الاثنين 15 شعبان 1423 هـ الموافق 21 أكتوبر 2002 استحق المخرج اللبناني الشاب أكرم الزعتري جائزة مهرجان الاسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة السادس الذي انتهى منذ أيام قليلة وذلك من خلال فيلمه الجديد (هو + هي) (فان ليو) الذي تناول حياة مصر من خلال المصور الفنان الذي اعتزل المهنة مؤخرا. وهو قصيدة شعر في حب الفن قدمها أكرم البارز اللبناني في مجال السينما التسجيلية عن واحد ممن عشقوا الكاميرا والصورة.. «البيان» التقت أكرم الزعتري بالاسماعيلية وكان هذا الحوار الذي تطرق لاشياء كثيرة غير الفيلم والجائزة. عشق السينما ـ في البداية سألنا الزعتري عن علاقته بالسينما؟ ـ منذ الصغر عندما كنت أشاهد الأفلام المصرية والأميركية بالسينما القريبة من منزلي وقتها لم أكن أعرف شيئا عن السينما ولكن كنت أتعلق بهذه الخيالات التي أشاهدها وكانت تعجبني الحالة التمثيلية وكنت أعيش فيها لفترات طويلة بعد انتهاء العرض الى أن أدركت ان هذه الخيالات وهذه الحالة التي أجد نفسي بها هي ما يسمى بالسينما فقررت الاقتراب أكثر وأكثر حتى استطعت دراسة السينما بالمدرسة الحديثة بأميركا واخرجت عددا من الحلقات السينمائية لتلفزيون المستقبل بعنوان (بيوت وبيوت). ـ كيف أنجزت فيلمك الاخير (هو + هي) (فان ليو)؟ ـ لم يكن في ذهني انجاز فيلم تسجيلي عن فان ليو فالحكاية بدأت عندما أسسنا المؤسسة العربية للصورة التي تهدف الى انشاء أرشيف عربي للصور الفوتوغرافية والبحث والتنقيب عن تاريخ الصور الفوتوغرافية والمصورين الفوتوغرافيين فجئت الى القاهرة وبحثت عن الصور عند كل المصورين فاستوقفني فان ليو وحكاياته فسجلت معه ما يقرب من خمس ساعات في يوم واحد وبعدها عدت الى لبنان وقررت عمل فيلم عن هذا الرجل خاصة. وفان ليو كإنسان يملك مقومات وجاذبية تغري أي مخرج بالتعامل معه في عالمه وعالم التغيرات التي حدثت في مصر طوال نصف قرن عاشقا للصور والناس وبمناسبة الناس فالقصة التي جاءت في الفيلم عن السيدة العربية التي طلبت من فان ليو تصويرها عارية حقيقية وهي لامرأة مصرية طلبت من فان ليو عام 1959 تصويرها عارية وفي رأيي هذه المرأة في منتهى القوة والجرأة لامرأة في مثل ظروفها في نفس الوقت وبالنسبة لفان ليو هي حالة غريبة خاصة اذا عرفت انها لم تأت بعد ذلك لاستلام صورها.. وهي الشيء الذي جعل المصور يحتفظ بها الى الآن. ـ هل كنت تتوقع جائزة مهرجان الاسماعيلية الكبرى؟ ـ اطلاقا وأنا لم أكن أنوي المشاركة بالفيلم في مهرجان الاسماعيلية والذي حدث ان مخرجة تسجيلية لبنانية صديقة هي اليان الراهب حدثت أحد مسئولي المهرجان عن الفيلم فأعجب به فطلبت مني ارساله الى هذا المسئول لكي يراه فأرسلته وبعد ذلك عرفت انه دخل المسابقة الرسمية . الفيلم التسجيلي ـ ماذا عن خريطة السينما التسجيلية في لبنان؟ ـ السينما التسجيلية في لبنان عكس دول عربية كثيرة لديها جمهور كبير ولها سوق كبير في الفضائيات ولدينا عدد كبير من شركات الانتاج والمؤسسات الثقافية تهتم بالفيلم التسجيلي وأعتقد أن الاهتمام بالسينما التسجيلية جاء كنتيجة طبيعة لعدم وجود سينما درامية روائية طويلة وهي السينما التي غابت بسبب ظروف الحرب وانفصال المشاركات العربية والإنتاج المشترك بين الدول العربية وخاصة مصر ولبنان كل هذا أدى الى غياب السينما الروائية الطويلة وأدى أيضا الى بزوغ نجم السينما التسجيلية التي تعتمد على الفكر قبل الانتاج السخي وقبل اقتصاديات السينما المعروفة. ـ قمت منذ فترة بإنشاء ورشة سينمائية ببيروت ضمن تسعة من المخرجين العرب يرى البعض انها لم تسفر عن شيء ملموس ما رأيك في ذلك؟ ـ هذه الورشة سميناها (فيزاترانزيت) وكانت مجرد فكرة بدأتها مع صديقي محمود حجيج المخرج التسجيلي وقمنا بدعوة تسعة من فنانيي الفيديو لقضاء أسبوع ببيروت لاستكشاف طرق جديدة في عمل الفيلم التسجيلي وفي توثيق المبدع بالكاميرا واستكشاف علاقة الفنان بالوسيلة التي يعبر بها عن نفسه وخلال هذا الأسبوع قدم كل فرد فيهم محاولاته لاستكشاف بيروت من خلال فيديو مدته دقيقة واحدة وأعتقد ان من شاهد الأفلام التسعة التي عرضت بالاسماعيلية لاحظ أن هناك شيئاً ما مختلفاً يحدث وهذا شيء جيد وينبغي أن تنتظر المزيد لأن هذه التجارب سوف تحرك ساكنا في الحياة الفنية . سينما وفيديو ـ أنت من جيل سينمائي يستمد الفيديو في أعمال مستقلة.. هل تعتبر الكاميرا الديجيتال بديلا عن السينما؟ ـ شئنا أم أبينا أصبح للفيديو شكلا ولغة وخصوصية ما كأداة تعبير مستقلة ونحن الآن نجد أنفسنا نعيد طرح استخدام الفيديو لكي يستقل اقتصاديا وفكريا عن القوالب الجاهزة والانماط التقليدية وهو في نفس الوقت ليس بديلا عن السينما وإنما وسيلة جديدة للتعبير بشكل مستقل. ـ ماذا تعني بالاستقلال؟ ـ (السينما المستقلة) في الوطن العربي للأسف الشديد يظن البعض أنها الفقيرة ذات التكلفة المنخفضة والتي لا تنتجها المؤسسات ويقوم بإنتاجها شركات بسيطة أو مخرجو هذه الأفلام أنفسهم ولكن الاستقلال من وجهة نظري ليس في السوق الاقتصادية فحسب وانما في الافكار والاشياء التي تقدم ايضا لذلك فنحن في حاجة الى افكار مستقلة بعيدة عن النماذج الجاهزة التقليدية وأهم شيء ألا يفكر المخرج في عمل فيلم ما حسب احتياجات السوق، هذه المسألة أهم عناصر الاستقلال من وجهة نظري وفي نفس الوقت فالسينما المستقلة ليست بالضرورة جيدة أيضا. القاهرة - مكتب «البيان»: