مازالت الساحة الثقافية والادبية في الامارات تعيش حالة فقد شخصية ثقافية وسياسية واجتماعية ووطنية اسهمت في دعم الثقافة الوطنية.. فمازال رحيل الشاعر والاديب محمد بن حاضر يؤجج المشاعر عند محبيه وكل من عرفه واقترب منه، فقد عبرت اصوات ثقافية وابداعية كثيرة عن حزنها على هذا الفقد، كما طالب العديد منهم بضرورة ان يصار الى جمع مآثر الفقيد الادبية والشعرية واصدارها لتحتل مكانها في المكتبة الوطنية، ولتكون مرجعا للبحاث والنقاد..
(البيان) واصلت امس رصد تفاعلات الساحة الثقافية حول رحيل الاديب والشاعر ابن حاضر، وكان الاتصال باكثر المقربين من الشاعر ابنه خالد بن حاضر له وقع خاص، وبصوت ممتلئ بالهدوء والإيمان وشجن الفقد، تحدث خالد ابن الفقيد الشاعر الإماراتي محمد بن حاضر عن أبيه في كينونة البيت وعلاقاته معهم، كونها تتعدى خط العلاقة الأبوية إلى تجسيد لترانيم القصيدة وترتيلها على مسامعهم كلما التقى وتقاطع معهم بعيدا عن مشاغل العمل.
مشيرا إلى تلك الترانيم اليومية كأصداء وموجات من الفعل الشعري بعبارة: (اعتدنا أن نستمع إلى أصداء شعر أبي بين جنبات المنزل، خصوصا ما كان يحفظه للمتنبي)، مضيفا أنه رحمه الله كان يؤلف وينسج تقاسيم الشعر والتفعيلة لتفاصيل اللحظة والمواقف اليومية والمناسبات العزيزة والتجمعات الأسرية التي ما ان تمر بالعائلة مثل تخرج أحفاده من المدرسة، إلا ويصدح في تلك الأجواء الحميمية صوت قصائده الفتية المعبرة عن تلك المعادلة الأزلية في كون الشعر وسيلة صادقة في تحقيق الحب والعطاء. مبينا خالد أن أباه كان يكتب القصيدة من شطرين أو أكثر وأحيانا قصيدة في صفحة كاملة ويلقيها عليهم ويشعرون بأنه كتبها لهم.
ولفت خالد أن والده تميز بحس الدعابة في البيت من خلال القائه لشعر الفكاهة تعبيرا عن تفاصيل المواقف اليومية في المنزل، ويدونها بشكل شخصي للعائلة ولا يعمدها للنشر. والتي ما ان يلقيها عليهم إلا ويضفي جوا من الحب والابتسامة بين الجميع. يقول خالد: (والدي رحمه الله.. كان دائم البشاشة والفرح ، ويتداول الشعر بالابتسامة في الكثير من المواقف).
كان متفاعلا ودائم التواجد مع مجالس الأدباء والسمر الرمضاني، بروح من الحس والنشاط والتواصل مع من يوازونه في حبهم للشعر، تحقيقا لمحبة الحياة والعطاء وأنه أسمى ما سعى أن يوصله للناس.
وأكد خالد أن أباه كان حريصا كل الحرص أن يهتم أبناؤه بأعمالهم، من خلال متابعتهم والسؤال المتواصل عنهم، "كان يريد منا أن نتابع أعمالنا ونتميز بها، كونها مسؤولية ومبدأ لتنفيذ رسالة العطاء الإنساني". مبينا أن ما حققوه نتاج هذا الحرص وهذه المتابعة الطيبة، وأنه طيب الله ثراه لم يتواصل شعرا بصورة دائمة معهم، ولكنه كان الأب الشاعر في الموقف، كون إحساس الأبوة عنوانا للقصيدة التي لن تنتهي بموت صاحبها أو غيابه. لذلك فإنه الحاضر الغائب في قلب العائلة ليتوج بعدها روحا سامية في وجدان الشعر والشعراء.