ما زالت الفعاليات الثقافية والشعرية في امارة الشارقة تؤبن الشاعر محمد بن حاضر، حيث اعرب عدد كبير من الشعراء عن تأثرهم الشديد بغياب هذه القامة الشعرية والثقافية، واكد جلهم انه بالرغم من رحيل بن حاضر سوف تبقى ذكراه على مر السنين.
وقال الشاعر والاعلامي راشد شرار مدير مركز الشعر الشعبي بالشارقة: لا شك أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد خسرت شاعراً وأديباً برحيل الشاعر محمد خليفة بن حاضر - رحمه الله، فهذا الرجل سخر إمكاناته المعرفية من أجل أن يساهم مع رفاق الأدب في أن تتبوأ دولة الإمارات مكانة يطمح إليها كل إماراتي وعربي محب لهذه الدولة. وأنا تربطني بهذا الرجل - رحمه الله علاقة صداقة، ورحيله يمثل حزناً لي، لكننا كمسلمين نسلم بأمر الخالق سبحانه، ونرضى بقدره الذي كتبه علينا في اللوح المحفوظ، لتبقى أعمالنا وما قدمناه لمن سيأتي. وفي غمرة هذا الحزن لا يسعني إلا أن أبتهل إلى الله سبحانه أن يشمله بواسع غفرانه ورحمته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان، فبحق سيبقى حياً بما قدمه من أعمال جليلة، وإن رحل جسده عنا فإن أدبه باق بيننا.
غياب الجسد وخلود الذاكرة
وقال الشاعر والاعلامي محمد البريكي المدير الفني لمركز الشارقة للشعر الشعبي: مهما طالت سنين العمر فإن النهاية حتمية، وسيأتي يوم يحمل الانسان على الأكتاف كما حمل هو مزيجاً من التناقضات على كتفه في حياته، ولأن الحديث عن شاعر، فقد جسد هذه الحالة منذ زمن بعيد شاعر آخر هو كعب بن زهير حين قال:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامتهُ
يوماً على آلة حدباء محمـــــول
نعم، حـُمـِـل نعش الشاعر محمد خليفة بن حاضر، ووري جثمانه الثرى، لكن ما قدمه من عمل سيبقى بقاء النسيم الذي يهبنا الحياة والنشاط في صبح ٍ جميل، سيبقى بقاء الورد بعبقه ولونه ونشوتنا إلى وجوده.
والخسارة التي قد نتحدث عنها هي في عطائه الذي قد يأتي لو أن الله أمده بعمر أطول، لكنه قدم لساحة الشعر الإماراتية كلمة مزجت بين الأصالة والتجديد، وأهداها كنزاً معرفياً شعرياً ستتوارثه الأجيال، وتجربة خلاقة وتعاملاً إنسانياً، وحباً للوطن، وله أقول:
الحاضر ايغيب إن ما كان لــه قيمـــــه
واللي عطا لو رحل في الذاكره حاضر
كنت انت في دنيتك لاحلامنا غيمـــه
وتم العطر من بعد فقدك يا بن حاضر
رمز من رموز الأدب العربي
ومن جانبه يقول الشاعر والاعلامي خالد الظنحاني: ليس سهلا على الانسان ان يودع اخا أو صديقا أو انسانا عزيزا عليه، دونما ألم وحزن على فراقه، ونحن اذ ننعي رجلا من رجالات السياسة والأدب والثقافة عموما تتوشح نفوسنا التي الفت المحبة الأخوية والصداقة الإنسانية كبير اثر وعظيم حزننا على فراق محمد بن حاضر الذي نعتز بأخوته وصداقته الخالصتين.
ويضيف الظنحاني: لقد لمسنا تواضع هذا الرجل وكرمه وانسانيته فهو لا يتردد في الاتصال بك والسؤال عنك ومناقشتك في كتاباتك واطروحاتك فهو محب للمعرفة والثقافة والمثقفين، أيضا تعرفنا إلى عمق أبداعاته التي أثرت المشهد الثقافي والأدبي في دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم العربي بالجميل والبديع من الشعر والنشر الذي يكتبها بن حاضر، فهو واحد من رموز الادب العربي المتجددين والمجددين في الشعر الفصيح والذي اضفى على المفردة الشعرية عمقا عروبيا وقوميا كبيرين، ولقد كان بن حاضر عروبيا وقوميا بامتياز، قل نظيره في عصرنا الراهن الذي غلبت عليه الذاتية والفردانية والإقليمية.
وأوضح الشاعر والإعلامي خالد الظنحاني أن محمد بن حاضر جعل من الكلمة الصادقة عنوانا أثيرا لتجربته الأدبية سواء على مستوى القصيدة او المقال النابض الذي يكتبه وينشره بين الحين والاخر في الصحف اليومية، مشيرا الى ان محمد بن حاضر من الرجال الذين ينفذون سياسة العمل بصمت سواء على المستوى العملي او الاجتماعي أو الثقافي، وذلك لما نعلم عن هذا الرجل من أمور كثيرة يعملها بحب واخلاص وتفان من دون التظاهر او التبجح امام وسائل الاعلام التي يقصدها كثير من الناس بعمل ومن دون عمل مخلص يستحق الاهتمام.
ويكشف الظنحاني انه قبل ايام من وفاته جرى بيني وبينه حديث مطول حول هموم وقضايا الساحة الثقافية في الدولة، وتطرقنا الى الشأن السياسي ايضا وخاصة موضوع المجلس الوطني الاتحادي والعملية الانتخابية، وتبين لي من خلال حديثه انه رجل معرفي وذو ثقافة عميقة تنم عن ذكاء ووعي كبيرين، هو يعيش الراهن في خضم الحياة العامة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا برغم غيابه عن المشهد الإعلامي بإرادته بطبيعة الحال.