ليس هناك أسرع من الأيام والزمن، ففي صبيحة يوم السابع والعشرين من يوليو عام 2008 استيقظ المصريون والعرب على خبر رحيل المخرج السينمائي الأبرز في تاريخ السينما العربية يوسف شاهين، الذي تكمن قيمته في تعبيره الصريح عن ضمير بلده، وأحد العرب القلائل الفائزين بجوائز السعفة الذهبية لمهرجان كان الدولي، والآن مر على رحيله سبعة أعوام كاملة، لذلك كان حقاً وتقديراً لمشواره الفني الذي أثرى السينما المصرية والعربية أن نقدم أربع محطات في حياته كفيلة أن تجعل الجميع يصنفونه أعظم مخرجي السينما المصرية، فضلاً عن الاهتمام العالمي به وبما يقدمه من فنون.

أفلام صنعت تاريخاً

يكفي أن تعرف أنه من بين 37 فيلماً أخرجها الراحل يوسف شاهين اختيرت منهم سبعة أفلام في قائمة أفضل مئة فيلم مصري صنعوا حتى الآن، وهي أفلام «صراع في الوادي» الذي شهد الظهور الأول للنجم العالمي الراحل عمر الشريف، والثاني فيلم «باب الحديد» الذي قام ببطولته رفقة النجمة الراحلة هند رستم والنجم الراحل فريد شوقي. والفيلم الثالث هو «الناصر صلاح الدين» الذي ترشح لجوائز الأوسكار ويصنفه الكثيرون على أنه أفضل فيلم تاريخي قدم بالسينما المصرية، وكذلك فيلم «الأرض» أكثر أفلام شاهين نجاحاً،وأضف إلى تلك القائمة أفلام (العصفور، وعودة الابن الضال، وإسكندرية ليه).

الجوائز في حياة المخرج الراحل كانت كثيرة ومن قبل العديد من المهرجانات الدولية المعترف بها وصاحبة الاهتمام العالمي، إلا أن أهمها كانت جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان الفرنسي في عيده ميلاده الخمسين عن مجمل أفلامه التي قدمها حتى وقت انعقاد الدورة من مهرجان كان عام 1997، وبعدها منح مرتبة ضابط بلجنة الشرف من فرنسا أيضاً، وهو لقب من أرفع الألقاب في فرنسا.

وأضف إلى تلك الجائزة كل هذه الجوائز أيضاً: جائزة التانيت الذهبية من مهرجان قرطاج السينمائي عن فيلم «الاختيار»، وجائزة الدب الفضي من مهرجان برلين السينمائي عن فيلم «إسكندرية ليه»، بالإضافة إلى جائزة أفضل تصوير عن فيلم «إسكندرية كمان وكمان» من مهرجان القاهرة السينمائي، وجوائز أخرى كثيرة تحتاج لوقت طويل للحديث عنها.

المحطة الثالثة (المدافع عن الحريات)

الأشخاص الذين يتحدث عنهم رؤساء وزعماء كبار دول العالم ليسوا كثيرين، إلا أن ما قدمه شاهين من إبداع كان كفيلاً له أن يجبر هؤلاء الرؤساء على التحدث عنه والذين كان من بينهم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي حين وصفه بأنه المدافع عن الحريات وذلك في نعيه له بعد وفاته حين وصفه بكلمات قليلة لكنها فريدة من نوعها، قائلاً: «مدافع كبير عن حرية التعبير وبشكل أوسع عن الحريات الفردية والجماعية»، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) في ذلك التوقيت، وقال عنه أيضاً: «يوسف شاهين مفكر صاحب استقلالية كبيرة وهو مدافع كبير عن تزاوج الثقافات».

طائرة خاصة

أثناء مرض الراحل حدثت واقعة تكشف مدى اهتمام العالم بهذا المبدع، وذلك حينما تعاونت كافة الجهات لتوفير طائرة إسعافات ألمانية خاصة لنقله من مستشفى الشروق بالقاهرة إلى المستشفى الأميركي بباريس، الأحدث تقدماً وتطوراً خلال تلك الأيام، لكن علمه الجيد بصعوبة حالته الصحية وأن النهاية اقتربت جعلتهم يستجيبون لرغبته وقاموا بإرجاعه إلى مصر مرة أخرى قبل وفاته بساعات ليست كثيرة، إلى أن توفي عن عمر 82 عاماً.