تعول الحكومة المغربية على قطاع المعاملات الخارجية أو ترحيل الخدمات «الأفشورينغ» لتقليص حجم البطالة، إذ تنتهج خطة لتشغيل 70 ألف شباب حتى نهاية عام 2015 بالاعتماد على مراكز النداء المتمركزة بالرباط والدار البيضاء رغم ما يشهده القطاع من تنافسية يؤججها انخفاض تكاليف اليد العاملة بدول أخرى ما يجعل الشركات الأجنبية تفضل إنشاءها بالمغرب.

تقدم ملحوظ

شهد قطاع «الأفشورينغ» تقدماً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، إذ يسجل القطاع وتيرة نمو إيجابية تقدر بحوالي 25% سنوياً، بتشجيع من «المعهد الوطني لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتدريب المتقدم ITO»، ودخل المغرب في الوقت الراهن ضمن النادي المغلق لمقاصد «الأفشورينغ» المعترف بها عالمياً، خاصة في العالم الفرانكفوني.

وفقاً للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات، فقد عبرت أكثر من 50 شركة عن اهتمامها بالاستقرار بالمغرب خلال سنة واحدة، وتم خلق أكثر من 20 ألف منصب شغل ما بين 2005 و2008.

ويركز ميثاق الإقلاع في عرضه المتعلق بقطاع ترحيل الخدمات على ثلاثة أصناف أساسية: «ITO» إفراز الخدمات المرتبطة بأنظمة الإعلام، «BPO» إفراز العمليات الأفقية والعمودية، مثل إدارة الموظفين، المعالجة المحاسبية الجماعية.. الخ، وثالثاً خدمات الزبائن «مراكز المكالمات»..

وتعد أفق التقدم في هذا القطاع إيجابية بالمغرب، ويتجلى ذلك في خلقه 100 ألف فرصة عمل حتى منتصف سنة 2015، وتحقيق رقم معاملات قطاعي يقدر بأكثر من 20 مليار درهم مغربي (حوالي 2.3 مليار دولار)، أي خلق ما يقرب من 70 ألف منصب شغل ونمو قدره 13 مليار درهم (حوالي 1.43 مليار دولار)، في الإنتاج الداخلي الخام ما بين 2009/2015.

ومقارنة تكاليف الاستثمار بالمغرب وجنوب أوروبا، لبعض المواقع المالية تشير إلى أن تكاليف اليد العاملة أقل بنسبة 50% وضريبة الشركات بنسبة 100% أقل خلال الخمس سنوات الأولى، وتكلفة الاتصالات منخفضة بنسبة 35%.

إحصائيات رسمية

ووفقاً لإحصاءات الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، يفوق عدد مراكز النداء 250 مركزاً بالمغرب، منها 80% تتركز في الرباط والدار البيضاء، والباقي في مراكش، طنجة، تطوان، المحمدية، وتحقق معدل نمو سنوي تقدر نسبته بـ11%.

ويضم هذا القطاع، أكثر من ثلاثين ألف شاب وشابة، وقد تم الإعلان عن مشاريع كبرى خاصة بهذا القطاع الذي استقطب العديد من المستثمرين الأجانب وتفوق تكلفتها 200 مليون درهم (20.61 مليون دولار)، ومن بينها مشروع الدار البيضاء (كازا شور) المشيد على مساحة 50 هكتاراً على بعد 5 كيلومترات عن العاصمة الاقتصادية، وتقوم مراكز النداء بتشغيل أكثر من 30 ألف مغربي مقابل تشغيل 12 ألف موظف في تونس.

منافسة شرسة

ويشهد قطاع «الأوفشورينغ» الخاص بمراكز النداء في المغرب منافسة شرسة من قبل بلدان أخرى كمصر والسنغال، التي تقدم عروضاً أقل كلفة للشركات الأوروبية.

فحسب تقرير حديث صادر عن مكتب «أفسانت»، خصصه للاقتصاد المصري، فإن كلفة أنشطة الأوفشورينغ (ترحيل الخدمات) أقل بـ 30% في مصر مقارنة بالمغرب، وهو مؤشر يدق ناقوس الخطر للاقتصاد المغربي، الذي بلغ فيه رقم معاملات القطاع 7.2 مليارات درهم (742 مليون دولار) في 2013 و 7.34 مليارات خلال السنة الماضية، وهو رقم يظل بعيداً عن هدف مخطط التنافسية الاقتصادية 2009-2015، وهو بلوغ 20 مليار درهم (2.3 مليار دولار).

وهذه المنافسة القوية ظهرت جلياً عندما، قررت الشركة الفرنسية للاتصالات تحويل مركز خدماتها عبر الهاتف من المغرب إلى مدغشقر خلال مايو الماضي، فحسب يوسف الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية للعلاقات مع الزبائن..

فإن المنافسين الأوائل للمغرب هم "تونس، السنغال، مدغشقر ومصر"، وموقع المغرب الجغرافي وتواجده على نطاق زمني مقارب للبلدان الأوروبية يعتبران من الإمكانات المهمة للمغرب، غير أنها غير كافية، فباستثناء الفرنسيين الذي يشكلون 90% من الزبائن، لا تتجه كل الشركات الأوروبية نحو المملكة، هذا في الوقت الذي تجذب مصر شركات أميركا الشمالية إلى جانب الأوروبية..

بالإضافة إلى أن نقص الموارد البشرية يشكل أيضاً مشكلاً في حد ذاته، فإن كانت الدولة تمول تكوينات في هذه المهن بشراكة مع وكالة إنعاش الشغل، فإن عدد الأشخاص الذين يتقنون الفرنسية ويستعدون للعمل في هذا المجال هم قلائل.

وجهة مفضلة

فاز المغرب باستحقاق «أفضل وجهة لترحيل الخدمات» برسم سنة 2012 المنظم من قبل الجمعية الأوروبية لترحيل الخدمات، متقدماً على خمس وجهات، وهي جنوب إفريقيا ورومانيا وصربيا وسلوفاكيا ومصر، وتم تسليم الجائزة لعبد الرفيع حنوف المدير العام لـ «ميدز تسنيد »، وهي فرع تابع لصندوق الإيداع والتدبير - تنمية٬ المكلف بتطوير القطاع خلال حفل نظم بمقر مؤسسة «لوو سوسايتي» بلندن.

أوضحت الجمعية الأوروبية، أن هذا التتويج يعد إقراراً بجاذبية المغرب كأرضية تقدم خدمات جيدة للشركات والمنظمات الأوروبية الراغبة في البحث عن حلول تنافسية لدعم استراتيجياتها الخاصة بالتموين، وتم دعم ترشيح المغرب بشكل قوي من قبل الشركات الأوربية، «كديل»، «لوجيكا»، «ديلوات»، «آ ش بي»، «أتينتو»، التي حققت أنشطتها بالمغرب نجاحاً باهراً.