تطمح المغرب التي تستضيف اليوم مؤتمر المناخ بمدينة مراكش، وتنظمه منظمة الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن تتحول إلى إحدى رواد الطاقات المتجددة في العالم، سواء المولدة عبر طاقة الرياح أو الشمس، على اعتبار كونها رهاناً جديداً قد يحل محل النفط، الذي كان إكسير الحياة وعماد التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر العالم في القرن الماضي.

وتستهدف المغرب توفير 42% من التيار الكهربائي اعتماداً على موارد متجددة للطاقة من منها 2 غيغاوات مصادر شمسية بحلول عام 2020، على أن تزيد لتصبح 52% بحلول عام 2030.

وعشية المؤتمر، نظم الاتحاد الأوروبي جولة للتعريف بأحد أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في العالم في مدينة ورزازات المغربية أو «بوابة الصحراء» كما يطلق عليها في المغرب،والتي يدعمها عبر ذراعه الاستثمارية بنك الاتحاد الأوروبي، وبالتعاون مع الهيئة المغربية للطاقة المتجددة «مازن».

نتائج

وتتضمن النتائج المتوقعة لمشروع ورزازات (المراحل الأربع): إنتاج 580 ميغاوات، وقد قام بتنفيذ المشروع «مازن»، حيث بدأ العمل فيه عام 2013 وتم افتتاح المرحلة الأولى، ومن المقرر أن تفتتح المرحلتان الثانية والثالثة في النصف الثاني من عام 2017.

وتستورد المغرب أكثر من 94% من طاقتها في حين يتوافر نور الشمس في البلاد طوال العام، ويشمل المخطط المغربي للطاقة الشمسية إنجاز عدة محطات لإنتاج الكهرباء من مصدر شمسي بكل من ورزازات، وعين بني مطهر، وفم الواد، وبوجدور، وسبخة الطاح، وميدلت، وطاطا، بكلفة مالية تصل إلى 9 مليارات دولار أميركي، ما سيمكن البلاد من إنتاج نحو 2000 ميغاواط من الكهرباء بحلول عام 2020، بما سيتيح بلوغ طاقة إنتاجية تناهز 4500 جيغاواط/ ساعة سنويا، أي ما يعادل 18% من الإنتاج الوطني الحالي.

تنويع

ويرتكز المشروع المغربي للطاقة الشمسية على تعزيز تأمين إمدادات الطاقة، من خلال تنويع المصادر والموارد، وتحسين المحصلة الطاقية، وتوفير الطاقة الحديثة لجميع شرائح المجتمع وبأسعار تنافسية، ودعم تعزيز القدرة التنافسية للقطاعات المنتجة في البلاد.

كما يستهدف المشروع المحافظة على البيئة، من خلال استخدام تكنولوجيات الطاقة النظيفة للحد من الانبعاث، وتعزيز الاندماج الإقليمي، عبر الانفتاح على الأسواق الأورو- متوسطية للطاقة وملاءمة التشريعات والقوانين في مجال الطاقة.

تسهيلات

وقال روبرت جوي رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، إن الاتحاد قام بتقديم تسهيلات من خلال آلية دول الجوار، وقد أسهم بنحو 1.2 مليار يورو تمثل 60% من القيمة الإجمالية للمشروع، وينقسم التمويل الى منح من الاتحاد بقيمة 106.5 ملايين يورو، و217.5 مليون يورو تمويلاً من بنك الاستثمار الأوروبي، إضافة إلى 127.5 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتمويل، و769 مليون يورو تمويلاً من الهيئة الألمانية للتنمية.

وقال إن الاتحاد الأوروبي يتابع العمل مع المغرب في مشروعات أخرى للطاقة المتجددة منها محطة لتوليد الكهرباء من الرياح في مدينة تطوان، ومشروعات أخرى في قطاع النقل.

دعم المشروعات

ومن جانبه قال بيير اتيان بوشو ممثل بنك الاستثمار الأوروبي في المغرب، إن البنك أدرج مواجهة آثار التغيرات المناخية على رأس أولوياته، حيث قدم خلال الفترة من 2010 إلى 2015 ما قيمته 110 مليارات يورو لدعم مشروعات تتعلق بمواجهة آثار التغيرات المناخية، تمثل 25%‏ من إجمالي ما يتم إنفاقه عالمياً على مشروعات تغير المناخ.

وأشار بيشو إلى أن المغرب ثاني أكبر مستفيد من دعم البنك في المنطقة بعد مصر، ولا سيما من خلال مشروع «نور»، الذي يصل إنتاجه من الطاقة المتجددة إلى 580 ميجاوات بحلول عام 2018 بما يسهم في تنفيذ استراتيجية المغرب بزيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في سد احتياجاتها، إلى 42% بحلول عام 2020، و52%‏ بحلول عام 2030.

حلول مبتكرة

من جانبه قال مصطفى باكوري رئيس «مازن»: إن أول اجتماع مع المانحين عقد في أبريل 2010 حيث عرضنا برنامج عمل المشروع، وبحثنا عن حلول مبتكرة للمشكلات، التي كانت تواجه المشروع في إطار التوجه نحو الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة وحماية البيئة، لافتاً إلى أن المشروع كان حافلاً بالتحديات التي نجحنا في تخطيها.

بدوره، قال نائب رئيس رومان اسكولارنو بنك الاستثمار: إن مشروع نور يتميز بالجمع بين الابتكار التكنولوجي، والتنمية المستدامة، لافتاً إلى أن 28%‏ من تمويل البنك موجه لمشروعات الحد من تغير المناخ بما قيمته 500 مليون يورو من إجمالي 1.7 مليار يورو منذ عام 2011، بما يساعد المغرب على الانطلاق في مجال الاقتصاد الأخضر، ولفت إلى أن البنك مول إقامة محطات في مجال الطاقة المتجددة ولاسيما طاقة الرياح في كل من إثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا، والأردن.

وأشار إلى أنه خلال العام الماضي فقط قدم البنك ما قيمته 1.4 مليار يورو لدعم دول منطقة المتوسط، منها 31% من هذا المبلغ للحد من التغيرات المناخية، والتكيف مع الآثار المترتبة عليها، وشدد على أن الرهان حالياً هو العمل على تحفيز النمو الاقتصادي والتنمية مع تقليل أثر الأنشطة الاقتصادية والصناعية على البيئة والاستدامة.

وأضاف أن البنك يستعد لإطلاق خط أخضر لدعم الاستثمارات الخاصة في مجال معالجة المخلفات الصلبة في المغرب، حيث سيتم توقيع اتفاق بين الجانبين في هذا الشأن على هامش مؤتمر الأطراف الـ22 الذي سيعقد في مراكش خلال هذا الأسبوع.

ومن جانبها قالت كاترين بارباريس مسؤولة تمويل مشروعات الطاقة المتجددة في جنوب المتوسط في البنك: إن البنك قدم خلال العام الماضي قروضا بقية 1.4 مليار يورو لمنطقة جنوب المتوسط، تم تخصيص 40%‏ منها لمشروعات النقل، و27%‏ في مجال الطاقة.

إنشاء

وتبلغ ميزانية بناء المرحلة الأولي «محطة نور» 700 مليون دولار، وتم التنفيذ خلال 3 سنوات بأيدي 2000 عامل مغربي والآن يشرف عليه 80 مهندساً مغربياً مدرباً على أعلى مستوى. وتضم المحطة ما يقارب نصف مليون لوح زجاجي مقوس وعاكس لأشعة الشمس، بارتفاع 12 متراً لكل واحد، في 800 صف طويل ومتواز، تدور وفق حركة الشمس، حيث تلتقط الأشعة المنبعثة، وتحولها إلى طاقة نظيفة.

ويمكن هذا النظام المبتكر للتخزين الحراري مواصلة تشغيل المحطة الشمسية مع مستويات منخفضة لأشعة الشمس وبعد غروبها، والوقاية من تغير الإشعاع الشمسي المباشر، ومن ثم تجنب الأخطار المرتبطة بتغيره.

وتعد محطة نور 1 جزءاً من مشروع «نور-ورزازات» الممتد علي مساحة 3000 هكتار، الذي يستهدف بعد الانتهاء من بناء نور 2 ونور 3 ونور 4 إنتاج 580 ميجاوات من الكهرباء، توفر الطاقة لمليون منزل مغربي بالطاقة النظيفة.

ترشيد

وسيكون المشروع أكثر اقتصاداً في استهلاك الماء من خلال توظيف تقنية التبريد الجافة، ما سيمكن من حصر الاحتياجات من استهلاك المجمع للماء في حدود مليوني متر مكعب تأتي من سد قريب، يبلغ مخزونه 440 مليون متر مكعب من مياه الأمطار.