نجحت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، في تطوير مشاريع طاقة متجددة، توفر أكثر من 1.7 غيغاواط من الطاقة في مختلف أنحاء العالم، لتقف في طليعة المستثمرين في قطاع الطاقة النظيفة.

وقد أدركت القيادة الرشيدة في الإمارات، الواقع الذي تشهده الأسواق العالمية، لذا، وجهت بضرورة تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتخفيض انبعاثات الكربون، وإيجاد أرضية ثابتة للنهوض بواقع الطاقة المتجددة، وضمها لتكون أحد المكونات الأساسية لمزيج الطاقة المتوفرة للاستهلاك اليومي والمستدام، إيماناً منها بأن هذه هي الاستراتيجية المثلى لتحقيق أمن واستدامة الطاقة في البلاد.

وعلى الرغم من المكانة المهمة التي تشغلها الدولة، ضمن قائمة الدول المصدرة للبترول، إلا أنها أخذت دوراً ريادياً، باعتبارها السبّاقة في المنطقة، من حيث وصولها إلى مستوى جديد من التميز على صعيد مشاريع الطاقة المختلفة.

وكان لإمارة أبوظبي، قصب السبق، في تنويع مصادر الطاقة في الدولة، وذلك بإنشاء شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، في عام 2006، لتشكل مرحلة جديدة وخطوة استباقية نحو دخول عصر طاقة المستقبل، والمساهمة في الانتقال باقتصاد الدولة من اقتصاد قائم على الموارد، إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وفتح المجال أمام نشاطات اقتصادية جديدة، ذات عوائد اقتصادية وبيئية واجتماعية متعددة.

ترسيخ مكانة الدولة

وقال محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لـ «مصدر»: «اضطلعت «مصدر» منذ تأسيسها، بدور رئيس للمساهمة في ترسيخ مكانة الدولة وإمارة أبوظبي، كمركز عالمي للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة..

وكانت إنجازات الشركة جلية على مدار السنوات العشر الماضية، محلياً وإقليمياً وعالمياً، بحيث غطت كافة عناصر سلسلة القيمة في هذا القطاع الحيوي، بدءاً من إنشاء معهد متخصص في البحث والتطوير في مجالات الاستدامة والطاقة المتجددة، مروراً ببناء أحد أكثر المدن استدامة في العالم، ووصولاً إلى تطوير مشاريع الطاقة المتجددة المجدية اقتصادياً».

وأضاف أننا حرصنا في «مصدر»، على المساهمة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، بمختلف أنواعها وتقنياتها، وأثبتنا، بالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين المحليين والدوليين، أهمية تلك المشاريع وجدواها الاقتصادية، وبفضل الانخفاض السريع الذي شهدته أسعار تقنيات الطاقة المتجددة في عصرنا الحالي، وبناءً على خبراتنا المتراكمة، جاءت مشاريع الطاقة الشمسية في طليعة جهود نشر حلول الطاقة النظيفة محلياً وإقليمياً وعالمياً».

الطاقة الشمسية

وللشركة مشاريع استراتيجية في قطاع الطاقة الشمسية بمختلف تقنياتها، لا سيما الطاقة الشمسية المركزة. واكتسبت الشركة خبرات، مكنتها من نقلها وتطبيقها على المستوى المحلي، عبر مساهمتها في تنفيذ محطة شمس 1 للطاقة الشمسية المركزة، بقدرة 100 ميغاواط في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي، التي تغطي مساحة 2,5 كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة 285 ملعباً لكرة قدم..

وتوفر المحطة، ما يكفي من الكهرباء النظيفة لـ 20 ألف منزل في الدولة. وتتيح تقنية الطاقة الشمسية المركزة، إمكانية توزيع الطاقة في أوقات ذروة الطلب، ما يعزز أمن الطاقة وإدارة الطلب على الطاقة، إضافة إلى القدرة على تخزين الحرارة، حيث يمكن من خلال هذه التقنية، تخزين وتحرير الطاقة الحرارية خلال وقت لاحق عند الضرورة.

وتستخدم المحطة أكثر من 258 ألف مرآة مثبتة على 768 مجمعاً من عاكسات القطع المكافئ، لتوليد طاقة كهربائية نظيفة ومتجددة. ومن خلال أشعة الشمس المركزة التي تمر عبر المرايا إلى أنابيب مملوءة بزيت ناقل للحرارة من نوع خاص، تعمل المحطة على إنتاج البخار، الذي يقوم بتدوير «توربين» بخاري، وتوليد الكهرباء.

كما تحتوي على نظام تسخين مساعد لتسخين البخار أثناء دخوله إلى التوربين، ما يسهم في تعزيز كفاءة دورته بشكل كبير. وتضم المحطة أيضاً نظام تبريد جاف، يسهم بصورة كبيرة في الحد من حجم استهلاك المياه، وهي ميزة مهمة وخاصة في منطقة تعاني من شح المصادر المائية.

تنويع

ويسهم مشروع شمس 1 في دعم جهود تنويع مزيج الطاقة في الإمارات، والحد من بصمتها الكربونية، حيث يساعد على تفادي إطلاق 175 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أي ما يعادل تأثير زراعة 1.5 مليون شجرة، أو إزالة 15 ألف سيارة من الشوارع.

كما نفذت «مصدر» محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 10 ميغاواط في مدينة مصدر، وذلك بغية توفير الكهرباء اللازمة لتزويد كافة مرافق مدينة مصدر بالطاقة، وتحويل الفائض إلى شبكة كهرباء أبوظبي المحلية. وتسهم المحطة في تفادي إطلاق 15 ألف طن من انبعاثات الكربون سنوياً. وتشتمل الألواح الشمسية على تقنيتي «الألواح الرقيقة» و«خلايا السيلكون المتبلور» من شركتي «صن تك» و«فيرست سولار».

محطة «خيماسولار»

وعلى الصعيد الدولي، استثمرت «مصدر» بمشاريع الطاقة الشمسية على نطاق المرافق الخدمية في عدد من الدول، لا سيما إسبانيا، حيث تعد محطة «خيماسولار» أول مشروع للطاقة الشمسية على مستوى المرافق الخدمية في العالم، يتم فيه الجمع بين نظام استقبال الطاقة الشمسية في البرج المركزي، وتقنية تخزين الحرارة باستخدام الملح المصهور، التي تمكن المحطة من تزويد الكهرباء على مدار 24 ساعة.

وتولى إنشاء المحطة شركة «توريسول إنرجي»، الائتلاف الاستراتيجي بين مجموعة «سينير» الإسبانية الرائدة للهندسة والإنشاءات (60 %)، و«مصدر» (40 %). وبدأت عمليات إنشاء المحطة، التي توجد في مدينة إشبيلية عاصمة مقاطعة الأندلس في إسبانيا، في عام 2008، واكتمل بناؤها في مايو 2011، وتتميز المحطة بتصميمها المبتكر، الذي يفتح الباب أمام تقنية توليد بديلة ذات آفاق واعدة، تكمّل تقنية مرايا القطع المكافئ الأكثر انتشاراً.

وتتضمن المحطة، نظام تخزين للحرارة، يتحمل درجة حرارة عالية، تتجاوز 550 درجة مئوية، ما يتيح للمحطة توليد الطاقة لفترات أطول، مقارنة بمحطات الطاقة الشمسية المركزة التقليدية. وتبقى أملاح الصوديوم ونترات البوتاسيوم في حالة منصهرة، من خلال استخدام الطاقة الحرارية، التي تم تجميعها من أشعة الشمس.

وتقوم هذه الأملاح بتخزين الحرارة الزائدة المتراكمة خلال ذروة السطوع، بما يتيح توليد الكهرباء أثناء الليل. وبفضل هذه التقنية، بإمكان محطة «خيماسولار»، توليد الكهرباء لمدة 15 ساعة دون وجود أشعة الشمس. كما أن الحرارة العالية الناتجة من الطاقة الشمسية، التي يتم التقاطها وتخزينها في الأملاح، تولد البخار عند ضغط أعلى، ما يعزز بشكل كبير من أداء التوربينات البخارية.

وتغطي المحطة مساحة 185 هكتاراً، ويمكن لها توليد حوالي 110 غيغاواط ساعة سنوياً، ما يكفي لإمداد 25 ألف منزل بالكهرباء النظيفة.

وعلاوة على ذلك، تسهم المحطة في تفادي إطلاق 30 ألف طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً. وبدأت عمليات تطوير محطة «خيماسولار» في عام 2006، عندما قامت شركة «سينير»، الشريك في المشروع المشترك «توريسول إنرجي»، بتصميم وتركيب محطة في المنصة الشمسية بمدينة ألميريا. وأظهر المشروع، نجاح استخدام نظام الاستقبال في البرج المركزي، المسجل حالياً ببراءة اختراع لشركة «سينير»، إلى جانب نظام تخزين الحرارة بواسطة الملح المصهور.

تأمين

يشكل تأمين موارد الطاقة والحفاظ على استقرار أسواقها، هاجساً عند مختلف دول العالم، ما دفعها لاتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها أن تساعدها على مواجهة كافة العوامل المؤثرة في هذا القطاع الحيوي، حيث قامت تلك الدول، بانتهاج سياسات محددة وصارمة لاستهلاك الطاقة، وذلك من خلال إيجاد آليات للموازنة بين عدة عوامل ومتغيرات، تؤثر في أمن الطاقة وإمداداتها، وتمكنها من تحقيق نمو اقتصادي مستدام والالتزام بمتطلبات الحفاظ على البيئة.