«بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا». شكلت تلك الروحية الشاعرية الجوهرية، عنوان احتفال الدورة التاسعة من مهرجان دبي لمسرح الشباب مع جمهورها وهيئة دبي للثقافة والفنون بـ«يوم العلم»، في ندوة الثقافة والعلوم في دبي، أول من أمس، واستقُبٍل المتوافدون بالأعلام التي أبدع منظمو الحفل بزينتها.. وبأغان من التراث ورقصات اليولة التي أدتها فرقة الفنون الشعبية «الحربية». وأشاعت الاحتفالية مشاعر البهجة والفرح في رحابها، حيث التقى الفنانون المسرحيون وجمهورهم والأصدقاء والأحبة بعد طول غياب في تظاهرة أشبه بالعيد، تشترك فيها 10 عروض (5 منها تتنافس في المسابقة).

كما تحتفي دورة المهرجان هذا العام بالفنان إبراهيم سالم البيرق، شخصية العام المسرحية.

معاني الولاء

وتابع الجمهور فقرات برنامج الافتتاح بتفاعل وبزخم من المشاعر جمعت بين أمة «الضاد»، خاصة بعد عزف النشيد الوطني في قاعة المسرح، لتليه كلمة مقدم الحفل الإعلامي صالح البحّار التي كان لها وقع في نفوس الحضور الذين كانوا يصفقون بين الحين والآخر بحرارة وحماس. واختزل البحّار معاني الولاء للعلم والوطن من خلال سرد قصة عاشها لدى تغطيته لمعركة خاضتها القوات الإماراتية ضمن قوات التحالف العربي في اليمن، ذلك من عدن إلى باب المندب، حيث تحقق الانتصار خلال ست ساعات فقط. وقال البّحار: «أثناء لقاءاتي الإعلامية مع القادة والجنود الإماراتيين، طلبت من أحد الجنود الذي كان يتشح بالعلم أن يعيرني إياه خلال التصوير. وفوجئت بقوله: لو طلبت قدميّ لما ترددت، لكني حلفت يميناً أن لا أفارق العلم إلا لأرفعه عالياً راية للنصر أو أعود به شهيداً».

.. إلى الجبهة الأمامية

نقل المخرج مروان عبدالله صالح من خلال عرضه المسرحي «كتيبة 190» الجمهور إلى الجبهة الأمامية للمعارك ضمن التحالف العربي باليمن، حيث يذود جيش الإمارات عن الحق في وطن شقيق. ويقترب الجمهور مع العرض، من العوالم الداخلية لأفراد الكتيبة وقائدهم ويعيشون مشاعرهم الإنسانية.

ويبدأ العرض باستعراض لتدريبات فرقة عسكرية، لينتقل المشهد التالي بمؤثرات صوتية إلى ميدان المعركة مع دخول شاحنة عسكرية ضخمة إلى وسط خشبة المسرح. وما ان تتوقف الشاحنة حتى ينتشر أفراد الكتبية 190 على خشبة المسرح ويشرعون في مسح للمكان. ولنعرف من خلال حوارات القائد مع جنوده أنهم محاصرون من قبل العدو، وعليهم التوقف بمكانهم قبل انكشاف موقعهم للعدو، ويتجلى الصراع في هذا المشهد بين نداء الواجب وتوصيل الإمدادات لزملائهم في كتيبة أخرى، وبين ضبط النفس والتفكير بموضوعية وحكمة.

تداعيات النجوم

ونعيش مع جنود الكتيبة لحظاتهم العصيبة بين تداعيات الحنين إلى الماضي، عبر الحوارات بين الجنديين: عارف وحسن، اللذين يحاكيان النجوم. كما نتعرف على شخصية قائدهم بدر، الذي شارك في العديد من الحروب الخارجية، التي أكسبته خبرة وجعلته يدرك النعيم الذي يعيش فيه داخل وطنه محمياً بالأمن والأمان. وبعد طول انتظار، تشتعل المعركة الحاسمة التي تنتصر فيها الكتيبة، لكن فرحة النصر تضرجت بدماء شهيدهم خالد الذي لفوه بالعلم، لينتهي العرض بأداء قسم الولاء الذي شارك فيه جميع من في الصالة وقوفاً.

خصوصية العرض

نجح العرض في الاستئثار بانتباه الجمهور من اللحظة الأولى، والذي تفاعل مع الكثير من المشاهد، سواء بالتصفيق أو بالضحك في العديد من المواقف الطريفة. كما تميز الحوار الذي دار بين عارف وحسن خلال سهرهما ليلاً، ليقول عارف انه يحكي مع جدته عبر النجمة التي على اليسار. فيرد عليه حسن، أما أنا فأناجي والدي لكن نجمته تمكث بعيدة على اليمين. وتميز الإخراج ببساطة أدواته وتقنيات الإضاءة البعيدة عن الاستعراض، وبكسر إيقاع التوجس الذي يعيشه الجنود مع الجمهور ببعض الحوارات الكوميدية. كما استوقف الجمهور وأثار إعجابه دخول سيارة واقعية على خشبة المسرح، مما عزز من الإيقاع الدرامي للأحداث.

متطوعات: عشق الإمارات حفزنا على المشاركة

تستوقف الزائر للمهرجان ومضات تحكي حالة العشق التي تربط بين المقيمين وأرض الإمارات التي يعيشون في كنفها، ويتجلى هذا في تطوع كثيرات للعمل بتنظيم المهرجان. ويكشف لقاء «البيان» مع المتطوعة المغربية سارة شكري، المقيمة في أم القيوين، نموذجا لذلك. إذ تقول: «منذ عام 2011 وأنا أتطوع في مختلف الفعاليات ضمن الإمارات. وما إن تنتهي ساعات عملي في الساعة الرابعة، حتى ألتحق بعملي التطوعي. وفي مثل هذه المبادرات الثقافية والإنسانية والخيرية، أكتشف الكثير عبر تفاعلي مع الحياة».

وتقول مريم آل علي، التي تشارك للمرة الاولى في عمل تطوعي عبر دورة المهرجان التاسعة: «لم يسمح لي الوقت في السابق، بالمشاركة نظراً لانشغالي في دراسة الحقوق، وحين علمت أن توقيت المشاركة في المهرجان مسائي، لم أتردد. وأنا سعيدة بكسر روتين الحياة ومعايشة نبض مجتمعنا».

عروض اليوم

عرض مضيف: الجزيرة

انتاج ورشة مسرح دبي الشعبي

تأليف وإخراج: عبدالله صالح

التوقيت 8:30 – 9 مساء

عرض مضيف: على الهواء مباشرة

جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا

تأليف: محمد رحيمي

إخراج: علي الحيالي

5 مسرحيات

يضم المهرجان 5 عروض متسابقة مقابل خمسة عروض ضيفة، ليتبع عرض المسرحيات المشاركة في المسابقة ندوة نقاش، كما يخصص يوم الجمعة كلقاء مفتوح مع الفنان إبراهيم سالم البيرق، شخصية العام المسرحية لهذه الدورة، إلى جانب عرض مسائي لمسرحيات قصيرة باللغة الانجليزية.