في مسلسل تلفزيوني جديد على هيئة قناة "بي بي سي"، ينقلنا المصور الصحفي في "اوبزرفر"، ايمون ماكابي، عبر التاريخ للتعرف على تطور أشكال التصوير في بريطانيا، منذ أن كان فناً وتجارة، وصولاً إلى أحدث أشكال التعبير الحديثة المتمثلة بـ"السلفي"، وهو في سياق ذلك، يقول لصحيفة "غارديان" البريطانية إنه يريد أن يعبر عن حبه الأبدي لتلك المهنة التي بدأ مشواره معها منذ عام 1970.

وأدرك ماكابي على الفور، منذ التقاط صوره الأولى لحفل موسيقي في جامعة ليدز عام 1970، أن هذا ما يود أن يفعله طيلة حياته، وفي مسلسل من ثلاث حلقات، بعنوان "بريطانيا في عدسة الكاميرا" يسرد لنا، وهو الحائز على جوائز عدة، قصة تطور تلك الواسطة، والرابطة التي جمعته بالتصوير.
تبدأ السلسلة التلفزيونية في صيف 1835 مع صورة للموسوعي هنري فوكس تالبوت، وهو يسير بالقرب من منزله الريفي في "لاكوك آبي" بولتشاير، وفي يده صندوق خشبي صغير صنعه له النجار، مجهزاً بعدسات في أول محاولة لفوكس تالبوت لالتقاط الصورة الأولى في بريطانيا، وقد نجح في ذلك.

وتنتقل السلسلة بعد ذلك إلى أشخاص بارزين، من أمثال روجر فنتون، العضو المؤسس لجمعية لندن للتصوير، الذي كرس حياته لتحسين المعايير الفنية للتصوير، والارتقاء به إلى مصاف الفنون الجميلة. وكانت أبرز صور فنتون تلك المأخوذة خلال حرب القرم، في وادي "ظل الموت"، وهي ليست صوراً لقتال ومعارك، إذ لا نشاهد جثثاً ملقاة على الأرض، بل مجرد مناظر طبيعية مع كرات تعود لمدافع. ومع ذلك، كانت قوة التصوير كفيلة في نقل مشاعر الرعب في المكان. وقد عاد فنتون إلى يوركشاير في عام 1869، وعلى مدى 11 عاما، وبعد أن التقط حوالي ألفي صورة أراد أن يرتقي في التعبير، لكن أعماله كانت عرضة للتهديد، لأن التصوير لم يعد معنياً كثيرا بالفن بحلول عام 1860، وإنما بالتجارة.

ويمكن العثور على دلائل عن ازدهار التصوير التجاري في كل شارع رئيسي في بريطانيا، وقد فتح المصور إدوارد ريفز عمله في ايست ساسكس، عام 1855. ومع تدهور الأسعار، فإنه لأول مرة في التاريخ بات من الممكن حتى لأصحاب المداخيل المتواضعة تحمل تكلفة التقاط صور لأنفسهم.

وفي الأزمنة الحديثة، فإن التركيز على التقاط الصور الشخصية للذات أخذ زخماً جديداً. في الحلقة الثالثة من السلسلة التلفزيونية، نلتقي بإحدى الناشطات على انستغرام، مولي بونفياس، البالغة من العمر 16 عاما، وهي بين 500 مليون مستخدم لانستغرام حول العالم. وتقوم مولي بالتقاط "سناب" على هاتفها الذكي، ونشره على الإنترنت. ليس الأمر مجرد هواية لمولي، فهي تنشر تعليقاً بشان حياتها الخاصة أيضا. وتعبر مولي عن نفسها عبر التصوير كل يوم، والواسطة لم تكن يوماً اكثر حيوية مما هي في أيدي أشخاص مثلها. صورة السيلفي أصبحت النوع الأكثر انتشارا في القرن الواحد والعشرين، والموضوع الأهم للمصور العادي اليوم هو موضوع صور السيلفي.