يترك فيلم السجادة الحمراء الاسترالي «التاكسي الأخير إلى داروين» للمخرج جيرمي سيمز والذي عرضه مهرجان دبي السينمائي أمس في مدينة جميرا بدبي، أثراً عميقاً في النفس يدفع المشاهد إلى التأمل، خاصة وأن قصة الفيلم الإنسانية تتناول فكرة مواجهة الموت، ورحلة الإنسان إلى أعماق نفسه ليعيد صياغة العديد من قناعاته وأفكاره في اللحظات الأخيرة. يبدأ الفيلم من عيادة الطبيب الذي يخبر سائق التاكسي ريكسي (الممثل مايكل كيتون) الذي يقارب عمره من الستين، إصابته بمرض السرطان المتقدم وبأن ما تبقى له من العمر لا يزيد عن الثلاثة أشهر. يغادر ريكسي العيادة رافضاً أي نوع من العلاج يفرض عليه البقاء في المشفى.
وتشاء الصدفة أن يقرأ مقالة في الجريدة عن القتل الرحيم الذي تتبنى فكرته الطبيبة فارمر (الممثلة جاكي وويفر) المقيمة في بلدة داروين التي تبعد 3000 كيلومتر عن مقر إقامته في بروكن هيلز، ونتعرف على أصدقائه المقربين وجارته من السكان الأصليين.
رحلة ريكسي
يقرر ريكسي التوجه إلى داروين بمفرده بعد وداع أصدقائه وجارته بولي «نيغالي لوفورد-وولف»، لتبدأ رحلته الطويلة التي يتعرض خلالها إلى العديد من المواقف الإنسانية ليصل إلى داروين برفقة شاب من السكان الأصليين وصديقته الممرضة البريطانية. ويشكل وصولهم علامة تحول في شخصياتهم تدفعهم لاتخاذ قرارات مختلفة.
يتميز الفيلم الذي يستأثر باهتمام المشاهد ووجدانه، بعمق معالجة الفكرة والشخصيات المركبة التي تسكنها هواجس مختلفة تتمحور حول الخوف، ونزاهة الطرح وبراعة أداء الممثلين الذين جمعوا بين الصدق والبراءة وفي مقدمتهم كاتون الذي تفوق على نفسه في العديد من المشاهد لينال جائزة أفضل ممثل في أستراليا عن دوره في هذا الفيلم. كما يحسب للفيلم تناول الحياة المشتركة بين البيض والسكان الأصليين الذين حضروا في الفيلم بكرامتهم واعتبارهم. كما يتعرف المشاهد عبر الرحلة على جماليات تنوع جغرافية طبيعة استراليا وموسيقاها.
مبدأ التحول
يقول المخرج سيمز في بداية لقائه مع «البيان» عن العوامل التي ساهمت في إنجاح الفيلم: «استند الفيلم على السيناريو الذي كتبته بالتعاون مع ريغ كريب وفق أسلوب الفنان المبدع روبرت مكي»1941«صاحب القصة الشهيرة : الفكرة، البنية، الأسلوب ومبادئ كتابة السيناريو»، الذي يعتمد في بناء القصة على تحول وتغير الشخصيات. كما تركت مساحة للممثلين ليرسموا بمشاعرهم الشخصيات، كما ساعدت رحلتنا الطويلة إلى داروين في ذاك التقارب الإنساني بين المجموعة من جهة، وبين الممثل ودوره من جهة أخرى».
أصعب المشاهد
ويتحدث الممثل كيتون عن خصوصية دوره قائلاً: «اعتدت في السابق أداء الأدوار الكوميدية وفي هذا العمل عشت تجربة مختلفة، لأتعايش مع الدور لزمن طويل حتى بعد انتهاء تصوير الفيلم، خاصة المشهد الذي صورته في المشفى بعد دخول ريكسي المشفى في داروين والذي أعاد إليّ الكثير من الذكريات المؤلمة. أما أجمل العبارات التي أعجبت بها في الفيلم عندما يقول ريكس المثل الشعبي لدى مواجهته بمرضه«إن كانت الأمنيات أحصنة لتعلم المتسولين ركوب الخيل» بمعنى أنه لا فائدة من الأمنيات».