شهدت مناقشات جلسة الاستعراض الثالث للسياسات التجارية للإمارات إشادة دولية بالتقدم الملحوظ في سياسة الدولة منذ المراجعة السابقة، والتي ترتكز على جهودها في عملية التنويع الاقتصادي، وانتهاج سياسة تجارية مرنة، وتنمية قطاعات حيوية تتماشى مع رؤيتها، وتطوير مجالات التكنولوجيا والتعليم والسياحة والابتكار وقطاع التجارة الإلكترونية، ونسبة مساهمة المرأة في ميدان العمل، الذي يمثل أعلى نسبة في المنطقة.

وتركز عملية الاستعراض الثالث للسياسة التجارية لدولة الإمارات على إيضاح الممارسات والإجراءات المتعلقة بالسياسة التجارية للدولة، من خلال تبيان الممارسات ذات التأثير المباشر على الواردات والصادرات، إضافة إلى الممارسات المؤثرة في الإنتاج والتجارة.

وكانت انطلقت بمقر منظمة التجارة العالمية في جنيف، أول من أمس، عملية الاستعراض الثالث، بحضور الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، حيث ترأس وفد الدولة، معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، بحضور عبيد سالم الزعابي السفير المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، إلى جانب عبد الله بن أحمد آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة.

كما ضم وفد الدولة، ممثلين عن 14 وزارة وجهة وهيئة اتحادية ومحلية، للرد على أكثر من 260 سؤالاً واستفساراً موجهاً من مختلف دول العالم، واستندت الدول في طرح أسئلتها إلى التقرير الذي أعدته حكومة الإمارات، والتقرير الذي تعدّه سكرتارية المنظمة عن مختلف التشريعات والقوانين والإجراءات المتصلة بتجارة السلع والخدمات، في إطار المراجعة الثالثة للسياسة التجارية لدولة الإمارات.

اهتمام بالغوخلال كلمته الافتتاحية لأعمال الاستعراض الثالث للسياسة التجارية لدولة الإمارات، والذي ترأسته سفيرة هونغ كونغ، الصين، بصفتها الرئيسة الحالية لجهاز مراجعة السياسات التجارية في المنظمة، قال معالي وزير الاقتصاد:

إن دولة الإمارات تولي اهتماماً بالغاً بعملية مراجعة السياسات التجارية، لما تقدمه من فرصة مميزة لإطلاع أعضاء منظمة التجارة العالمية على الوضع الحالي لاقتصادنا وسياساتنا التجارية، بما يعكس الإنجازات المتحققة على مدار الأعوام السابقة.

وأضاف: «إن المراجعة تتيح لنا أيضاً الفرصة لتقييم السياسات التجارية والاقتصادية المتبعة حالياً، وتبادل التوجهات المستقبلية، وهو ما نراه إجراء رئيساً لخدمة الأهداف الأساسية التي نشأت من أجلها منظمة التجارة العالمية».

شوط كبير

وأكد المنصوري أن دولة الإمارات، قطعت شوطاً كبيراً على طريق استيفاء شروط استدامة النمو الاقتصادي، إذ بات الاقتصاد الوطني أقل اعتماداً على الموارد النفطية كمصدر للإيرادات، حيث يشكل النفط اليوم حوالي 30 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وهذه النسبة في تراجع مستمر، بالتوازي مع زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية غير النفطية، ومن أبرزها قطاع التجارة الخارجية للدولة.

تعزيز التجارة

وأشار المنصوري في كلمته، إلى اهتمام الدولة بتعزيز قطاع التجارة الخارجية، من خلال مواصلة انتهاج وتنفيذ سياسة تجارية، تتسم بالانفتاح، تتوافق مع التزاماتها الإقليمية والدولية، وتسهم في تعزيز شبكة علاقاتها مع الأسواق العالمية.

وذلك عبر مختلف الجهود التي تبذلها وزارة الاقتصاد، بالتنسيق والتعاون مع مختلف الجهات ذات الاختصاص على الصعيد الاتحادي والمحلي بالدولة، لمواصلة نمو هذا القطاع الحيوي، بما يخدم الأهداف التنموية ورؤية الدولة 2021.

واستعرض معالي الوزير، مؤشرات النمو المتحققة خلال العامين الماضيين، إذ سجل النمو الاقتصادي للدولة 4.6 % خلال عام 2014، صعوداً من 4.3 % خلال عام 2013، فيما لم يحد التراجع الحالي بأسعار النفط، من مسيرة النمو للدولة، نتيجة لسياسات الدولة في تقليل الاعتماد على قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف: «بالنظر إلى مؤشر مساهمة النفط بالناتج المحلي للدولة خلال الأعوام الأربعة الماضية، سنجد أنه يأخذ منحنى نزولياً، مشيراً إلى أنه متوقع أن تتراجع نسبة مساهمته إلى أقل من 25 % خلال الفترة المقبلة».

استثمار أجنبي

وحققت قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للدولة، نمواً في حدود 10 % خلال عام 2014، مسجلة 115.6 مليار دولار. كما سجل الاستثمار بالخارج، نمواً في حدود 5 % خلال عام 2014، مقارنة بالعام الأسبق له، لتسجل 66.3 مليار دولار. وهو ما يجعل الإمارات تحتفظ بالمركز الأول على مستوى المنطقة في الاستثمارات الخارجية.

وأكد معالي الوزير، حرص الإمارات على الالتزام بمبادئ النظام التجاري متعدد الأطراف، واحترام اتفاقياته والتزامات الدولة تجاهه، في ظل توجهات الدولة لدعم مختلف الجهود الرامية لإتاحة مزيد من التسهيلات في حركة التجارة الدولية.

مشيراً إلى أن الإمارات تؤمن بأن التجارة الحرة، هي شرط ضروري لزيادة القدرة التنافسية والإنتاجية في المدى الطويل، فيما تؤدي الإجراءات الحمائية والحواجز الجمركية العالية أمام التجارة، إلى بناء قطاع خاص راكد وغير فعال.

وقال المنصوري: إن دولة الإمارات، كعضو في مجلس التعاون الخليجي (GCC)، وأيضاً كعضو في التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA)، وقعت العديد من اتفاقيات تجارة حرة، إذ وقعت الدولة، تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، عدة اتفاقيات تجارة حرة مع عدد من الدول، مثل سنغافورة، التي دخلت حيز التنفيذ في يناير عام 2015، ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية، التي دخلت حيز التنفيذ في يوليو 2015.

43 اتفاقية

كما وقعت الإمارات حتى نهاية عام 2015، نحو 43 اتفاقية متعلقة بتشجيع وحماية الاستثمار، و92 اتفاقية حول تجنب الازدواج الضريبي مع مختلف البلدان 35 مع الدول الأوروبية، و26 مع الدول الآسيوية، 11 مع الدول العربية، 12 مع الدول الأفريقية، و8 مع أميركا الشمالية واللاتينية.

وأوضح المنصوري أن الإمارات تؤمن بأهمية النظام التجاري متعدد الأطراف، مشيراً إلى أن الدولة انتهت من المصادقة على اتفاقية تيسير التجارة، في إطار منظمة التجارة العالمية، في ضوء المرسوم الاتحادي رقم /‏‏39/‏‏ لسنة 2016، بالتصديق على اتفاقية تيسير التجارة، في إطار منظمة التجارة العالمية..

وتكون الإمارات بذلك أول دولة عربية تعلن مصادقتها على هذه الاتفاقية الدولية، وبإيداعها لدى المنظمة وفقاً للإجراءات المتبعة.

ملامح مستقبلية

واستعرض معالي الوزير، أبرز ملامح التوجهات والرؤية الاقتصادية المستقبلية للدولة، من خلال القطاعات المستهدف التركيز عليها في المرحلة المقبلة، في ضوء استراتيجية الابتكار التي تم إطلاقها في أكتوبر 2014، وأيضاً ما تشمله من مبادرات وطنية وتطوير بالبنية التشريعية.

وأشار إلى أن الدولة أصدرت حتى الآن عدداً من القوانين في ما يتعلق بتطوير البنية التحتية والبيئة الاستثمارية بالدولة. ومنها، إصدار قانون الشركات، وقانون جديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون المنافسة.

وأضاف المنصوري، أن الموقع الاستراتيجي لدولة الإمارات بين خطي الطول من الشرق والغرب، فضلاً عن الاستقرار التي تتمتع به الدولة، والبنية التحتية المتطورة من موانئ وطرق وخطوط طيران، جعلها مركزاً للتجارة العالمية، وبوابة تجارية حيوية، وقد صنفت الدولة ثالث أكبر مركز لإعادة التصدير في العالم في عام 2014.

4

ينقسم التقرير إلى 4 أقسام، يتناول الأول منها، واقع البيئة الاقتصادية في الدولة، من خلال استعراض الملامح والخصائص الرئيسة للاقتصاد الوطني.

فيما يوضح القسم الثاني، سمات المناخ التجاري والاستثماري، عبر إلقاء الضوء على الإطار المؤسسي، والتعريف بمراحل عملية صياغة وتنفيذ السياسة التجارية وأهدافها.

ويركز الثالث على إيضاح الممارسات والإجراءات المتعلقة بالسياسة التجارية للدولة.

في حين يتطرق الرابع إلى تفصيل أوجه السياسة التجارية للدولة، حسب القطاعات الاقتصادية، مفصلاً ملامح وأدوات وأطر السياسة التجارية لقطاعات الزراعة، والتعدين، والطاقة والمياه، والصناعات التحويلية والخدمات.