93 عاماً مرت على ولادة نزار قباني، الشاعر السوري الحر والحلو والمر الذي زين الحياة بقصائد جميلة خالدة، ومشاعر إنسانية حقيقة، حفظها بين دفتي أعماله الأدبية، الذي فاز بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في حقل الإنجاز الثقافي والعلمي الدورة الثالثة (1992-1993).
ويواصل عمر قباني نجل الشاعر الكبير حديثه لـ«البيان»: إن العالم الغربي اكتشف حديثاً أشعار نزار قباني وموهبته، والإيطاليون يسعون الآن إلى ترجمة أعماله للإحساس بالشغف الذي يميز قصائده.
شغف
يقول عمر قباني لـ«البيان»: لم يكن والدي رجلاً مادياً، ما جعله حراً وبعيداً عن استرضاء أي شخص أو أية جهة، بل كان يقول دائماً إن «ثلاثة أرباع الكتاب العرب (موظفون مدنيون) يكتبون وفي جيوبهم بوليصة تأمين ضد الفقر والمرض والشيخوخة والطرد التعسفي.
لذا فهم عاجزون عن إعلان أي موقف، وقد اكتشف الإيطاليون مؤخراً الشغف الذي يميز أشعار نزار، وتقوم دار نشر حالياً بالعمل على ترجمة وإصدار جميع أعماله الأدبية كاملة، وقد غُمرنا بطلبات تركية ويونانية وإسبانية وبرتغالية لترجمة أعماله.
تمثال
أضاف: استلمت قبل بضعة أشهر دعوة من الجالية العربية في مدينة كليفلاند، أوهايو لإزاحة الستار عن تمثال لوالدي في الحدائق الثقافية»روكفلرجاردنز«، وتحديداً في الجناح السوري، وكم كان جميلاً رؤية تمثال نزار قباني بين تماثيل أخرى لأشخاص ملهمين على مر العصور مثل وليام شكسبير، المهاتما غاندي ونيتشه، وبدا لي الأمر كما لو أنهم اكتشفوا أخيراً خيطاً مشتركاً أو حلقة مفقودة بين الثقافة الشرقية والغربية.
قصص نزارية
بسؤال عمر عما لا يعرفه الجمهور عن نزار قباني، قال: اعتمد والدي منذ طفولته على التجارب ليكتشف ذاته، فانخرط في العديد من الأفعال التي قد يعتبرها البعض طائشة أو مخربة، حيث قام بتجربة التشريح (تسمير سلحفاة لاختبار قوة قوقعتها)، هندسة الطيران (ألقى بنفسه من فوق سطح منزلهم لتجربة الطيران)، الكيمياء (أشعل النار في نفسه حتى يعرف الشعور بألسنة اللهب).
والفن (حيث قام بالرسم على جميع جدران منزل والديه)، الموسيقى (قرر أن الموسيقى الناتجة عن عزفه على الكمان والعود تبدو أفضل خلال ساعات الصباح الباكرة وخلال عطلة نهاية الأسبوع والكل نيام) والخط (فكان يخطط اللافتات لوالده الذي اعتمد عليه لعمل ذلك).
وتابع: في نهاية المطاف رسا والدي نزار على الشعر واختاره كوسيلة تعبير مفضلة أو كما كان يقول هو»اختارني الشعر«وقام بكتابة ونشر مجموعته الشعرية الأولى في عمر السادسة عشرة، وكان يذكر دائماً أمه التي قامت ببيع مجوهراتها لجمع الأموال اللازمة لنشر أول مختاراته.
صفات
بسؤال عمر عن الصفات الشخصية التي ورثها عن والده، قال: أنا أحب الموسيقى وفي بعض الأحيان أقوم بتأليفها، وإن لم يكن كثيراً في الآونة الأخيرة، إضافة إلى أنني أستمتع بالكتابة، وأحب الفنون البصرية، والأهم من ذلك، أنني ورثت الصفة التحليلية، والقدرة على استخلاص استنتاجات ذكية.
إرث
حول جهوده في حماية إرث والده الثري، قال: يجب أن نحميه جميعاً بأن نبقيه بمنأى عن أي تغيير، أو تحرير، نبقيه خاماً ومؤثراً لتبقى كلماته قوية، تحمل صدى على مر الأجيال، وإلى يومنا هذا.
فإنني أقوم بنشر كتب والدي كما كانت دون تغيير أو تحريف، وأتعاون مع الفنانين البارعين في عملهم كالقصائد الموكلة إليهم، وأتعاون مع شعراء موهوبين ليقوموا بترجمة أعمال نزار قباني للغات أجنبية من مختلف بلدان العالم لاسيما وإن العالم الغربي اكتشف حديثاً أشعار نزار قباني وموهبته.
واستطرد: للأسف، لم تصل قوانين حماية الملكية الفكرية في العالم العربي إلى مستوى النضج الذي وصلت إليه في الغرب، ولكني أتعاون مع المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم ومنها الولايات المتحدة وأستراليا لحفظ ذكرى والدي وإبقائها على قيد الحياة، ولن أسمح بتحولها إلى سلعة تباع وتشترى.
احتفاء غوغل
زينت شركة «غوغل»، أمس، محرك بحثها بأربع رسومات تستعرض المحطات المهمة في مسيرة الشاعر والتي كتب خلالها بعضاً من أشهر قصائده، وترتكز هذه الرسومات على الصور المجازية الرئيسيّة في قصائد قباني .
مثل أزهار الياسمين والنافورة التي زيّنت حديقة منزل طفولته الدمشقي، وأشجار النخيل المتراصفة في بغداد خلال فترة إقامته هناك، والمدن التي عاش فيها قباني خلال فترة حياته مثل بيروت وبغداد إضافة إلى مسقط رأسه دمشق.