عاش الاقتصاد العالمي أوقاتاً عصيبة، خلال 2015، بسبب تباطؤ النمو الصيني، وفشل اقتصاد التنين في تحقيق معدلات النمو المستهدفة عند 7% فيما تشير التقارير إلى أن الأسواق المتقدمة تقود فرص النمو العالمي، خلال العام الحالي، حيث توفر أسهم الأسواق المتقدمة آفاقاً واعدة للنمو، ولكن نمو سندات الأسواق الناشئة لا يزال ضعيفاً.

وتسبب تباطؤ النمو الصيني في تراجع على السلع والنفط، كما تضررت الأسواق المالية العالمية من تدهور الأوضاع في بورصة «شنغهاى»، التي شهدت سلسلة من التراجعات التاريخية، التي امتدت تداعياتها إلى الأسواق العالمية.

حيث عاشت العديد من البورصات الكثير من الفترات العصيبة، فيما تزايدت التوقعات بشأن تواصل هشاشة النمو العالمي في 2016 رغم الأداء القوي للاقتصاد الأميركي، الذي أسفر عن قيام الاحتياطي الاتحادي الأميركي برفع أسعار الفائدة لأول مرة، منذ 10 سنوات قبل أن يسدل الستار عن عام 2015.

وخفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقييمها للاقتصاد العالمي إلى (-B) العام 2015، متوقعة تراجع نسبة النمو في الولايات المتحدة والصين وارتفاعها في منطقة اليورو.

وتوقعت المنظمة أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي عالمياً 3.1% خلال 2015 ونحو 3.8% في 2016 وهو ما يعني انخفاضها عن تقديراتها قبل 6 أشهر. وكان من المنتظر أن تبلغ نسبة النمو 3.6% في 2015 و3.9% العام المقبل، وفقاً لتقديرات المنظمة البحثية في نوفمبر الماضي.

تعافٍ تدريجي

ومن المتوقع أن يتعافى الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي تدريجياً مستفيداً من انخفاض أسعار النفط، بحسب تقديرات المنظمة التي تعلن عنها كل ستة أشهر.

وتوقع الأمين العام للمنظمة، انجيل غوريا، «تعافي الاقتصاد العالمي، لكن وتيرة التحسن لا تزال ضعيفة والاستثمارات لم تبدأ بعد».

وتعد الولايات المتحدة من أكثر الدول تضرراً، إذ تشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الأميركي سينمو بنسبة 2% خلال 2015 و2.8% في 2016 بدلاً من 3.1 % و3% (على التوالي) كما كانت تتوقع المنظمة في نوفمبر الماضي.

ومن المتوقع تراجع نمو الاقتصاد الصيني إلى 6.8% خلال 2015 و7.1% خلال العام2016.

وفي المقابل، تشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو سيبلغ 1.4% خلال 2015 ونحو 2.1 في 2016 بدلاً من 1.1% و1.7% على التوالي في التوقعات السابقة. ولفتت المنظمة إلى أن التعافي الاقتصادي اتسم بضعف «غير معتاد»، منذ الأزمة المالية والاقتصادية.

وسجل الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 6.9% خلال الربع الثالث من العام 2015، وهو أضعف معدل له منذ الأزمة المالية العالمية وانخفض النمو على أساس سنوي كذلك عن المعدل الذي كانت الحكومة الصينية تستهدفه وهو 7%.

تقلبات الأسواق

وتعرض الاقتصاد الصيني لأضرار من جراء تقلبات أسواق المال الشديدة على مدار الصيف وضعف الأداء المسجل مقارنة بتوقعات الحكومة.

واستهدفت بكين رسميا تحقيق نمو بنحو 7% خلال عام 2015 بكامله، لكن رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، قال، إن انخفاض معدل النمو أمر مقبول طالما وفّر ما يكفي من فرص العمل الجديدة.

وحذر صندوق النقد من أن «الاستقرار المالي العالمي» لا يزال غير مضمون، وجاء التحذير في آخر تقرير عن الاستقرار المالي العالمي، عرضه المسؤول في الصندوق، جوزي فينالز، وأوضح فينالز أن طبيعة الخطر تغيرت، إذ إن الاستقرار المالي في الاقتصادات المتقدمة تحسن، ولكن المخاطر انتقلت إلى الاقتصادات النامية.

ويقول التقرير، إن الشركات والمصارف في الأسواق النامية لجأت إلى «الاقتراض المفرط» بقيمة 3.3 مليارات دولار.

وأشار التقرير إلى الصين وتايلاند وتركيا والبرازيل بأنها الدول، التي توسع فيها الاقتراض عما كان عليه، وتعد المعاملات التجارية بديون العملة الأجنبية قضية أخرى، لأن المعاملات قد تتضرر بارتفاع سعر صرف الدولار، وهو ما يجعل تسديد الديون مكلفاً أكثر بالعملة المحلية.ومن بين أكثر الدول عرضة لهذا الخطر المجر والمكسيك والتشيلي.

حصة الأسهم

وكشف تقرير، يركز على فئات الأصول الرئيسة في العالم، عن تخصيص حصة قوية للأسهم العالمية مقارنة بنسبة الدخل الثابت في المحفظة الاستثمارية. وفي نسبة الأسهم بالمحفظة، يفضل التقرير أسهم الأسواق المتقدمة مع التركيز بشكل خاص على أوروبا، التي تحظى فيها الشركات بفرص كبيرة للانتعاش مجدداً، محذراً في الوقت ذاته من أن إغلاق الحدود في أوروبا قد يؤثر في أرباح بعض الشركات.

وأصدر بنك «باركليز» مؤخراً تقريره للربع الأول 2016 حول إدارة الثروات والاستثمار، بعنوان «كومباس»، الذي يهدف إلى تقديم التوصيات الاستثمارية للمستثمـرين في أنحاء العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي حين خفض التقرير تخصيصه لنسبة الدخل الثابت في المحفظة الاستثمارية، إلا أنه يوصي بتخصيص هذه النسبة المُخفضة للسندات الحكومية الصادرة من الدولة المتقدمة مقابل السندات من الفئة الاستثمارية وسندات العوائد المرتفعة، وسندات الأسواق الناشئة.

ورصد التقرير العديد من المخاطر، التي تواجه أدوات الدخل الثابت وخصوصاً في الأسواق الأميركية، التي من المتوقع أن تشهد ارتفاعاً في مستويات العجز المرتبطة بقطاع الطاقة، وذلك نتيجة لانخفاض أسعار النفط.

نهج حذر

أما بالنسبة للاستثمار في السلع الأساسية، يوصي التقرير بإبقاء نسبة مُخفضة لهذه الفئة من الأصول، وحدد في هذا السياق نهجاً حذراً حيال قضية رفع أسعار الفائدة الأميركية، التي تواصل تأثيرها على أسعار السلع.

وأشار التقرير أيضاً إلى اقتراب السلع الأساسية، مثل النفط والنحاس، من بلوغ أدنى مستوياتها في الوقت الذي لا يزال فيه الذهب عرضة لتأثير الارتفاع الوشيك لأسعار الفائدة.

وقال ڤيك مالك، رئيس الاستثمارات والحلول العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وحـدة إدارة الثروة والاستثمار لدى «باركليز»: يبدو العام الجديد مناسباً بشكل عام لإجراء تغييرات ملموسة، ولكننا نتوقع أن يبقى المناخ الاقتصادي على حاله دون تغيير خلال الربع الأول من عام 2016، ما يدعم وجهة نظرنا بضرورة أن تكون المحافظ الاستثمارية أكثر تركيزاً على الأسهم.

أرباح

تشكل أرباح الشركات الفرصة الأكثر وضوحاً لتحقيق مزيد من التعافي في أوروبا، كما تعتبر حجر الأساس لترسيخ ثقل حصة الأسهم لأسواق هذه المنطقة.

وبحسب ڤيك مالك، رئيس الاستثمارات والحلول العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وحـدة إدارة الثروة والاستثمار لدى «باركليز»، لكننا ندرك أيضاً أهمية متابعة مبيعات الشركات الأميركية، بهدف تحديد فرص استثمارية معينة، خصوصاً أن أرباح الشركات قد تتأثر خلال الأرباع السنوية المقبلة نتيجة كبح أسعار السلع، وتنامي قيمة الدولار الأميركي.

وشدد على أهمية التخصيص الاستراتيجي على أساس المخاطر والإدارة النشطة للمحافظ الاستثمارية، وذلك لتحقيق أقصى قدر من العائدات.