كيف يبدو مستقبل عالم الألعاب بعد طرح «سويتش 2»؟

رغم التوقعات المتكررة بأن صعود منصات الألعاب المحمولة والألعاب السحابية وأجهزة الحاسوب عالية الأداء، سيجعل من أجهزة الألعاب المنزلية شيئاً من الماضي، فقد أثبتت شركة «نينتندو» اليابانية، أن هذه الأجهزة لا تزال تشكل ركيزة أساسية في صناعة الألعاب. فقد أعادت الانطلاقة القياسية لجهاز «سويتش 2»، رسم ملامح السرد السائد في هذا القطاع.

وبينما كانت الشركة تستهدف بيع 15 مليون وحدة من جهازها الجديد بحلول مارس من العام المقبل، فقد تمكنت من بيع أكثر من 3.5 ملايين وحدة خلال الأيام الأربعة الأولى فقط من إطلاقه، في أقوى انطلاقة تشهدها نينتندو على الإطلاق.

ويُعد هذا الزخم لافتاً لجهاز هجين، يجمع بين قابلية حمله واستخدامه المنزلي، خصوصاً في وقت تتجه فيه الصناعة نحو التوزيع الرقمي وخدمات الاشتراك. وقد بدأت الأرقام الأولية للمبيعات تعيد رسم التوقعات المالية لشركة «نينتندو» خلال السنة المالية الحالية، خاصة أن مبيعات الأجهزة والبرمجيات تشكل الجزء الأكبر من إيرادات المجموعة.

وعلى الرغم من أن تكلفة تصنيع «سويتش 2» تفوق تكلفة طراز الجيل السابق، يتوقع محللون، أن تصل إيرادات الشركة إلى 2.1 تريليون ين (ما يعادل 14.5 مليار دولار) خلال السنة المالية الحالية، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وهو ما يتجاوز تقديرات «نينتندو» السابقة، التي أعلنتها في مارس الماضي، والتي بلغت 1.9 تريليون ين.

غير أن حجم الإمدادات يمثل في الوقت الراهن عقبة كبيرة، وقيداً مباشراً. فقد أدى الطلب القوي المبكر، إلى حدوث نقص في المعروض، وواجهت بعض الأسواق بالفعل محدودية في توفر الجهاز عند الإطلاق. وفي محاولة لتلبية هذا الطلب، طلبت «نينتندو» من شركائها في التصنيع، تسريع وتيرة الإنتاج خلال الأشهر المقبلة. وتُعد شركة «إنفيديا» الأمريكية، المتخصصة في رقائق الذكاء الاصطناعي، من بين الموردين الرئيسين لجهاز «سويتش 2».

وأسهم النجاح الساحق الذي حققه جهاز «سويتش» الأصلي في تصعيد حدة المنافسة، وأطلق موجة جديدة من الأجهزة المحمولة المنافسة. ودخلت أجهزة مثل «ستيم ديك» و«روغ ألاي» و«ليجيون جو»، تتنافس على استقطاب نفس الفئة من المستخدمين. وتشير تقارير إلى أن «سوني»-المنافس الأقرب لـ «نينتندو»- تستعد بدورها لطرح جهاز «بلاي ستيشن» محمول جديد.

وتُضاف إلى هذه الضغوط، عوامل جيوسياسية، لا سيما تلك المتعلقة بسياسات التجارة الدولية. فقد أجلت «نينتندو» فتح باب الطلبات المسبقة في الولايات المتحدة لجهاز «سويتش 2»، من أبريل إلى يونيو، لتقييم أثر الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب. ولا تزال التهديدات الأوسع في هذا السياق غير محسومة.

ونظراً إلى أن الجهاز مطروح حالياً بسعر أعلى من الجيل السابق، فإن تحميل أي تكاليف إضافية على المستهلكين، قد يُبطئ بدرجة كبيرة من الزخم التجاري. ومع ذلك، فإن قوة «نينتندو» لا تكمن في التنافسية السعرية. فحتى مع وجود بدائل مغرية لدى المنافسين، تظل «نينتندو» متفردة بسلاسل ألعابها الحصرية، مثل «ماريو» و«زيلدا» و«بوكيمون».

كما أن التوافق العكسي مع ألعاب «سويتش» القديمة، يتيح للمستخدمين الوصول إلى مكتبة ألعاب جاهزة منذ اليوم الأول، ما يخفف من عبء اقتناء الجهاز الجديد على اللاعبين. لكن الأهم من ذلك، هو أن الميزة الأبرز لـ «نينتندو» تكمن في الألفة عبر الأجيال. فبالنسبة للكثيرين، تُشكل أجهزة الشركة أول تجربة لهم مع عالم الألعاب.

وقد مكنها هذا الارتباط العاطفي من الحفاظ على مكانتها، حتى مع تغير اتجاهات الصناعة من حولها. وهكذا، فإنه في سوقٍ كان يُعرف سابقاً بدورات المنتجات القصيرة، وتقلب أذواق المستهلكين، تُعيد «نينتندو» تعريف ملامح استراتيجية الألعاب الناجحة في مشهد مجزأ ومتعدد المنصات.