بعد سنوات من لقاء بغداد فاجأها وهي على مسرح الأوبرا في القاهرة، ثم في دمشق، وعمان والدار البيضاء ودبي وعواصم أخرى كان يتبعها دون هوادة، يقدم لها باقة الورد يجلس بين المشاهدين يحلق معها وهي تتألق من لحن إلى مقام إلى «طقطوقه» يرقص قلبه كما رقصت أنغامها وينفعل مع كل موال تردده، هذا بعض من كتاب «عين كاوه» للمؤلف عبد الإله عبد القادر والذي يضم مجموعة من القصص القصيرة التي تتناول الحياة المؤلمة التي يمر بها الإنسان وتسطر أحداث العالم والمشاعر الإنسانية.

الشرنقة

المؤلف لديه أعمال عدة منها «رحيل النوارس»، «الجهجهون» و «ساحل الكوس» ويحدثنا عن إحدى القصص التي يتناول فيها مشاعر المرأة فيقول في قصة بعنوان «الشرنقة» حينما أحست بتغيير أسلوبه وعواطفه شكت في قرارة نفسها بوجود امرأة أخرى في حياته، تشغله عنها، فاتحته مرات عدة وحاولت أن تستدرجه بالكلام، إلا أنه كان حذراً فلم يفصح عما في نيته ما الذي دفعه إلى تغيير مسار حياته أو انشغاله عنها وهو الذي كان يشتري ودها ويحرص على سعادتها، بل لعله كان عاشقاً لها وإن مرت سنوات على زواجهما.

ومن حواس امرأة وغيرتها، وبوسائلها المختلفة، أدركت أنه فعلاً يرتبط بقصة حب عاصفة، وأن المرأة الجديدة قد سلبت كل إرادته وسيطرت على حواسه وعواطفه، لتتوالى الأحداث لتصل إلى الطلاق.

الزبون الأخير

وفي قصة أخرى بعنوان «الزبون الأخير» يحكي لنا الكاتب عن أحد الصباحات أثناء أحداث «تسونامي» الذي ضرب مانيلا والذي بدد كل أحلام «إنجا» إذ لم تستطع أن تصطاد أي زبون يسدد مصروف يومها على الأقل، أو يدفع بعض مصاريف عائلتها المعلقة برقبتها.

الساعة العاشرة مساءً، وروّاد روبنسون يسارعون إلى الخروج من المركز بعد أن أغلقت كل المحال بداخله على غير عادتها، ولم تعد إلا ثمة مطاعم أبوابها خارج المركز تنتظر زبائنها الأخيرة لإغلاق أبوابها أيضاً، فالطقس لا يساعد على الاستمرار في السهر وإن كانت ليالي مانيلا لا تنتهي حتى بعد الفجر لتواصل الحياة في اليوم الآخر.

حاولت أن تغازل العديد من المارة إلا أن أحداً لم يستجب لها رغم كل ما كانت تتمتع به من طول وبياض بشرة ووجه مبتسم فإن حظها العاثر لم يساعدها على اصطياد الزبون الأخير، حتى صديقتها كرين التي اصطادت زبوناً صينياً أشبه ببوذا منه بالإنسان إلا أنها لم تعد إليها، وإنجا قد أفرغت كيس نقودها بعد أن دفعت ثمن فطور الصباح وتناولت شريحة من الخبز والجبن وقت الظهيرة وكانت تنتظر أن تصطاد زبوناً.

عين كاوه

وفي قصة «عين كاوه» وهي بلدة عراقية تقع شمال العراق يقول الكاتب وصلت ماريا بنت حنا قرية عين كاوه بعد مسيرة يومين على الأقدام من الموصل إلى أربيل، كانت أرصفة الشوارع مملؤة بالمهجرين قسراً، بعضهم افترش الأرض ماداً يده للمارة طلباً لكسرة خبز يسد بها رمقه أو رمق أطفاله.