أكد مسؤولون، أن حماية حقوق الملكية الفكرية، تحفز بناء اقتصاد المعرفة في الدولة، حيث تتيح تبادل الخبرات والمعرفة في بيئة آمنة، وتحفظ حقوق جميع الأطراف من مستثمرين وشركات أو علامات تجارية، ولفتوا في تصريحات لـ «البيان الاقتصادي»، إلى أن الإمارات تأتي في صدارة الدول التي اتخذت إجراءات مهمة لحماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية، وعملت على تحديث قوانينها وتشريعاتها المرتبطة بها. وبذلك تحتل الدولة الأسبقية في هذا المجال.

وأشاروا إلى أن التطوير المتواصل للقوانين والتشريعات الاقتصادية التي تعتمدها الدولة، يعد محفزاً للنمو الاقتصادي، ولزيادة الناتج المحلي، حيث توفر البيئة التشريعية الحديثة، منصة مثالية للشركات الدولية الباحثة عن فرص للتوسع والنمو.

إجراءات مهمة

وأكد معالي المهندس سلطان المنصوري وزير الاقتصاد، أن دولة الإمارات، تولي أهمية كبيرة لحماية حقوق الملكية الفكرية عموماً، وحماية العلامات التجارية خاصة، والحد من القرصنة والممارسات السلبية، حيث تعتبر حماية الحقوق عاملاً مهماً ومحفزاً للاستثمارات الأجنبية، ولجذب المزيد من الشركات التي ترى أن حقوقها ستكون محفوظة في الدولة، بالإضافة إلى دورها في حماية الاقتصاد الوطني من تداعيات أي ممارسات تجارية سلبية، بالتزامن مع حماية المستهلكين والحفاظ على حقوقهم وصحتهم.

ولفت المنصوري إلى أن الإمارات، تأتي في مقدم الدول التي اتخذت إجراءات مهمة لحماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية، وعملت على تحديث قوانينها وتشريعاتها، بما يتوافق مع متطلبات الاتفاقيات الدولية والقوانين العالمية، في ضوء تطبيق حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة المسماة «بتريبس»، وأشار معاليه إلى أن اهتمام الدولة، ممثلة بوزارة الاقتصاد والجهات المعنية الأخرى بحماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية، يأتي نظراً للدور المحوري للملكية الفكرية عموماً في تحفيز الإبداع والابتكار، وبناء اقتصاد المعرفة، إضافة إلى تعزيز جاذبية بيئة الأعمال في الدولة.

وأثمرت جهود الدولة المتواصلة والجادة على هذا الصعيد، بتصنيف الإمارات ضمن الدول الرائدة في مجال الملكية الفكرية من الناحية التشريعية والتنفيذية، وتحتل مركزاً متقدماً عالمياً، يضعها بين أفضل دول العالم في حماية حقوق الملكية الفكرية.

متطلبات دولية

وأضاف معالي المنصوري: «بانضمام الإمارات إلى منظمة التجارة العالمية عام 1996، عمدت الدولة إلى تحديث تشريعاتها الخاصة بالملكية الفكرية، لتواكب المتطلبات الدولية الحديثة، وتقوم المنظمة العالمية بمراجعة قوانين الملكية الفكرية لدولة الإمارات بشكل دوري. حيث تقوم وزارة الاقتصاد، بالتعاون مع عدد من الجهات المحلية والاتحادية، بالعديد من الإجراءات لحماية الملكية الفكرية، من خلال تفعيل قانون حماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلفين، والحقوق المجاورة وقانون حماية العلامات التجارية، وبقية الإجراءات التي تتخذها وزارة الاقتصاد على هذا الصعيد».

ولفت المنصوري إلى أن دولة الإمارات، أدركت بشكل مبكر، أهمية دور البيئة القانونية الإيجابية في تحقيق التنمية المستدامة، حيث إن التشريعات الملائمة ومواكبة ما يجري في العالم من نمو وتطور، تؤدي تلقائياً إلى مستويات أعلى في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وزيادة جاذبية البيئة الاستثمارية، وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير. لذلك، عملت الإمارات على إصدار تشريعات خاصة لحماية حقوق الملكية الفكرية.

تشريعات وطنية

وأكد المنصوري، أن قوانين الملكية الفكرية حتى تكون فعّالة، يجب أن تتوافق مع مبادئ الاتفاقيات الدولية الخاصة بمجال الملكية الفكرية، والتي ظهرت نتيجة لإرادات الدول، وهذه المبادئ تتطلب أن يؤخذ بها في التشريعات الوطنية لكل بلد، وأن يتم تنظيمها بمرونة، وبعيداً عن الإجراءات المعقدة، والتي يمكن أن تؤثر في النشاط والأداء التجاري لمختلف الدول، أو أن تتسبب في إعاقة أو تأخير تبادل التجاري بين مختلف الدول.

وإدراكاً من دولة الإمارات بأهمية التعاون الدولي في سبيل تطوير حماية الملكية الفكرية، فقد انضمت إلى العديد من الاتفاقيات الدولية التي ترعاها المنظمات الدولية الناشطة في هذا المجال.

ومنها، اتفاقية الانضمام إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية الوايبو في سنة 1974، واتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1996، واتفاقية «تربيس» 1997، واتفاقية التعاون الدولي بشأن البراءات عام 1998، والانضمام لمكتب البراءات لدول مجلس التعاون الخليجي نوفمبر 1998، واتفاقية «بيرن» بشأن حماية المصنفات الأدبية والفنية (في سنة 2004)، واتفاقية روما بشأن حماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة في سنة 2004، واتفاقية الويبو لحقوق المؤلف في سنة 2004، واتفاقية الوايبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي دبي يو بي بي تي في سنة 2005... وقامت الدولة بتعديل تشريعاتها، في ضوء الانضمام لهذه الاتفاقيات.

فرص استثمارية

ومن جانبها، أشارت معالي ريم إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، مدير عام مكتب «إكسبو 2020 دبي»، إلى إن سيادة القانون والتشريعات الاقتصادية التي تعتمدها دولة الإمارات، والتي دأبت على تحسينها وتطويرها منذ قيام الاتحاد وحتى اليوم، ساهمت في تحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة الناتج المحلي، حيث توفر أرضاً خصبة للشركات العالمية الطموحة، الباحثة عن فرص استثمارية للتوسع والنمو، والمساهمة في تطوير المجتمعات.

وأضافت معاليها: «إن حفظ القانون لحقوق المستثمرين، ولكل من يسكن دولة الإمارات، جعل من أرضنا الطيبة، منصة لتطوير الأفكار وتواصل العقول والإبداع، بالإضافة إلى وضع أفضل الخطط لبناء المستقبل، وهو ما يتماشى مع شعار «إكسبو 2020 دبي»، وهو «تواصل العقول وصنع المستقبل»، فلكي تتواصل العقول، لا بد من وجود قانون وسيادته ليحمي الأفكار المبدعة، ويضمن ملكيتها لأصحابها، وكذلك بالنسبة لخطط التنمية وصنع المستقبل الأمثل».

واختتمت معاليها: «ساهم إطلاق «إكسبو 2020 دبي»، الشعار الجديد في زيادة الوعي باستخدام شعار الحدث المرتقب، أو استخدام أي علامة تجارية، دون الرجوع أو التعاقد مع من يمتلك حقوقها، وهو ما يسهم ببناء اقتصاد حقيقي مبني على الإبداع والتنافس، ويضمن حقوق جميع الأطراف، ويحفز على الابتكار».

درع واقية

وبدوره، لفت سامي القمزي مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية بدبي، إلى أن قوانين حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية في دولة الإمارات، تشكل الدرع الواقية لاستثمارات الشركات العالمية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعاملاً مهماً في الارتقاء بتصنيف الدولة في مجال الملكية الفكرية، والذي يعتبر مرجعاً أساسياً لاستقطاب الشركات والاستثمارات الأجنبية، ما يؤثر بشكل مباشر في تحسين الناتج القومي للدولة.

وأكد القمزي، حرص دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، على توفير الدعم الكامل لأصحاب العلامات التجارية في الإمارة، وذلك من خلال الحملات الرقابية المتواصلة لحماية علاماتهم التجارية، حيث تعتبر العلامات التجارية، من أهم أنواع حقوق الملكية الفكرية الشائعة في سوق دبي، إلى جانب أهمية قطاع التجزئة في الإمارة، حيث نقوم بدورنا المستمر في تعزيز ثقة المستهلكين في أسواق الإمارة، والارتقاء بالخدمات المقدمة من خلال منافذ البيع ومحال التجزئة.

مجلس استشاري

وأضاف القمزي: «وفي إطار حرصنا على بناء العلاقات الثنائية مع القطاع الخاص، وتعزيز الثقة بواقع الأعمال والتجارة، بادرت دائرة التنمية الاقتصادية، بإطلاق مبادرة المجلس الاستشاري للملكية الفكرية، والتي تعتبر الشراكة الأولى من نوعها بين القطاعين العام والخاص، والتي تضم أكبر الشركات العالمية المالكة للعلامات التجارية، بهدف تطوير البيئة الشاملة، لتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، وإعداد تقارير ودراسات تخصصية في مجال حقوق الملكية الفكرية عامة، والعلامات التجارية بشكل خاص. وتدعو المبادرة إلى توحيد الجهود مع القطاع الخاص، وبالتالي، رفع تنافسية دولة الإمارات في المؤشرات العالمية، واستدامة الأعمال والحركة الاقتصادية، وتعزيز ثقة التجار بالمكانة الاستثمارية للإمارة، باعتبارها المحطة العالمية في تجارة التجزئة».

وأشار القمزي إلى أن اقتصادية دبي، تسعى بالتعاون مع شركائها من القطاع الخاص، للوصول إلى تحقيق أفضل الممارسات في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، وبناء علاقات مثمرة مع القطاع الخاص، لتعزيز الثقة بواقع الأعمال والتجارة والاستثمار، من خلال حفظ الحقوق، وبالتالي، استدامة جذب الاستثمارات إلى البيئة الاقتصادية بدبي».

استقطاب الشركات

من جانبه، أشار ماجد سيف الغرير رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، إلى أن السمعة التي راكمتها الدولة، بوصفها مركزاً عالمياً للأعمال، لم تأتِ من فراغ، فهناك عوامل أسهمت، وما زالت تسهم، في استقطاب المزيد من الشركات والعلامات التجارية إلى الدولة، وأبرزها، القوانين والتشريعات التي تحمي الاستثمارات، وتوفر لها ملاذاً آمناً وراحة بال للمستثمرين، بالإضافة إلى الشراكة الاستراتيجية الناجحة بين القطاعين العام والخاص.

وأشار الغرير، إلى أن غرفة دبي، قامت بدراسة قانون العلامات التجارية وبراءات الاختراع وحقوق المؤلف، آخذةً على الدوام ملاحظات القطاع الخاص، بالإضافة إلى قانون تنظيم حقوق الملكية الصناعية، وهي قوانين أساسية، تشكل قيمة إضافية لجذب المزيد من الشركات والعلامات التجارية إلى الدولة.

ومن الواضح أن هذه القوانين سنّت للمساهمة في تطوير بيئة الأعمال، وقدرات الدولة ومكانتها الاقتصادية في حماية العلامات التجارية، وفق أفضل ممارسات الشفافية والحوكمة والحفاظ على حقوق المساهمين والشركاء، حيث تلعب هذه القوانين دوراً أساسياً في دعم تدفق الاستثمارات الأجنبية، موفرةً قاعدة صلبة لتعزيز ثقة المستثمرين ببيئة الأعمال في الدولة.

قوانين متكاملة وتشريعات صارمة في الدولة

بدأت حماية الملكية الفكرية بشكل عام، والعلامات التجارية بشكل خاص، منذ تأسيس الدولة في عام 1971، حيث يحمي دستور الإمارات، الملكية الفكرية، وذلك بالنص في المادة (21) من الدستور، التي تقرر أن (الملكية الخاصة مصونة...)، والمادة (121) منه، والتي أوكلت إلى الاتحاد مهمة تشريع قانون الملكية الفكرية في الدولة، حيث نصت: (... ينفرد الاتحاد بالتشريع في الشؤون التالية: حماية الملكية الأدبية والفنية والصناعية وحقوق المؤلفين – المطبوعات والنشر...). ونصت المادة (107) من قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات، على (الحقوق المعنوية، هي التي ترد على شيء غير مادي)، و(يتبع في شأن حقوق المؤلف والمخترع أو الفنان والعلامات التجارية، وسائر الحقوق المعنوية الأخرى، أحكام القوانين الخاصة). وأوضح المهندس سلطان المنصوري وزير الاقتصاد أن الإمارات قد انضمت إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية في عام 1975.

اتفاقية الـ«جات»

وفي عام 1994، سعت الدولة إلى الانضمام إلى اتفاقية الـ «جات» «GATT»، وهي الاتفاقية المعنية بتجارة السلع والبضائع، وكان من متطلبات هذه الاتفاقية، وجود قوانين لحماية الملكية الفكرية، فصدر القانون الاتحادي رقم (40) لسنة 1992، بشأن حقوق المؤلف، والذي ألغي بالقانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2002، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

علامات تجارية

كذلك صدر القانون الاتحادي رقم (37) لسنة 1992، في شأن العلامات التجارية، وقد عُدّل بالقانون رقم (8) لسنة 2002. كما صدر القانون الاتحادي رقم (44) لسنة 1992، بشأن تنظيم وحماية الملكية الصناعية لبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية، والذي عُدّل بالقانون الاتحادي رقم (17) لسنة 2002.

تحديث التشريعات

كما انضمت دولة الإمارات، إلى منظمة التجارة العالمية في عام 1996، الأمر الذي تطلب تحديث تشريعات الدول، لتواكب المتطلبات الدولية الحديثة، وتقوم المنظمة بمراجعة قوانين الملكية الفكرية لدولة الإمارات بشكل دوري، حيث تمت مراجعة تشريعات الملكية الفكرية لدى المنظمة في عام 2001، وجاءت نتائج المراجعة إيجابية.

العلامة التجارية حق مكتسب

عن الرأي الشرعي باستخدام علامة تجارية دون إذن صاحبها، قال الدكتور أحمد الحداد، كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي: «العلامة التجارية حق مكتسب، كسائر الحقوق الفكرية، وهي تباع وتشترى وتوهب، ويحميها القانون والشرع، فيحرم التعدي على مالكها بأي طريقة كانت، ولا تؤخذ أو تستخدم إلا بإذن صاحبها، فهي ملك له كسائر أملاكه، وقد قال الله تعالى (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه». وختم الحداد، هذا والله تعالى أعلم.