مشروع تحدي القراءة الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يلقي الضوء على نافذة أخرى من التحديات المقترنة بمنظومة الكتابة للطفل وجدلية القراءة، خاصة أن سموه قد قام بإطلاق كتاب من جانبه صدر صبيحة الإعلان عن المشروع الجديد وجاء بعنوان «القائدان البطلان»، وهو يتحدث عن كيفية تحقيق الأحلام الكبرى، وكيف استطاع القائدان المؤسسان الشيخ زايد والشيخ راشد، طيب الله ثراهما، تحويل حلم كان يراودهما وهما في اجتماع داخل خيمة في الصحراء إلى حقيقة واقعية، بل إلى دولة ذات وزن وتعيش فيها الأسر بسلام وأمان ويلعب فيها الأطفال في كل مكان.
إنتاج ملموس
يعد كتاب «القائدان البطلان» دعماً مباشراً من سموه للكتاب والمؤلفين المختصين بثقافة الطفل في الوطن العربي وتحفيزاً ملموساً لضخ إنتاج أدبي مدروس ومنهجي يثري معارف أطفالنا وهم الفئة الأهم في المجتمع كما أنهم الأصعب في التعامل، لناحية المرحلة الحرجة التي يمرون بها والتي تتشكل فيها شخصية الفرد، حيث تساهم الكتابة للطفل في بلورة تلك المفاهيم من خلال العديد من القوالب التي قد تبدو متناقضة للوهلة الأولى ومن بينها الكوميديا والفنون وأساليب المرح والبساطة والعمق، التي يراعى فيها الأخلاقيات والمبادئ وتقدم للأطفال حقوقهم وتعبر عن اهتماماتهم وتحاكي أحلامهم وأفكارهم المتواضعة وتحترم عقليتهم وتعلمهم ما ينفعهم ويغذي معرفتهم في شتى المجالات، قد يكون صعب أن يجمع العمل كل هذه المبادئ وفي الوقت نفسه يكون خفيفاً وسهلاً ولكن هو ليس بالصعب على من يتخصص في الكتابة للطفل ويحاول أن يضع نفسه مكان هذا الطفل ويفهم احتياجاته ويبتعد قليلاً عن المردود المادي للعمل.
مشاركة مجتمعية
وفي السياق نفسه يشير علي عبيد الهاملي، مدير مركز الأخبار في شبكة قنوات دبي، ان مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جاءت تحت عنوان تحدي القراءة العربي، وتلك إشارة واضحة من سموه بضرورة تجاوز الأزمة والتعامل مع الأرقام الصادمة لواقع القراءة في الوطن العربي على انها تحدي وهم قومي عربي لا بد من قبوله والتغلب على آثاره السلبية بإيجابية تشارك خلالها قطاعات المجتمع والهيئات الحكومية والمؤسسات المجتمعية في الدولة لتحقيق أهداف المبادرة، فقد وجه سموه بتشكيل لجنة عليا للإشراف على تحدي القراءة العربي، ويؤكد الهاملي ان الإعلام العربي هو احدى دعائم هذه المنظومة لتوصيل المفاهيم والمبادئ والسلوكيات للطفل تساهم في تثقيفه لغوياً وأخلاقياً واجتماعياً، وتراعي خصوصية الأطفال والنشء خاصة المراهقين.
النص الأدبي
ومن جانبه يقول الباحث والأكاديمي الدكتور سليمان الجاسم إن فكرة المبادرة تفتح نوافذ مشرعة على التحديات الثقافية بفروعها كافة في الوطن العربي وهي التي لا تلقي اهتماماً وثقلاً في منطقتنا موازياً لما تلقاه في النصف الآخر من الكرة الأرضية، وعلى رأس ذلك فن الكتابة من أجل الطفل الذي يحتاج إلى إجراء دراسة لكل ما يتعلق بحياة الطفل النفسية والخيالية من اجل الوصول إلى الى شروط عقليته بسهولة، من دون ترك بصمات سيئة يمكن ان تخلف نتائج عكسية.
ويضيف: إن مبادرة تحدي القراءة دعت الأدباء الى التوجه نحو التخصص الدقيق في الكتابة للصغار وما يتطلبونه بشكل يومي لأنه يعتبر نادراً، ففي فكرة التخصص وفقاً لقدراتهم العقلية فإن كلاً من المختصين بمجال ثقافة الطفل لابد ان تتوافر فيه المعرفة العميقة الشاملة الواعية غذاء نوع الوسيلة التي يتعامل بها مع الطفل وإلا تعذر أن يقدم له مادة قيمة، فالنص الأدبي المثالي الموجه للطفل يتعين ألا يخلو من عنصر المتعة والترفيه مع مراعاة القيم الدينية والسلوكية والاجتماعية والتركيز على العلوم المفيدة المختلفة بأسلوب شيق آخذين بالاعتبار المراحل العمرية للطفل التي قسمتها إلى ثلاث مراحل عمرية مختلفة.
الأسلوب التفاعلي
ويرى الباحث والأديب الدكتور يوسف الحسن ان الموضوعات المطروقة في أدب الأطفال لا تزال بعيدة عن عقلية الطفل الذي يعيش في عوالم أخرى تصنعها الألعاب المتطورة والبلاي ستيشن في أجيالها المتطورة التي لم يعد المتصدون لكتابة أدب الطفل قادرين على مواكبتها، مضيفاً أن الأطفال الآن أكثر ذكاءً واطلاعاً، وارتباطاً بالتكنولوجيا الحديثة بما تتيحه من جماليات وتفاعلية يعجز عنها النص المكتوب، كما دعا الحسن إلى الابتعاد عن تقمص دور الواعظ والوصي المتسلط مركزاً على ذكاء الطفل الذي لم يعد ساذجاً ليقبل الأسلوب الوعظي الممجوج، مضيفاً أنه بإمكان الكاتب أن يسرب القيم الجميلة، والأخلاق الرفيعة، دون السقوط في الأسلوب الوعظي، واجترار الموضوعات، المكررة، مدللاً على ذلك بلا جدوى الكتابة عن ساعي البريد في وقت لم يعد موجوداً على سبيل المثال.
وفي حديثه عن تجربة أدب الأطفال في الغرب، دعا الحسن إلى ضرورة الاستفادة من التجربة الغربية دون الذوبان فيها، داعياً إلى عدم الانغلاق، مؤكداً في الوقت ذاته أن الكتابة للطفل في الغرب أصبحت صناعة قائمة بذاتها ليس بوسعنا بلوغها في الوقت القريب على حد تعبير المتحدث ذاته.
تذوق الشعر
وتقول الشاعرة شيخة المطيري، النصوص الشعرية للطفل من المحاور الأساسية لفن الكتابة للطفل والتي تحمل بين مفرداتها الشعرية الكثير من الأهداف أهمها تنمية الثروة اللغوية لدى الطفل، ومعرفته للاستخدام الصحيح لهذه اللغة، فالطفل يتذوق اللغة ويستمتع بها.
لذلك فإن شاعر الأطفال يركز على انتقاء الألفاظ والجمل والعبارات والتراكيب والأساليب المناسبة لذهن الطفل مما يكون مألوفاً لديه حسب مرحلته العمرية، وهو يتدرج باللغة حتى لا يعاني الطفل من صعوبة الإدراك اللغوي من حيث الأداء وفهم المعاني، من الضروري أن يكون شاعر الأطفال متمكناً من أدواته الشعرية الأساسية .