بعض الأعمال السينمائية لا تحتاج إلى وقت طويل لتفكر في أحداثها، أو توقع نهايتها وأحداثها، وفيلم «انسبكتيد» (غير متوقع) للمخرج الأميركي كريس سوانبيرغ جاء ضمن قائمة هذه الأفلام، التي سرعان ما قد تصيب المتفرج بالملل لما في أحداثها من رتابة واضحة أصابت «انسبكتيد» في مقتل، لم يتمكن معه من الصمود طويلاً في دور السينما الأميركية ليخرج منها سريعاً نحو خدمة الأفلام تحت الطلب التي تقدمها العديد من شركات الاتصالات والقنوات التلفزيونية المدفوعة.

«انسبكتيد» هو التجربة الثالثة في مسيرة كريس سوانبيرغ، 35 عاماً، الذي يبدو أنه لم يستطع استثمار نجاح تجربته الروائية القصيرة «طفل ماريا» الذي قدمه العام الماضي، ليفقد سوانبيرغ قصة فيلمه «انسبكتيد» في أروقة الرتابة وعدم التجديد، فما تكاد تفرغ من مشاهدته حتى تسأل ما الذي كان يود سوانبيرغ أن يقوله لنا من خلال هذا الفيلم الذي جاء على شاكلة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الأميركية التي تدخلنا الكثير منها في أجواء المدارس الثانوية.

أحداث

أحداث الفيلم تدور في أروقة إحدى المدارس الثانوية، حيث تعمل سمانثا معلمة لمادة العلوم، وبين كفاحها للمحافظة على عملها والبحث عن آخر، تكتشف فجأة حملها بعد شعورها بتغيرات فسيولوجية تطرأ عليها، ومن خلال البحث والفحص تتأكد من حملها الذي يصيبها للوهلة الأولى بالإحباط، وسرعان ما يساهم زوجها «جون» على إخراجها من الحالة بتقديمه الدعم الكامل لها، ليقررا معاً الاحتفاظ بالجنين.

وفي الوقت الذي يدق خبر حمل سمانثا أبواب مدرستها، تتفاجأ بخبر حمل إحدى طالباتها وهي «جاسمين» التي تستعد للتخرج من المدرسة والانضمام إلى الجامعة، إلا أن جاسمين تقرر هي الأخرى الاحتفاظ بالجنين رغم تخلي والده عنه، ما يفضي إلى تعزيز صداقة سمانثا بطالبتها، لتبدأ الاثنتان معاً اكتشاف تفاصيل التجربة الجديدة عليهن، ومواجهة التحديات التي تفرضها عليهن، وكيفية المحافظة على أطفالهن.

لا شيء جديد يقدمه المخرج كريس سوانبيرغ في فيلمه الذي تولى بنفسه كتابته بالتعاون مع ميغان ميركر، فسير الأحداث يشعرك لوهلة أنك أمام فيلم أعد للعرض التلفزيوني وليس السينمائي، وإن كان قد مر في عدد من المهرجانات السينمائية من بينها صندانس السينمائي الذي شهد في يناير الماضي عرضه الأول، ليخرج منه سوانبيرغ خالي الوفاض، مكتفياً فقط بإعلان ترشيحه لمسابقة المهرجان.

خيارات ضيقة

تسلسل أحداث الفيلم، أوضح مدى ضيق خيارات سوانبيرغ، ففيه لم يعتمد على وجوه معروفة سينمائياً، بقدر شهرتها في التلفزيون، لذا كانت الخيارات محصورة بين الممثلة كوبي سمولدرز (سمانثا) وغيل بن (جاسمين) واندريس هولمن (جون)، والذين شقوا جميعاً طريقهم نحو النجومية من خلال أعمال تلفزيونية، ففي حين اشتهرت كوبي في المسلسل الأميركي (How I Met Your Mother) الذي عرض في 2005 للمرة الأولى، عرفت غيل طريقها من خلال مسلسل «شوغر» وعدد من الأفلام القصيرة، والأمر ذاته انسحب على هولمن الذي شارك أخيراً في تقديم أحدث أجزاء سلسلة (Workaholics) التلفزيونية.

ولعل ذلك يفسر لنا سبب تأثر المخرج سوانبيرغ بنمط أفلام التلفزيون، الذي قاده لتقديم فيلم يتمتع بالكثير من الرتابة والحوارات وبقليل من التشويق السينمائي، الذي يعد أحد أبرز أسباب نجاح أي فيلم. ابتعاد سوانبيرغ عن التشويق وعدم إدخاله الفيلم في حقل المفاجآت، أفقده الكثير من احتمالات نجاح الفيلم الذي يعتبر عائلي بامتياز، وفيه محاولة للاقتراب من واقع تجربة الحمل والظروف المحيطة بها.

إضاءة

اعتماد المخرج كريس سوانبيرغ لصيغة الأفلام التلفزيونية سواء في كتابة السيناريو أو حتى تطبيق رؤيته الإخراجية، جعلنا أكثر قدرة على توقع طبيعة نهاية الفيلم وتسلسل أحداثه، حتى قبل الوصول إلى منتصف الفيلم الذي لم يستطع دخول شباك التذاكر الأميركي.