بدت فعاليات اليوم الثاني من مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة نافذةً مشرعة على المسرح العالمي، من خلال عرض أعمال من تأليف كتاب عرب كبار وترجمات لكتاب عالميين عبر توظيف رؤية إخراجية لمواهب مسرحية واعدة وضعت تحت الاختبار لاستخراج إبداعات جديدة قادرة على تنمية الحراك المسرحي المحلي وفتح أفق لطرح أفكار جديدة تستفيد من منجزات أبي الفنون عبر التاريخ.
ثيمة الموت
تواصلت العروض المسرحية لليوم الثاني والتي قدمت على خشبة مسرح المركز الثقافي لمدينة كلباء بتقديم عرضين مسرحيين الأول «جثة على الرصيف» يقدمها المخرج الأصغر سناً في المهرجان الإماراتي محمد جمعة من مواليد 1998، عن النص الذي صاغه الكاتب السوري الراحل سعدالله ونّوس (1941 - 1997) بعنوان «جثة على الرصيف» التي تجسد عالم المهمشين وما يحدث فيه من ظلم وقهر للبشر تحت خط الفقر، من خلال حكاية متسولين توفي أحدهما نتيجة قسوة المناخ والبرد القارس والجوع والمرض، ولكن المخرج الشاب خرج بالنص إلى آفاق أخرى تعدت حدود الزمان والمكان وأجرى العديد من المشاريع التجريبية التي مازجت بتقنيات واعية بين العبثية والواقعية عبر إجراء تغيرات جريئة في مشهد البداية والختام تختلف كلياً عن النص الأصلي، ليضع بصماته باحترافية واعدة من خلال قراءة متفحصة للنص أخرجت وكتبت من وحي رؤيته الخاصة.
تأويلات نفسية
وقدمت المخرجة دينا بدر التي حازت على جائزة التمثيل في الدورة الماضية عن دورها في مسرحية جان دارك تأليف برتولد برخت وإخراج رامي مجدي، في العرض الثاني مسرحية «الإسكافية العجيبة»، عن نص للكاتب والشاعر الإسباني الراحل غارسيا لوركا، حيث قامت المخرجة دينا بدر بصياغة النص في إطار يسمح باختصار الشخصيات، واختزال المناظر، لتقديمها على الخشبة في 35 دقيقة، في إطار بيئة إسبانية كاملة من حيث الحوار والموسيقى والأزياء، والجو العام، ضمن قالب إخراجي يقوم على المزج بين التمثيل الواقعي والدراما الحركية، والتعامل مع الفراغ والفضاء المسرحي من خلال التركيز على الأداء والتشكيل الجسدي لشخصيات المسرحية التي خاضت صراعاً سيكولوجياً وفكرياً، تقوده الرغبات والنزوات والبرمجة النفسية، ومسرحية «الإسكافية العجيبة» في ظاهرها هي عمل يناقش قضية زواج الفتيات الصغار من كبار السن، وما يترتب على تلك الزيجات من شكوك، وإحداث حالة من عدم التوازن النفسي.