تعتبر رياضة القنص بالصقور أو »رياضة الملوك« من أشهر أنواع الرياضات التي عرفها أجدادنا منذ قديم الزمان في شبه الجزيرة العربية، وقد توارث أبناؤنا حتى يومنا هذا محبة هذه الرياضة، حيث مازالت تحتفظ بقيمتها في عصرنا الحالي وتعد من الرياضات الرائدة والتي ساهمت بنقل الإرث العربي إلى العالم.

ونظراً لأهمية رياضة القنص بالصقور وما تحمله من إرث حضاري لدولة الإمارات، فإن العمل على تطويرها أمر هام جداً لمواكبة الطفرة الهائلة في التكنولوجيا وعالمنا الحديث.

ولذلك عزمت المهندسة الإماراتية علياء الشامسي على العمل مع شركة »مارشال راديو تيليمتري« المتخصصة في تطوير أجهزة التتبع للصقور والمتخصصة في تطوير أجهزة الإرسال لتحديد المواقع، على تطوير أول تطبيق iOS لتتبع وتدريب الصقور باسم »إيروفيجين« Aerovision.

حيث لاحظ الطرفان أن أنظمة التتبع المتوفرة كانت غير كافية لتوفير تجربة قنص متكاملة، فهي تعمل على تحديد وجهة الطائر فقط للتمكن من اللحاق به في حال ضياعه، ولا توفر أي معلومات أخرى مثل مسار الطائر وارتفاعه وأدائه وغيرها من التفاصيل التي تتيح للصقار الحصول على تجربة قنص ممتعة وتطوير أداء طيره.

وبدأت علياء بتطوير تطبيق »إيروفيجين« وتزويد شركة مارشال بمعلومات دقيقة عن احتياجات صقاري المنطقة، ليتم تعديل أجهزة التتبع بشكل يتناسب مع هذه الاحتياجات، ولذلك فقد أجرت علياء العديد من الاختبارات للتأكد من موافقة الأجهزة المصنعة للمواصفات والمعايير التي تتطلبها هذه الرياضة في الإمارات.

وتعليقاً على استخدام التطبيق قال ستيف شندجرين من الولايات المتحدة الأميركية: يعد استخدام تطبيق »إيروفيجين« بمثابة نقطة تحول كبيرة في تجربة القنص بالصقور.

لم أعتقد يوماً أن بإمكاني مراقبة أداء طائري بالكامل. بالنسبة لي يعد »إيروفيجين« مصدراً لراحة البال التي لم أشهدها من قبل، حيث بإمكاني تتبع طائري في كل مكان وقياس سرعته وارتفاعه وتطور أدائه بكل سهولة. والآن بفضل »إيروفيجين« وإمكانية قياس أداء طائري وتطويره لا أستطيع الانتظار لتحطيم رقم سرعة 200 ميل بالساعة.

وتنتمي علياء إلى عائلة تهوى رياضة الصيد بالصقور وعرفت منذ نعومة أظافرها باهتماماتها التكنولوجية، فتوجت هذا الحب بدراستها لهندسة الكمبيوتر بجامعة الشارقة. وهناك اشتركت بمسابقة أقامتها شركة اتصالات واحتلت فيها المرتبة الأولى على مستوى الدولة في تطوير تطبيق دليل المدينة على أجهزة الهاتف المحمول في عام 2002 ..

حيث لم تكن أدوات برمجة الهواتف الذكية متوفرة بسهولة آنذاك، كما ساهمت بالعمل الفردي في الحلول التقنية لإحدى كبرى الشركات مثل دوبال وشلمبرجر. لدى تخرجها تابعت علياء مشوارها المهني والتقني، وبعد أكثر من 10 سنوات خبرة في مجال الحوسبة والبرمجة أسست شركة برمجيات خاصة بها لتطوير التطبيقات والبرمجة المتخصصة لمجالات عدة.

طورت علياء تطبيق »إيروفيجين« على نظام أبل iOS فقط، وتم نشره على »آبل ستور« ليتم استخدامه على أجهزة آيباد وآيفون. وقد استغرق التطبيق حوالي شهرين فقط من التطوير، وبدأت الموجة الأولى من الاختبارات في يوليو الماضي حيث شارك في الاختبار حوالي 300 صقّار من بريطانيا وأسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة.

على سبيل المثال تم اختبار التطبيق في مزارع التوت العضوية في أميركا، حيث تم إطلاق الصقور فوق هذه المزارع لإخافة الغربان وإبعادها عن المزارع، وقد حقق التطبيق نتائج مذهلة في قياس أداء الصقور وتحديد اتجاهاتها فوق المزارع والعمل على تطوير أدائها للأفضل.

ثورة حقيقية

ويعتبر إطلاق تطبيق »إيروفيجين« ثورة حقيقية في عالم رياضة الصقور، حيث تمكِّن من جمع حداثة التكنولوجيا بعراقة الإرث الإماراتي، وسيساهم في إحداث نقلة نوعية في هذه الرياضة واتخاذ من الإمارات مقراً لانطلاق هذا التطبيق المبتكر للعالم بأسره.

ومن الجدير بالذكر أن علياء قد أثنت على سهولة عملية تطوير التطبيق على نظام iOS والدعم الكبير الذي تلقته من فريق أبل لإكمال عملية التطوير في الوقت المناسب. وأضافت الشامسي: »ساهم Apple App Store منذ إطلاقه عام 2008، على إيجاد آلاف فرص العمل وتشجيع الشباب الإماراتي على الإبداع والابتكار لتطوير تطبيقات تساهم في تحسين المجتمعات وجعل حياتنا أكثر سهولة وعمليّة«.