لطالما لعب شظف العيش وصعوبة الحياة القديمة، دوراً في بناء العديد من الشخصيات في الدولة، ممن تعزز في قلوبهم الحس الوطني والتراثي، فتلك الأيام علمتهم معنى الحياة الحقيقية والفرق بينها وبين أيام الرخاء والرفاهية، ليفيضوا عطاءً فكرياً، يتجسد في حكاياتهم التي يسردونها للأجيال الحالية، وليوضحوا لهم ميزة ما يعيشونه من أيام تتوفر فيها سبل الأمن والأمان، يبدو فيها المستقبل مشرقاً أمامهم، فالدولة تحرص على تثقيف أبناءها، وإعدادهم لمستقبل واعد، وتحملهم مسؤولية رقي ونهضة بلدهم عبر حثهم على التمسك بالقراءة والعلم.
حمد حمدان المطروشي المعروف باسم «العود»، مدير مكتب الوكيل المساعد لقطاع المواصلات سابقاً، أحد أولئك الذين عاصروا شظف العيش، ورخاءه، وهو أحد رجال عجمان الحريصين على تربيه أبنائه على حب الوطن والولاء له، وحب التعلم والقراءة، وهو دائم على حثهم للاستفادة مما توفره لهم الدولة من سبل الرخاء، والتسلح بالعلم والمعرفة.
«البيان» التقت المطروشي وأسرته التي وجدت في القراءة زادها اليومي، حيث يعد المطروشي قارئاً نهماً في التراث وعلوم الفقه والتاريخ، فضلاً عن كونه باحثاً وراوياً تراثياً وخبيراً في تقاليد «السنع» الإماراتية.
بداية الاتحاد
يخبرنا المطروشي بأنه درس على يد المطوعة «مريامي»، التي كانت تقوم آنذاك بتعليم الأولاد والبنات القرآن والأحاديث النبوية الشريفة، وبعض حروف العربية، لتكون تلك بداية لتفتح أمامه دروب العلم، ثم أكمل تعليمه بالمدارس النظامية التي كانت لا تزال في بداياتها بالدولة، إلى أن اختير مع بداية تأسيس الاتحاد، للدراسة بالمملكة المتحدة وتخرج في تخصص إدارة أعمال.
وعن أهمية القراءة لديه يقول: نتابع القراءة والتعلم باهتمام، فحفظنا القرآن في سن مبكرة، كما وجد من يفسر لنا القرآن ويشرح لنا التاريخ، بعد أداء الصلاة في المساجد، حيث يحرص من هم أكبر سناً والحافظون للقرآن على الجلوس معنا وتعليمنا اللغة العربية، لتجدهم يتميزون بذاكرة حاضرة وبالكتابة بخط جميل وذلك لمثابرتهم على القراءة في مختلف العلوم.
وأضاف: مبادرات القراءة التي أطلقها حكام الإمارات، وسعيهم الدائم للعلم والمعرفة، جاءت لثقيف الأجيال الحالية، حيث تسعى حكومتنا لإيجاد الطالب النموذجي الذي يتمتع بالوعي والابتكار، فسنوياً يوجد خريجين كثر، إلا أن اطلاعهم على العلوم قليل، لذا فمن خلال هذه المبادرات وجدت أمامهم طرقاً عدة للقراءة والبحث ليصبح لدينا جيل واعٍ يواجه الحياة والعالم.
آفاق المعرفة
ويوضح المطروشي أنه رغم صعوبة الحياة في السابق، إلا أن حكام الإمارات، دأبوا على تكريم المعلم عبر الإتيان به من أقاصي البلاد، وإكرامه وإنزاله منزلة الضيف العزيز في بيوتهم، وذلك لأنه يقوم بتدريس أبنائهم، ليفتح أمامهم آفاق المعرفة، وهذا ما يجب علينا الأخذ به من أخلاق حكامنا، وهو تقديرهم للمعلم وللعالم وللمثقف.
الوالد حمد المطروشي دأب على جمع أبنائه وأحفاده، للحديث معهم عن أهمية القراءة وحثهم على قراءة كتب التاريخ، وتلك التي يصدرها حكام الإمارات، والتي تسرد حقب من الزمن، مر بها الجيل السابق، ورجالات تخطوا التحديات للوصول إلى مجتمع متميز فكرياً، مثل كتب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كـ «سرد الذات» و«تحت راية الاحتلال» و«سيرة مدينة» وغيرها، قائلاً: «تتمتع هذه الكتب بحديثها عن التاريخ والقصص والعبر التي لابد أن يتعلمها جيل الرفاهية الآن»، منوهاً في الوقت ذاته إلى كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهي «ومضات من فكر» و«رؤيتي»، قائلاً إنها «تعد من الكتب التي يتعلم منها الجيل الحالي وتعطي التصور الإيجابي للحياة المستقبلية والإنجازات العديدة التي حققها الأجداد والتي يكمل الأبناء الآن مشوارهم، فضلاً عن أنها تتحدث عن حياتهم والتغيرات التي حصلت في الدولة عبر فترة زمنية طويلة، وذلك حتى ينشأ جيل واعٍ منتج وباحث لتحقق مبادرات القراءة أهدافها».
المكتبات المدرسية
ويحدثنا أحد أحفاد المطروشي حمد عبيد الزعابي، عن خطته في القراءة من خلال المدرسة، حيث توفر المكتبات المدرسية الكتب الغنية بالمعرفة والعلوم المشوقة من فضاء وخيال علمي، إضافة إلى القصص الدينية والتاريخية التي تأخذ القارئ إلى عالم مشوق وخيالي، وقال: «تخصص المدرسة للطلاب حصة أسبوعية للقراءة مع متابعتنا عن طريق عمل تلخيصات والإطلاع عليها للدخول في مسابقات منظمة للطلبة للحصول على الجوائز للمتميزين»، وأوضح أنه يفضل قراءة الكتب التي تحمل الألغاز وبعض الحيل التي يستمتع بحلها، وذلك لكونها تعطيه مزيداً من الثقة بالنفس وتوسع مداركه.
أما ماجد عبيد السويدي، فيقول: «تضع لنا المدرسة خططاً لتحفزنا على القراءة، فهي تقوم بمنح بطاقات للعبور من مرحلة إلى أخرى، والتي أحرزت فيها مستويات متقدمة من التحصيل والقراءة، حيث تعتمد على قراءة مجموعة من الكتب وتلخيصها ثم مناقشتها مع المدرس ليتأهل الطالب نحو المراحل القرائية المتقدمة، للحصول على المكافآت التي تعدها المدرسة للطلاب المتقدمين في مراحل القراءة»، مضيفاً: «أعطتني هذه المبادرة الفرصة للقراءة أكثر من الكتب المتنوعة والمختلفة في الشكل والمضمون».
قصص ومفردات
حمد حمدان المطروشي باحث وراوٍ في التراث والعادات والتقاليد، ومهتم بتوصيل التراث للأجيال الحالية، حيث يعتبر أن التراث والحكايا التي تتناول الأحداث والأشخاص هي كنوز لابد من تناقلها على مر الزمن. لدى المطروشي مخزون من القصص والمفردات التي تخص كل بيئة مع حفظه لتاريخ الإمارات وأسماء الشيوخ الذين تولوا الحكم بالدولة، كما يقرأ في القانون ويعتبرها قراءات لابد منها، كونها تعلمه قوانين العمل والإجراءات القانونية المتبعة حتى يستطيع ادارة أعماله من خلال وعيه ومعرفته بالقوانين في كل مجال.
مختارات
الكتاب: إحداث التغيير لكل شخص تلو الآخر
تأليف: دكتور تشارلز إتش. بيشوب. جي آر
الناشر: مكتبة الجرير
تاريخ النشر 2002 الطبعة الأولى
الصفحات: 250 صفحة
الكتاب: قانون العمل لدولة الإمارات العربية المتحدة
تأليف: عبد اللطيف صبحي جمعة
الناشر: مطابع صبح للطباعة والتجليد
تاريخ النشر 2012 الطبعة الأولى
الصفحات: 357 صفحة
الكتاب: فنجان قهوة /الإمارات في ذاكرة أبنائها /الحياة الثقافية العامة
تأليف: عبدالله عبد الرحمن
الناشر: دار الكتب الوطنية
تاريخ النشر 2013 الطبعة الأولى
الصفحات: 358 صفحة
الكتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
تأليف: أبي بكر جابر الجزائري
الناشر: مكتبة العلوم والحكم
تاريخ النشر 2002 الطبعة الأولى
الصفحات: 1797 صفحة