واصلت الأسهم العالمية تراجعاتها العنيفة خلال التعاملات أمس، في مستهل أسبوع التداول، مع تنامي المخاوف بشأن الصين، وتهاوت المؤشرات وسط حالة من الذعر التي عصفت بالمستثمرين، وسجلت العديد من المؤشرات مستويات تراجع قياسية، حيث تراجعت الأسهم الصينية بأكبر وتيرة يومية في 8 سنوات.
وسجلت الأسهم الأوروبية أدنى مستوى في 7 أشهر، وخسر مؤشر يوروفرست 300 أكثر من تريليون دولار من قيمته السوقية في أغسطس، بينما تكبد مؤشر نيكاي خسارة في يوم واحد منذ يونيو 2013، وتراجعت الأسهم الهندية بأكثر من 4 % في التعاملات الصباحية، وتراجعت الأسهم الماليزية أكثر من 2 % التايوانية 5 %.
وسجلت الأسهم الأوروبية هبوطاً حاداً عند الفتح لأمس، ونزل مؤشر رئيسي لأقل مستوى في سبعة أشهر مع استمرار الاتجاه النزولي للبورصة في الصين، ما يعصف بالأسواق العالمية.
ونزل مؤشر يوروفرست 300 للأسهم الأوروبية الكبرى 3.6 %، واتجه المؤشر لتسجيل أكبر خسارة شهرية منذ 2008، مع فقده أكثر من تريليون دولار من قيمته السوقية منذ مطلع شهر أغسطس، ونزل المؤشر 12 % منذ مطلع أغسطس، مسجلاً أكبر خسارة شهرية منذ أكتوبر 2008.
وخسر المؤشر 1.1 تريليون يورو (1.26 تريليون دولار) من قيمته السوقية منذ مطلع الشهر الجاري. وأجج موجة الهبوط خفض غير متوقع لقيمة العملة الصينية اليوان، وبيانات ضعيفة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أدت لتفاقم المخاوف من ضغوط انكماشية.
وهبط مؤشر فايننشال تايمز البريطاني 2.6 %، وكاك 40 الفرنسي 3.5 %، ومؤشر داكس الألماني 3 %، لينزل عن مستوى 10 آلاف نقطة لأول مرة منذ يناير.
ودفعت المخاوف بشأن الصين المؤشر للهبوط الأسبوع الماضي، مسجلاً أكبر خسارة في أسبوع منذ أغسطس 2011، وسجل أقل مستوى منذ يناير في التعاملات المبكرة أمس.
هروب المستثمرين
ونزلت الأسهم في آسيا لأقل مستوى في ثلاثة أعوام أمس، مع تفاقم الخسائر في الصين، لتعجل بهروب المستثمرين من الأصول عالية المخاطر، في حين نالت المخاوف من تباطؤ اقتصادي تقوده الصين من الأسواق العالمية.
وهبطت الأسهم الصينية، بعدما أحجمت السلطات عن تبني أي إجراءات مهمة في مطلع الأسبوع، وهو ما كان متوقعاً إلى حد بعيد، بعد أن هوت الأسهم 11 % الأسبوع الماضي.
وتدهورت سوق الأسهم الصينية أمس بوتيرة أدت إلى ضياع مكاسب عام بكامله، وتراجع الأسواق الآسيوية مع فشل آخر تدخل لبكين لاستعادة الثقة، وذلك في ظل تزايد القلق بشأن الاقتصاد.
وفي موسكو، تراجع مؤشر «آر تي إس» للأسواق المالية 4,21 %، في حين تراجع مؤشر ميسكس الروسي 1,76 %.
وبذلك تكون البورصة الروسية لحقت بركب الأسواق المالية الآسيوية والأوروبية التي تأثرت بتباطؤ الاقتصاد الصيني.
الوصول إلى القاع
لكن المحلل زان تشانغ في هايتونغ للأوراق المالية، قال إن الأسواق تراجعت، لكن يجب الوصول إلى «القاع»، مضيفاً «هناك مجال لمزيد من الانخفاض».
واقتصاد الصين المحرك الرئيس للنمو العالمي، لكنه عانى العام الماضي من أضعف وتيرة منذ 1990، كما تباطأ أكثر العام الحالي، مع نسبة سبعة في المئة في الفصلين الأول والثاني.
وتحاول بكين إعادة التوازن الدقيق لتحقيق نمو أكثر استدامة يحركه الاستهلاك، والهدف عدم التباطؤ أكثر بشكل يؤثر في نمو الوظائف.
والهدف من خفض قيمة اليوان، إعطاء المصدرين الصينيين، القطاع الرئيس في الاقتصاد، دفعة تجعل منتجاتهم أرخص في الخارج.
والمخاوف من تباطؤ النمو في ثاني اقتصاد في العالم، تأججت الجمعة، مع تراجع مؤشر رئيس لنشاط الصناعة التحويلية إلى أدنى مستوى له خلال 77 شهراً.
وقال كيان كيمين من شنوان هونغ يوان للأوراق المالية، في إشارة إلى بورصة شنغهاي، إن «السوق تتجه إلى مزيد من الانخفاض. فدخول صناديق التقاعد سوف يستغرق وقتاً طويلاً».
تهافت على البيع
وتكبد مؤشر نيكاي القياسي للأسهم اليابانية أكبر خسارة يومية في أكثر من عامين، بعد أن أثار هبوط حاد في الأسهم الصينية تهافتاً على البيع، مع تنامي المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي تقوده الصين.
وفقد مؤشر نيكاي 4.6 %، ليغلق على 18540.68 نقطة، مسجلاً أدنى إغلاق منذ 23 فبراير، ومسجلاً أكبر خسارة يومية منذ يونيو 2013.
وهبط مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 5.9 % إلى 1480.87 نقطة، كما انخفض مؤشر جيه.بي.إكس-نيكي 5.7 % إلى 13370.33 نقطة.
مخاوف اقتصادية
وأغلقت بورصة تايوان متراجعة 4.8 %، وذلك في ظل المخاوف الاقتصادية العالمية والاضطرابات التي شهدتها بورصة وول ستريت. وأفادت وكالة الأنباء المركزية التايوانية، بأن المؤشر الرئيس للبورصة انخفض بواقع 58. 376 نقطة، ليغلق عند 34. 7410 نقاط خلال انتهاء جلسة التداول الاعتيادية. وذكرت وكالة الأنباء المركزية التايوانية، أن ليانج كو يوان رئيس معهد يوانتا بولاريس البحثي، قال إن الانخفاض مرتبط بالتباطؤ الصيني.
وشهدت أسواق البورصة الماليزية أمس انخفاضاً 2.7 %، وانخفض مؤشر بورصة كوالالمبور المركب في ماليزيا 42.53 نقطة، ليغلق عند 14. 1532 نقطة، بالمقارنة مع إغلاقه يوم الجمعة الماضي عند 67. 1574.
وفاق عدد الخاسرين من التداولات أعداد الرابحين، حيث بلغ عددهم 941 مقابل 100، فيما لم تتغير أسعار 779 سهماً.
وتم تداول 2.57 مليار أسهم، حيث ارتفعت قيمتها إلى 2.49 مليار رينجت (04. 590 مليون دولار).
وواصلت الأسهم المسجلة في بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند تراجعها، حيث فقد مؤشر سينسكس الرئيس 4.03 % من قيمته في تعاملات الصباح، أي أكثر من 1100 نقطة إلى 90. 26262 نقطة.
وتراجع مؤشر «إس أند بي سي.إن.إكس نيفتي 50» الأوسع نطاقاً للبورصة الوطنية للأوراق المالية بنسبة 14. 4 % إلى 65. 7456 نقطة. كما واصلت الروبية تراجعها لتصل إلى أدني سعر خلال عامين بلغ 66.49 روبية لكل دولار.
وقال راجهورام راجان محافظ بنك الاحتياط الهندي (المركزي)، إن البنك لن يتردد في استخدام الاحتياطي النقدي لديه لتقليل تقلبات أسعار الصرف. وقال «الكثيرون منكم تابع الأسواق هذا الصباح باضطراب.. الهند في حالة جيدة. بنك الاحتياط الهندي لن يتردد في التدخل لدعم الروبية».
موجات بيع
انخفضت الأسهم الفلبينية بأكثر من 6.7 %، بعدما باع المستثمرون أسهمهم، في ظل الخسائر الكبيرة التي سجلتها بورصات آسيوية وعالمية.
وتراجع مؤشر بورصة الفلبين 97. 487 نقطة ليغلق عند 01. 6791 نقطة، مقارنة بـ 98. 7278 نقطة، حيث التداول على 2.33 مليار سهم بقيمة 12.62 مليار بيسو (71. 269 مليون دولار). وقد تجاوزت الأسهم الخاسرة نظيرتها الرابحة، وبلغت 212 مقابل 13 سهماً، في حين لم تشهد أسعار 20 سهـماً أي تغيير. وانخفضت الأسهم الأسترالية 4 % لتخسر 60 مليار دولار أسترالي (43.4 مليار دولار)، أي خسرت المكاسب التي حققتها خلال العامين الماضيين. وكانت أسهم شركات التعدين والطاقة والتمويل الأكثر تضرراً في ظل استمرار المخاوف بشأن استمرار تراجع الأسهم الصينية.
وقالت صحيفة أستراليان فينانشيال ريفيو، إن شهر أغسطس أصبح أسوأ شهر يمر على حاملي الأسهم منذ أكتوبر 2008، خلال الأزمة المالية العالمية.
وانخفض مؤشر إيه إس إكس 200 لأدنى مستوى منذ عامين، بحلول نهاية التداول، بواقع 194 نقطة أي ما يعادل 3.9 %.
الإجراءات الحكومية تفشل في كبح المبيعات
انخفضت الأسهم الصينية بنهاية جلسة بأكبر وتيرة منذ عام 2007، مع فشل المساعي الحكومية لدعم السوق في كبح جماح موجة المبيعات القوية بفعل مخاوف تباطؤ الاقتصاد. وأثارت بيانات اقتصادية مخيبة للآمال، وإشارات حول تدفقات نقدية خارجة من البلاد، بالإضافة إلى خفض قيمة العملة المحلية، مخاوف المستثمرين بشأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ما هبط بسوق الأسهم خلال الفترة الماضية.
وفشل إعلان مجلس الوزراء الصيني أول من أمس بالسماح لصندوق معاشات التقاعد بالاستثمار في سوق الأسهم المحلي للمرة الأولى، في دعم سوق الأسهم، مع تواصل قلق المستثمرين بشأن التباطؤ الاقتصادي.
وتراجعت الأسهم الصينية بعد أن بلغت الذروة منتصف يونيو، وتدخلت السلطات بشكل واسع في محاولة لكبح جماح التدهور، لكن القلق إزاء نسبة النمو والشكوك لا تزال مستمرة. وضاعف الخفض المفاجئ في سعر صرف اليوان في 11 أغسطس، المخاوف من أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بات أضعف مما كان يعتقد، ما أدى إلى عمليات بيع مكثف، مسحت أكثر من خمسة آلاف مليار دولار من قيمة أسواق الأسهم العالمية.
وأغلق مؤشر شنغهاي متراجعاً 8,49 % أو 297,83 نقطة، وانتهى التداول عند 3,209.91 نقطة، أدنى من الإغلاق في 31 ديسمبر الماضي، ما أسفر عن ضياع كل المكاسب عام 2015. والهبوط هو الأكبر منذ أكثر من 8 سنوات، عندما سجل المؤشر في فبراير 2007 خسارة 9 %. وقال تشن كانغ كبير مسؤولي الاستثمار في شركة هيكيتانغوي، ومقرها شانغهاي، لإدارة الأصول، لبلومبرغ نيوز «هذه كارثة حقيقية، لا شيء يمكن أن يوقف ذلك على ما يبدو». وأضاف أن «الكثير من صناديق الأموال الخاصة التي بدأت حديثاً، عانت في الآونة الأخيرة. آمل أن نتمكن من البقاء».
وقال ريتشارد هانتر المحلل الاقتصادي من مؤسسة «هارغيفز لانسداون»، إن «مساهمة الصين في تباطؤ دولي محتمل زعزعت مجدداً الأسواق».