أكد اقتصاديون وخبراء دوليون أن معدلات الإنجاز التي تحققت لتنفيذ مبادرة بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و«طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين» فاقت التوقعات وتم قطع شوط كــــبير لتعزيز التجارة بين آسيا وأوروبا وإفريقيا حيث يتوقع أن يستفيد من المبادرة نحو 4.4 مليارات نسمة.
جاء ذلك خلال الملتقى الإعلامي الدولي حول «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» الذي انطلقت أعماله الأسبوع الحالي بمشاركة ممثلي نحو 30 دولة من آسيا وأفريقيا وأوروبا في منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم بشمال غرب الصين التي تشكل سدس إجمالي مساحة الصين والتي كانت منطقة رئيسية ضمن طريق الحرير القديم الذي كان ممرا يربط بين الشرق والغرب.
ويناقش الملتقى على مدى 5 أيام 5 محاور أساسية تتعلق بـ«التناغم بين الحزام الاقتصادي لطريق الحرير والاستراتيجية المستقبلية لمنطقة شينجيانغ» و«برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة وتأثيراته على المبادرة» و«التعاون البناء نحومستقبل أكثر ازدهارا للدول المرتبطة بطريق الحرير» و«السياسات الاجتماعية والإيدولوجية الصينية وتأثيرها على المبادرة» و«الانعكاسات الحضارية والثقافية لطريق الحرير».
ثمار طريق الحرير
وأكد مشاركون في الملتقى أن ثمار مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التي تم إطلاقها قبل حوالي عامين بدأت تظهر وبدأت الأفكار النظرية تتحول إلى واقع ملموس بعد أن طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ واقترح بناء طريق الحرير البحري للقرن الـ21 فى جنوب شرق آسيا حيث تتوافق المبادرة مع التطلعات المشتركة للتنمية والتعاون في مختلف الدول في آسيا وأوروبا ووفقاً للتوجه العالمي الخاص بالتنمية.
وأشار المشاركون إلى أنه من أبرز الخطوات التي تحققت على طريق تنفيذ المبادرة زيادة عدد الدول والجهات المؤيدة للمبادرة عن المستهدف حيث أعربت أكثر من 70 دولة ومنظمة عن دعمها واستعدادها للانضمام بما يتجاوز المنطقة المستهدفة من خلال المبادرة. ووقعت 34 دولة ومنظمة دولية اتفاقيات تعاون حكومية مع الصين لبناء المبادرة.
وأوضحوا أن آلية الدعم المالي للمشروع الطموح بدأت فعليا حيث بدأ البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية العمل بداية العام. وأطلق رسميا صندوق طريق الحرير أول دفعة مشروعات استثمارية له. وتناقش الدول على طول الخط بفاعلية اقامة صناديق تعاون ثنائي من جميع الأنواع أو توسيعها وينتشر التعاون المالي بشكل سريع بما يوفر دعماً قوياً لبناء مشروعات هامة.
ربط
وأظهرت المنـــاقشات ضرورة الربط بين الدول المنــــضمة للمـــبادرة حيث يتم العمــل على تحسين الربط البري والبحـــري والجوي في آســيا وأوروبا لخلق الــــمزيد من الفرص للعمل المشترك. وبدأت مشروعات سكك حديد بين المجر وصربيا وسكك حديد فائقة السرعة فــــي اندونيســيا وشبكات السكك الحديدية بين الصين ولاوس والصين وتايلاند إضافة إلى مشروعات للطرق السريعة تزامناً مع بدء الاستعدادات لتنفيذ مشروعات ربط بحرية.
ووفقاً لمناقشات المنتدى فقد تم تسريع التعاون لتعزيز القدرة الصناعية ووقعت الصين اتفاقية مع أكثر من 20 دولة. وتم وضع الأساس للعديد من المشروعات الكبيرة في مختلف الدول فيما بلغت قيمة صندوق التعاون لرفع القدرات الإنتاجية الذي أطلقته الصين أكثر من 100 مليار دولار..
فيما تم تحقيق تقدم كبيــــر نحو بناء الممر الاقتصادي بعد أن توصلت الصين ومنغوليا وروسيا إلى توافق لبناء الممر الاقتصادي مع العمل بشكل سريع لوضع خطط وتوجيهات تأسيس شبكة قطارات الصين-اوروبا.
وأشار المشاركون إلى أنه تم تسيير اكثر من 1500 قطار بنجاح بين الصين وأوروبـــا وتم إطلاق 815 قطارا بين الصين وأوروبا خلال العام الماضي فيما ينتظر أن تطلق 10 مدن صينية خطوط قطارات مع 7 دول تقع على طريق الحرير وتتم إقامة نظام للنقل المنتظم مما سيؤدي إلى تحسين التنمية الاقتصادية والتجارة بين الدول على طول الطريق.
نمو مضاعف
وأوضحوا أنه منذ بدء تنفيذ المبادرة حدث نمو قوي في التجارة والاستثمار على المستوى الإقليمي بنسبة زيادة سنوية تعادل ضعف المتوسط العالمي وخلال العام الماضي قدمت الشركات الصينية استــثمارات مباشرة لنحو 49 دولة متــــعلقة بالمبادرة بقـــيمة إجمالية تــقدر بنحو 15 مليار دولار..
فيما تعمل الدول على طول الخط لتحسين مناخ الاستثمار وتـــناقش اتفاقيات مشتركة للتجارة الحرة المتنوعة والتكامل.
وأشارت المناقشات إلى أن الصين أطلقت منحة طريق الحرير الدراسية والعديد من المناسبات الثقافية ومهرجانات الفنون والسينما والكتاب مع دول المبادرة مما ساعد في تحقيق نتائج ايجابية كما نجح تطبيق طريق الحرير المشترك لقائمة التراث العالمي. وتم إطلاق تطبيق طريق الحرير البحري المشترك لقائمة التراث العالمي.
تجارة واستثمار
وتسعى الصين لتعظيم الاستفادة من طريق الحرير في مضاعفة تجارتها مع الدول العربية من 240 ملياردولار العام الماضي إلى 600 مليار دولار خلال السنوات المقبلة كما تستهدف الصين رفع رصيدها الاستثماري في الدول العربية من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة بالإضافة إلى الوصول بحجم تجارتها مع إفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020.
ترحيب
ولقيت مبادرة بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و«طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين» ترحيبا دوليا واسعا حيث ستساهم في الازدهار الاقتصادي و التعاون الاقتصادي الإقليمي للدول الواقعة على طول الخط وهو ما اعتبرته الصين قضية عظمى تخدم مصالح شعوب دول العالم بأسره ويمر المشروع عبر قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا .
حيث يربط دائرة شرقي آسيا الاقتصادية النشطة من طرف بدائرة أوروبا الاقتصادية المتقدمة من طرف آخر ويقع بينهما عدد غفير من الدول التي تكمن فيها إمكانيات هائلة للتنمية الاقتصادية.
شينجيانغ ..المقاطعة الأكبر في المساحة
تعتبر منطقة «شينجيانغ» الذاتية الحكم لقومية الويغور أكبر منطقة من حيث المساحة على مستوى المقاطعات في الصين حيث تبلغ مساحتها 1.66 مليون. ويــبلغ عدد سكانها 19.25 مليون نسمة.وتمتلك منطقة شينجيانغ موارد وافرة منها الموارد الطبيعية والموارد البشرية وتضم ثاني أعلى القمم في العالم «قمة كوغير» التي يتجاوز ارتفاعها 8600 متر عن سطح البحر.
وفـــيها أكثر الأودية انخفاضا في الصين وهي «بحــيرة أيدينغكول» التي تنخفض عن سطح الأرض 154 مترا وفيها أنهار ومــروج وفيها صحراء غوبي.
تاريخ
وتاريخيا كان طريق الحرير ممراً هاماً يربط بين الشرق والغرب وكانت منطقة شينجيانغ محطة هامة على هذا الطريق وحاليا تنتشر العديد من الآثار التاريخية في مختلف أنحاء المنطقة منها أطلال المدن القديمة ويعيش في «شينجيانغ» أكثر من 10 قوميات تختلف في الخلفيات الثقافية والتاريخية والمعتقدات الدينية ومناطق التواجد مما يشكل العادات والتقاليد ذات الخصائص المتنوعة لمختلف القوميات.