها دولاً مصدرة، لكنه أكد أن ذلك يشكل فرصة للاستثمار في تطوير سلسلة التوريد للقطاع واستقطاب المستثمرين لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من كل برميل للنفط، بحيث يتم توليد الطاقة من النفط والغاز بتكاليف تنافسية، مما يحفز العديد من القطاعات والصناعات.
مؤكداً على أهمية تطوير قطاع البتروكيماويات على غرار ما قامت بها كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا، موضحاً أن استقطاب الاستثمارات إلى القطاع يتطلب وضع الأطر التشريعية المناسبة وتوفير الحوافز والإعفاءات الضريبية وحماية حقوق المستثمرين.
تحرير الوقود
ولفت معالي المزروعي إلى أن هبوط أسعار النفط شكل فرصة لتحرير أسعار الوقود، مشيراً إلى تجربة الإمارات في اتخاذ هذه الخطوة بكل شفافية وانفتاح على المجتمع، مما ساهم في نجاح تطبيق رفع الدعم عن الوقود، ومن ثم بادرت بعض دول الخليج باتخاذ إجراءات مماثلة،
وأشار المزروعي إلى أن تنظيم المنتدى العالمي للأعمال لرابطة الدول المستقلة في دبي يوفر فرصة مثالية للتواصل وتبادل المعارف والخبرات بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة والشركات والمؤسسات في منطقة رابطة الدول المستقلة، مؤكداً أن دولة الإمارات نجحت خلال السنوات الماضية بتطوير منظومة حكومية ومؤسسية فعالة أصبحت مثالاً يحتذى به في كافة أنحاء العالم.
ويجمع المنتدى مجموعة من صنّاع القرار ووزراء وكبار المسؤولين والقادة والرواد على خريطة الأعمال الدولية، بالإضافة إلى رؤساء المصارف وصناديق الاستثمار السيادية.
تجربة متكاملة
ورحب معاليه بالحضور في دبي مدينة السعادة، في دولة الإمارات دولة السعادة، مؤكداً أن دولة الإمارات نجحت بتقديم تجربة اقتصادية متكاملة ومنظومة حكومية ناجحة بفضل رؤية قيادتها الحكيمة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وحرصهما على استشراف المستقبل من خلال التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد لتنويع اقتصاد الدولة وعدم الاعتماد على النفط كمورد رئيسي للدخل.
تقارب وعلاقات
وأكد المزروعي أنه أدرك ومن خلال زياراته المتعددة لرابطة الدول المستقلة مدى التقارب والعلاقات الوثيقة بين هذه المنطقة وبين دولة الإمارات، ودعا هذه الدول للاستفادة من تجربة دولة الإمارات في التعامل مع الواقع الاقتصادي العالمي المتغير، نظراً لكون هذه الدول مصدرة للنفط والغاز أيضاً. كما نوه إلى أهمية تعديل الأنظمة والتشريعات لتتناسب مع المتغيرات العالمية، بالإضافة إلى توفير بيئة لحماية المستثمرين ومنع الازدواج الضريبي وتنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد على الموارد الطبيعية فحسب.
محاور وقضايا
واستضافت الجلسة الأولى تحت عنوان «علاقات التعاون المتغيرة - إعادة توجيه بوصلة أعمال رابطة الدول المستقلة» جان مارك بيتر شميدت، المدير العام لعمليات الدول والمدير التنفيذي للصيرفة في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمملكة المتحدة، ورسلان الخانوف، رئيس «شركة آرجو الاستثمارية» في روسيا، وأدار الجلسة المحاور والمذيع الدولي نك غوينغ. وناقشت الجلسة الواقع الحالي لرابطة الدول المستقلة ومدى إمكانية تطويره والتغلب على الصعوبات؛ حيث تشهد أسواق الاتحاد السوفييتي السابق تحالفات اقتصادية وعلاقات تجارية جديدة مع جميع المناطق المجاورة وغير المجاورة بدءاً من الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ووصولاً إلى الدول الواقعة على طريق الحرير.
واقع متغير
كما سلط المشاركون في الجلسة الضوء على علاقات التعاون المتغيرة بين دول المنطقة، وأجمعوا على أهمية الفوائد المتبادلة للعلاقة المتنامية بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة الدول المستقلة، وإمكانية الاستفادة من تجربة دولة الإمارات الرائدة على مستوى العالم، ومستويات التعاون الاقتصادي بين دول الخليج العربي.
ويتضمن جدول أعمال المنتدى العالمي للأعمال لرابطة الدول المستقلة 13 جلسة نقاشية تسلط الضوء على فرص الاستثمار المشتركة، وإحياء طريق الحرير، كما يناقش مقومات الواقع المتغير للتعاون الاقتصادي في رابطة الدول المستقلة، وطرق التجارة القديمة والفرص المستقبلية والتحالفات الجديدة بالاتحاد الاقتصادي الأوراسي، والتمويل الإسلامي، وطاقة المستقبل المستدامة، وتطوير ممر للنقل والخدمات اللوجستية بين الشمال والجنوب، وربحية استراتيجية التنوع الاقتصادي.
لقاءات أعمال
كما سيتيح المنتدى للمستثمرين عقد لقاءات أعمال ثنائية وتوقيع شراكات واتفاقات استثمارية بين الشركات في قطاعات مختلفة. وتضم قائمة المتحدثين في المنتدى كلاً من: معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة، وجمال ماجد بن ثنية، نائب رئيس مجلس إدارة شركة «موانئ دبي العالمية»، وعارف أميري، الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي، وغيث الغيث، الرئيس التنفيذي لشركة «فلاي دبي»، وجيرالد لوليس، الرئيس الفخري لمجموعة جميرا، وندا رضا، مدير الخدمات الاستشارية، المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، البنك الإسلامي للتنمية بالسعودية.
ومن المتحدثين الدوليين، كريستوفر هوبكنسون، النائب الأول لرئيس شركة «كازموناي غاز» في كازاخستان، وإيدان كاريبزانوف، مدير عام شركة «فيسر هولدنج» في كازاخستان وممد كريموف، مؤسس شركة «كازار فينتشر» في أذربيجان، وسامسون بخاكادزه، رئيس مجموعة «ويسول للبترول» في جورجيا، وباربرا ماينرت، رئيس فرقة عمل الاقتصاد الرقمي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ التابعة للأمم المتحدة بتايلاند.
علاقات تجارية
وخلال دراسة تحليلية أصدرتها غرفة تجارة وصناعة دبي، بالتعاون مع وحدة الإيكونوميست للمعلومات بعنوان "تطوير العلاقات بين دول الخليج ورابطة الدول المستقلة" ، استعرضت الغرفة تطور العلاقات الثنائية بين دول الخليج ورابطة الدول المستقلة، والتي تضم كلاً من أذربيجان وأرمينيا وبيلاروسيا وجورجيا وكازاخستان وقيرغيزستان ومولدوفا وروسيا وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، والتي شهدت في السنوات الأخيرةارتفاعاً في معدل الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى في كلا الاتجاهين، إلى جانب التطور في العلاقات التشريعية من خلال توقيع اتفاقيات خاصة بحماية الاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي الأمر الذي سيسهم في تعزيز مستوى النشاط الاستثماري في المستقبل.
ويوجد الآن عدد كبير من هذه الاتفاقيات، والتي جرى المصادقة على كثير منها أخيراً. ومن المتوقع أن تدعم هذه الاتفاقيات التبادلات التجارية في المستقبل. وكانت روسيا البيضاء الدولة الأكثر نشاطاً في تطوير علاقاتها التجارية مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولديها مجموعة كاملة من كلا النوعين من الاتفاقيات، تليها روسيا وأوزبكستان. أما من جانب دول مجلس التعاون الخليجي، فقد كانت الكويت والإمارات الأكثر نشاطاً.
ورغم عدم توقيع اتفاقيات تجارة ثنائية مع دول الخليج، إلا أن روسيا وست دول من رابطة الدول المستقلة هي أعضاء في منظمة التجارة العالمية، إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي. وتعد الاتفاقيات التي وقعتها دول الخليج مع رابطة الدول المستقلة أكثر من اتفاقياتها مع باقي المناطق التي تتمتع بحجم تبادل تجاري واستثماري أكبر من هذه الدول.
وأشارت الدراسة إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخليجية في روسيا في عام 2014 بلغت 37 مليون دولار أميركي فقط معظمها من دولة الإمارات العربية المتحدة. أما بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة الروسية في دول الخليج، فقد كانت أعلى، إذ وصلت إلى 165 مليون دولار أميركي في الإمارات وحدها عام 2014. وعلى الرغم من ذلك، فقد سجل حجم الاستثمارات الروسية انخفاضاً مقارنة بعام 2007، والذي شهد أكبر قدر من الاستثمارات بقيمة 902 مليون دولار أميركي.
ولا تشمل هذه البيانات على الأرجح الاستثمارات الخليجية في صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي (RDIF) المملوك للدولة، والذي تأسس عام 2011 لتوجيه رأس المال المحلي والأجنبي نحو الشركات النامية ومشاريع البنية التحتية. واستحوذت صناديق الثروة السيادية الخليجية على حصة الأسد من حيث الالتزام للصندوق الروسي؛ ووصلت إلى 19 مليار دولار. وتشمل هذه المبالغ تعهدات قدمتها الهيئة العامة للاستثمار في الكويت، والهيئة العامة للاستثمار في السعودية، ودائرة التمويل في أبوظبي وشركة مبادلة للتنمية وجهاز قطر للاستثمار.
التجارة
بلغ حجم التدفقات التجارية بين منطقة الخليج ورابطة الدول المستقلة 8 مليارات دولار عام 2014. واقتصرت الغالبية العظمى لهذه التدفقات على التبادلات التجارية الثنائية بين عدد قليل من الدول، وبشكل رئيس المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى، وبين دولة الإمارات وتركمانستان (والتي يعود جزء كبير منها إلى مشاريع «دراغون أويل»). واستحوذت هذه التبادلات التجارية الثنائية بين تلك الدول على الحجم الأكبر من إجمالي التبادل التجاري بين المنطقتين.
ورغم الحجم المتواضع لهذه التبادلات التجارية، إلا أنه هناك تطورات مشجعة، حيث يعتبر حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وروسيا مميزاً، فقد حقق نمواً بنسبة 31 بالمئة على مدى خمس سنوات و17 بالمئة على مدى عقد من الزمن. وكان نمو الصادرات الإماراتية إلى روسيا بنسبة 69 بالمئة والواردات الإماراتية من كازاخستان بنسبة 45 بالمئة من أبرز معدلات النمو التي شهدتها التبادلات التجارية بين المنطقتين.
وتشمل التبادلات التجارية قطاعات الأغذية والسلع المصنعة من رابطة الدول المستقلة والبتروكيماويات من دول مجلس التعاون الخليجي. وتمتلك التجارة في قطاع الأغذية أكبر فرصة للنمو، وخاصة مع تحسن الطرق التجارية، نظراً لاعتماد دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كامل تقريباً على الواردات ولأن روسيا وكازاخستان من أهم الدول المصدرة للقمح. وكانت المملكة العربية السعودية أحد أهم مشتري القمح الروسي ولفترة طويلة.
ومن أبرز المشاريع المشتركة بين المنطقتين الاستحواذ الذي قامت به شركة بترول الإمارات الوطنية (إينوك) في عام 1998 على حصة الأغلبية في شركة «دراغون أويل»، لتتولى بذلك تطوير حقل شيليكون، الواقع في الجزء الشرقي من بحر قزوين في أراضي جمهورية تركمانستان. وشكل ذلك أول استثمار خليجي في قطاع الهيدروكربونات في رابطة الدول المستقلة.
ومن جانبها، تستثمر شركة مبادلة للبترول في حقل حوض نور سلطان (Block N) في بحر قزوين عل سواحل كازاخستان منذ عام 2009، وذلك بالشراكة مع شركة النفط الحكومية «كاز موناي غاز».
تبادل تجاري
أكد ماجد سيف الغرير، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، في كلمته الافتتاحية أن المنتدى العالمي للأعمال لرابطة الدول المستقلة يوفر فرصة لتعزيز العلاقات بين دولة الإمارات ومنطقة رابطة الدولة المستقلة، فقد ارتفع حجم التجارة غير النفطية بين دبي وهذه المنطقة الاستراتيجية من 15.5 مليار درهم في عام 2011، إلى 20.8 مليار درهم في عام 2014، في حين بلغ خلال النصف الأول من عام 2015 نحو 7.8 مليارات درهم.
كما نوه الغرير إلى أن هذا المنتدى يجسد رؤية الغرفة الرامية إلى الارتقاء بمستويات التعاون مع كافة الجهات الحكومية والخاصة في العالم لتعزيز العلاقات المتبادلة.
قطاع الطاقة
يعتبر قطاع الطاقة الركيزة الأساسية لاقتصادات رابطة الدول المستقلة ودول الخليج، ويمثل أحد أهم مجالات التعاون بين الطرفين. وتستثمر منطقة الخليج، وبالتحديد دولة الإمارات في مشروعي نفط كبيرين في بحر قزوين، فيما تعمل الشركات الروسية في مشاريع استخراج النفط والغاز في كل من المملكة العربية السعودية وإمارة الشارقة، كما تنشط الشركات التي تقدم خدمات حقول النفط في كلتا المنطقتين. ويتوجب على دول الخليج ورابطة الدول المستقلة تعزيز التنسيق على المستوى الحكومي من أجل تطوير استراتيجيات خاصة لسوق النفط، وخاصة بعد تدهور أسعار النفط خلال الفترة الماضية.
82 مليون مسلم يرسمون أفقاً واعداً للتمويل الإسلامي
يعد التمويل الإسلامي أحد المجالات التي تشهد اهتماماً متزايداً في رابطة الدول المستقلة، نظراً لاحتضانها نحو 82 مليون مسلم، ويبلغ عدد المسلمين الذين يعيشون في روسيا 17 مليوناً يشكلون 12% من مجموع سكانها. وكانت كازاخستان أول دولة في رابطة الدول المستقلة تبادر إلى وضع تشريعات لتنظيم قطاع البنوك الإسلامية عام 2009.
وشكلت هذه الخطوة فرصة لإنشاء مصرف الهلال كازاخستان وذلك بحسب دراسة تحليلية أصدرتها غرفة تجارة وصناعة دبي، بالتعاون مع وحدة الإيكونوميست للمعلومات بعنوان «تطوير العلاقات بين دول الخليج ورابطة الدول المستقلة» والتي رصدت طبيعة العلاقات التجارية والمناخ الاقتصادي وفرص الاستثمار المتاحة بين منطقة دول الخليج العربي ورابطة الدول المستقلة، بالإضافة إلى استعراض أبرز الفرص الجاذبة للاستثمارات الخليجية والتي تتمحور في قطاعات الطاقة والخدمات اللوجستية والضيافة والعقارات.
وتطرقت الدراسة إلى التوسع الذي تشهده رابطة الدول المستقلة في قطاع التمويل الإسلامي وتتوقع أن تسهّل القوانين التي أقرت في الآونة الأخيرة العمليات المصرفية الإسلامية في رابطة الدول المستقلة. واقتصر دور البنوك الخليجية حتى هذا الوقت على القيام بدور استشاري فقط.
وأكد حمد بوعميم، مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، أن هذه الدراسة تأتي لتؤكد الدور الرائد الذي تلعبه الغرفة في تطوير بيئة الأعمال في دبي كونها المصدر الرئيسي للمعلومات، وتعكس مسؤولية الغرفة تجاه القطاع الخاص ومجتمع الأعمال بتوفير البيانات والإحصاءات حول فرص الاستثمار في الأسواق الجديدة الواعدة لتكون خارطة طريق أمام صناع القرار لتساعدهم على التخطيط السليم لمشاريعهم وخططهم التوسعية.
وأضاف بوعميم: «إن مثل هذه الدراسات والتقارير التي تحرص غرفة دبي على إصدارها بصفة دورية، من شأنها التأسيس لقاعدة بيانات تمنح القيمة المضافة والميزة التنافسية لبيئة الأعمال في دولة الإمارات ومنطقة الخليج ما يعزز من تواجدها الاقتصادي في الأسواق الناشئة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المجزية».
فرص استثمارية كبيرة
وتؤكد الدراسة أن السنوات المقبلة ستشهد بروز فرص استثمارية كبيرة، وذلك بفضل توجهات الخصخصة في رابطة الدول المستقلة، خاصة في كازاخستان وروسيا، كما تتوقع الدراسة لجوء بعض الحكومات التي تعاني انخفاض مستوى السيولة لديها، إلى جمع الأموال من خلال بيع بعض الأصول الحكومية للقطاع الخاص. وقد يزيد الانخفاض الأخير في أسعار عملات بعض دول رابطة الدول المستقلة من جاذبية هذه الأصول لدى المستثمرين، إلا أنه من المتوقع أن تنضج هذه الفرص الاستثمارية ببطء.
وتنشط الشركات الخليجية في المشاريع ذات الاتصال المباشر بالعملاء في رابطة الدول المستقلة، مستفيدة من خبراتها في الأسواق الخليجية في قطاعات مثل الضيافة وامتيازات قطاع التجزئة، حيث تدير شركة الشايع الكويتية مجموعة واسعة من العلامات التجارية في روسيا وأكثر من 300 متجر، بما في ذلك مقاهي ستاربكس، ومحال مذركير للألبسة ونيكست، والتي تنتشر في عدد من المدن الروسية، وفي الآونة الأخيرة، بدأت الشركة في التوسع إلى دول أخرى ضمن رابطة الدول المستقلة.
وفي قطاع الضيافة، تعمل مجموعة الجميرا، التي تتخذ من دبي مقراً لها، والتي تدير فندقاً في أذربيجان، على تطوير فندق جديد في مدينة سانت بطرسبرغ، والذي سيكون باكورة مشاريعها في روسيا.
جمال ماجد بن ثنية: خدمات موانئ دبي تصل إلى ملياري نسمة
أكد جمال ماجد بن ثنيه، نائب رئيس مجلس إدارة شركة «موانئ دبي العالمية» خلال الجلسة التي حملت عنوان «فرص جديدة - تطوير ممر النقل بين الشمال والجنوب»، أن موانئ دبي تقدم خدمات تصل إلى نحو ملياري متعامل، وهذا يفوق السوق المحلية بشكل كبير، وهو ما عزز من موقع موانئ دبي في السوق العالمية.
وبيّن بن ثنية أن موانئ دبي العالمية حرصت على إيجاد هذا الربط بين الشرق والغرب، كما أنها أوجدت طريقاً لربط شرق الصين بالغرب، وعملت على تطوير قدراتها وإمكاناتها لتلبية الطلب المتزايد على حركة النقل، والبحث بشكل دائم عن أفضل الفرص لتوفير الخدمات وفق أفضل المعايير؛ وأن طريق الحرير الجديد للتجارة يحمل الكثير من الفرص الاستثمارية في مجال النقل، وذلك من خلال ربطه منطقة الشرق الأوسط عبر دبي بموسكو ودول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الجديد.
بصمة دبي
وبين بن ثنيه أن العالم تطور بشكل كبير خلال الـ15 عاماً الماضية وتحول فيها عمل الحكومات من جهات لتشغيل الموانئ إلى جهات تنظيمية لعمل هذه الموانئ، ودبي حرصت منذ البداية أن تكون لها بصمتها في حركة النقل العالمية، فأسست في البداية مرفأي راشد ودبي، إلا أنه كان من الضروري لها أن تتجه نحو العالمية مع اختلاف ديناميات النقل، مع ظهور اتجاهات جديدة للتجارة، ولعب فيها موقع الشرق الأوسط دوراً مهماً في الربط بين الجهات التجارية والأسواق حول العالم.
وأشار بن ثنيه إلى أن حركة النقل العالمية ترتبط بأمور رئيسة تحكم نجاحها وهي التكلفة والتعريفات والعقبات التجارية التي تواجهها، ومن هنا ومع ظهور الصين فقط ظهرت أسواق جديدة تتحكم في حركة النقل، حيث إن انخفاض تكاليف الإنتاج في الصين دفع أميركا ودول الاتحاد الأوروبي للتوجه بصناعاتها للصين، وهذا ما يقود بدوره إلى إيجاد تأثيرات على الاقتصاد بشكل عام، وظهرت معها كذلك حركة جديدة للنقل بين الغرب والشرق عبر الشرق الأوسط، التي كان لديها فجوة في تلبية الطلب؛ وأتت دبي والإمارات عبر موانئها المميزة لسد هذه الفجوة وتقديم أفضل الخدمات.
وقال: «فكرت دبي في الاستفادة من حركة التجارة الجديدة وإيجاد طريق جديد في حركة التجارة لربط الشرق والغرب، وكذلك أوجدت طريقاً جديداً لحركة تجارية إضافية بين الشمال والجنوب، ولاسيما مع الظهور التجاري الكبير للدول الناشئة ودول رابطة الدول المستقلة، التي نرى أنها ستلعب دوراً كبيراً في حركة التجارة العالمية حالياً، بما تمتلكه من قدرات وإمكانات».
استراتيجيات متقاربة
وحول العلاقة بين دبي وموسكو بيّن بن ثنيه أن دبي وموسكو ودول رابطة الدول المستقلة تمتلك استراتيجيات اقتصادية متقاربة وتشكل حركة النقل فيما بينها أهمية كبيرة في تعزيز حركة التجارة العالمية، ولاسيما مع التغيرات الحالية في حركة التجارة التي كانت في السابق تركز بين الشرق والغرب، إلا أن حركة التجارة اليوم تأخذ خطاً آخر بالحركة التجارية بين الشمال والجنوب، التي ستشهد الكثير من التطورات والفرص الاستثمارية الكبيرة.
وأكد بن ثنيه أنه مع الأزمات الاقتصادية التي مر بها العالم عام 2008، فقد شهدنا تراجعاً في حركة التجارة في عام واحد وهو عام 2009، إلا أن حركة التجارة عادت إلى النمو مجدداً بعد هذا العام، ومازالت تشهد نمواً وتطوراً حتى العام الحالي؛ ولهذا فإنه رغم التغييرات الاقتصادية الحالية، وما يرافقها من انخفاض في أسعار النفط فإن حركة التجارة والاستثمارات سوف تستمر وتتواصل، والأسواق الناشئة والدول المستقلة تحمل فرصاً استثمارية كبيرة وواعدة رغم العقبات والتحديات.
النقل والزراعة والبتروكيماويات قطاعات واعدة في كازاخستان وأذربيجان
ناقشت الجلسة الثالثة لليوم الأول للمنتدى آفاق تعزيز الاستثمار الأجنبي واجتذاب الفرص في كل من كازاخستان وأذربيجان في ظل انخفاض أسعار النفط. وشارك في الجلسة كل من الدكتور سهيل باباييف، نائب وزير الاقتصاد والصناعة في أذربيجان، وراخيم أوشاكباييف، نائب وزير الاستثمار والتنمية في كازاخستان.
وأعرب المشاركون في الجلسة عن تطلعاتهم لاستفادة دولهم من تجربة الإمارات الواعدة في الحوكمة الإلكترونية، وكيفية تطوير أدواتها، بهدف تقديم خدمات سريعة للجمهور ووضع قوانين جديدة في مجال النفاذ إلى المعلومات.
بيئة جاذبة
وأوضح أوشاكباييف أن بلاده أعدت خطة استراتيجية طويلة الأمد لتأسيس بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية وقادرة على تنميتها من خلال وضع عدة إصلاحات، شملت رفع نسبة الشفافية والمساءلة في الحكومة، والتنويع وتطوير بيئة الأعمال، إلى جانب حماية الاستثمار والملكية الفكرية وتطوير علاقات كازاخستان مع الدول المجاورة واعتماد سياسات التعاون متعدد الأطراف.
وحول القطاعات الواعدة التي تنظر كازاخستان وأذربيجان إلى تطويرها، أفاد باباييف أن تنمية قطاع النقل من أهم الخطوات التي ستسهم في التنمية الاقتصادية، خاصة في ظل ارتفاع حجم التنقل عبر طريق الحرير الذي يربط بين رابطة الدول المستقلة، ومن المتوقع بحلول نهاية العام الجاري أن تفتح الطريق لوصول البضائع خلال 12 يوماً بدلاً من 45 يوماً كما كان يحصل سابقاً، وسيستفيد من هذه النقلة جميع البلدان الواقعة على طريق الحرير، مؤكداً أن هذا الحزام ليس فقط للنقل بل هو حزام اقتصادي يطور العديد من الخدمات.
بنية لوجستية
من جهته قال أوشاكباييف وضمن نفس الإطار إن كازاخستان تركز على تطوير البنية اللوجستية والنقل وستقوم باستثمار أكثر من 9 مليارات دولار مع عدد من المنظمات الدولية. كما أن طريق النقل البري الذي يمتد من أوروبا وحتى الصين يمكن كازاخستان من نقل بضائع من الصين إلى روسيا يصل حجمها إلى مليون طن سنوياً.
وتحدث المشاركون في الجلسة عن أهمية التنويع الاقتصادي في المرحلة الحالية، حيث أشار نائب وزير الاقتصاد والصناعة في أذربيجان أن دولته تعمل على تطبيق التنويع ولكن بصورة تدريجية، وتتضمن القطاعات التي تعتمد عليها في هذا المجال الصناعات البتروكيماوية ومعدات النفط والزراعة وتصنيع المواد الغذائية وقطاع السياحة.
دعوات إلى تنويع الاستثمارات بعيداً عن الصناعات المرتبطة بالطاقة
أجمع المتحدثون في جلسة خاصة بعنوان «الشركات الناشئة متعددة الجنسيات – هويتها وطبيعتها ومستقبلها»، على ضرورة توجه صغار رجال الأعمال وشركات القطاع الخاصة الناشئة لتنوع مصادر استثماراتهم والحد من الاعتماد الكلي على الصناعات المرتبطة بشكل مباشر بمصادر الطاقة الطبيعية مثل النفط والغاز وذلك لعدم التأثر الحاد بارتفاع وهبوط الأسعار وفق آلية العرض والطلب العالمي.
وناقشت الجلسة إمكانات القطاع الخاص الناشئ في تعزيز بيئة الأعمال في أسواق رابطة الدول المستقلة. وشارك في الجلسة كل من إيدان كاريبزانوف، مدير عام شركة «فيسر هولدنج»، كازاخستان، وممد كريموف، مؤسس شركة «كازار فينتشر»، أذربيجان، وسامسون بخاكادزه، رئيس مجموعة «ويسول للبترول»، جورجيا، وأدارها: كريس ويفر، الشريك المؤسس في شركة «ماكرو الاستشارية».
مناخ استثماري
واستعرض إيدان كاريبزانوف تجربة كازاخستان في إجراء تعديلات إصلاحية قامت بها الحكومة على البيئة الاقتصادية في البلاد، مؤكداً أن المناخ الاستثماري في كازخستان أصبح جاذباً للعديد من رؤس الأموال الباحثة عن مصادر استثمارية متنوعة، ونوه بأن أغلب الاستثمارات الحديثة في كازخستان تتجه أخيراً إلى قطاع الزراعة.
ومن جهته أوضح ممد كريموف، أن قوانين الاستثمار التي وضعتها الحكومة في أذربيجان سابقاً كانت إلى حد ما تعيق من فرص التوسع والنمو للشركات الناشئة خاصة فيما يتعلق بأمور الخدمات اللوجستية والتخزين والتوظيف وغيرها، ويؤكد كريموف أن أذريجان الآن، وبعد إصدار التشريعات الجديدة، أصبحت تمتلك بيئة استثمارية تمهد لنمو الأعمال أمام الشباب من خريجي الجامعات.
وشدد كريموف على أهمية الدور الذي يلعبه مكتب غرفة دبي في العاصمة الأذربيجانية في تعزيز جسور الشراكة التجارية بين البلدين. وحول الفرص الاستثمارية التي توفرها جورجيا، أكد سامسون بخاكادزه، أن جورجيا خطت خطوات إصلاحية واسعة في السنوات الأخيرة متبعة سياسة الاقتصاد المنفتح على العالم، منوهاً بأن صناعة الفولاذ تعتبر من أكثر الصناعات التي شهدت نمواً وتطوراً ملحوظاً في جورجيا. وأشار إلى الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التي شهدتها جورجيا والتي وصفها بأهم العوامل التي أسهمت في إحداث حركة اقتصادية إيجابية، حيث قامت بإلغاء ضريبة الدخل على الاستثمارات.
الطيران الاقتصادي يعزز التبادل الاستثماري والتجاري
تشكمل رحلات الطيران الاقتصادي أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تطوير العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين دول الخليج ورابطة الدول المستقلة. حيث ساهمت شركات النقل الخليجية بانفتاح رابطة الدول المستقلة على دول الخليج. وإلى جانب رحلات المتابعة التي توفرها هذه الشركات من أهم المدن الخليجية، فإنها تربط الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة بأجزاء أخرى من العالم، مثل آسيا وأفريقيا.
وتمثل شركات الطيران الاقتصادي الإماراتية حلقة الوصل الرئيسة بين المنطقتين؛ إذ تسير «العربية للطيران» رحلات جوية إلى أرمينيا وكازاخستان وروسيا. وتمتلك «فلاي دبي» 19 وجهة في مختلف أرجاء رابطة الدول المستقلة، منها 9 مدن روسية، مثل كازان وروستوف أون دون وايكاترينبورغ، و 10 وجهات في دول أخرى. وتعد «فلاي دبي» شركة الطيران الخليجية الوحيدة التي تسير رحلات إلى طاجيكستان. وبفضل هذه الشبكة، تربط «فلاي دبي»، إلى جانب رحلات المتابعة التي توفرها شركة «طيران الإمارات» إلى العديد من دول الرابطة مع بقية أرجاء العالم، وخاصة أفريقيا وجنوب آسيا.
وتنشط الشركات اللوجستية الخليجية في النقل البري، والذي يسهل بدوره التدفقات التجارية. وتمتلك شركة «موانئ دبي العالمية» أقوى حضور في كازاخستان، فقد تولت إدارة طريق شحن جديد، يجمع بين طريق الحرير التاريخي والطلب الحديث، ويربط بين الصين وأوروبا الشمالية.
آفاق
خبراء يؤكدون أهمية التوجه للاستثمار في الطاقة البديلة
أكدت جلسة «طاقة المستقبل بعد عصر النفط» على أهمية البحث عن مصادر جديدة للطاقة للاستثمار فيها والتوجه نحوها للتخفيف من الاعتماد على النفط، والذي يواجه خطر النفاذ يوماً بعد يوم بالنفاذ إضافة إلى أزمته الحالية التي يمر بها وهي تراجع الأسعار بنسب كبيرة وعدم التوقعات بانتعاشه في المدى المنظور القريب، وذلك حسب التصريحات الرسمية والتي تتوقع عدم استقرار أسعار النفط إلى سنوات مقبلة ما يؤدي إلى تخفيض الكثير من الدولة لنفقاتها ومصاريفها في القطاعات التنموية المتنوعة.
وتحدث في الجلسة التي أدارها كريس ويفر، الشريك المؤسس في شركة «ماكرو الاستشارية» كل من كريستوفر هوبكنسون، النائب الأول لرئيس شركة «كازموناي غاز»، من كازاخستان، وستيفن جيجر، رئيس، اينوفا بارتنر، الولايات المتحدة الأميركية.
وبين كريستوفر هوبكنسون أن الطاقة المتجددة والبديلة اليوم تشكل فرصة كبيرة ومهمة للانتقال إليها والاعتماد عليها بدلاً من النفط والغاز، إلا أن هذا التحول يواجه تحديات كبيرة تتعلق بتحدي الأسعار والتشريعات والبيئة المناسبة للتحول لهذه الطاقة التي تشكل اليوم وأكثر من أي وقت مضى حلاً عملياً لمواجهة الأزمات التي تحدث مع كل تقلب للأسعار والتي حدثت مرات كثيرة عبر التاريخ وفي أوقات مختلفة.
تعاون
مليارا دولار تجارة الدولة مع روسيا 2015
أشار ألكسندر إيفيموف، السفير الروسي لدى الدولة، إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والإمارات بلغ ملياري دولار 2015، مقارنة مع 3 مليارات دولار في 2014، وأوضح أن الانخفاض يأتي نتيجة تراجع سعر صرف الروبل مقابل الدولار وليس نتيجة تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين، متوقعاً نمواً في حجم التجارة البينية خلال الفترة المقبلة.
وأشار إيفيموف إلى أن السنوات الماضية شهدت التوقيع على مذكرات تفاهم بين الهيئة الروسية للاستثمار الأجنبي ومبادلة بقيمة تناهز 7 مليارات دولار عام 2013، بما يشكل إطار عمل لحزمة من المشاريع، وخلال بداية العام الجاري تم توقيع اتفاقية مع تعاون بقيمة ملياري دولار للتعاون في مجال البنية التحتية والموانئ والطرق مع موانئ دبي، وسيتم من خلال مشاريع مشتركة إدارة الموانئ الروسية في شرقي البلاد وبحر البلطيق والبحر الأسود.