مكان يتشكل من تفاعل كيمياء البحر واليابسة، والخضرة مع الماء، وماضٍ يلقي بظلاله على الحاضر، إنها القرية التراثية التابعة لنادي تراث الامارات، التي تتوزع مساحتها بترتيب منظم، على جزء كبير من كاسر الأمواج في العاصمة أبوظبي، لتصبح المكان الدائم الذي يجسد عبر أقسامه المتعددة تراث الإمارات، من خلال صورة عن عالم الآباء والأجداد، وذلك عبر مرور سريع على صور واقعية وحية، للكثير من العادات والتقاليد التراثية.

ملامح من الماضي

افتتحت القرية رسمياً في العام 1996 بناء على توجيهات سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، ومنذ ذلك التاريخ أهلتها خصوصيتها وموقعها لتكون من أكثر المناطق جاذبية في أبوظبي، إذ تستقبل عدداً كبيراً من السياح والزوار، إلى جانب احتضانها للكثير من الفعاليات التي ينظمها نادي تراث الإمارات، على مدار العام.

وتتوزع القرية على مساحة تزيد على 1600 متر مربع، وفيها يبرز ركن البحر، وركن البر، وبجانبهما تقع السوق الشعبية.

ويجسد ركن البر مجموعة مختلفة من أشكال البيوت التي كان يقطنها الناس في الماضي، مثل «بيت العين» الذي يتألف من العريش ومرفقات أخرى للمنامة والطبخ، وكان هذا الشكل من البيوت يجذب إليه الناس صيفاً في منطقة العين.

أما «بيت اليواني» الذي يصنع من الخيش فخصص ليجتمع فيه الناس صيفاً في البادية، تجاورها الحظيرة التي تتكون من فروع المرخ أو السبط أو الثمام، وكان الرجال في البادية يستخدمونها مقراً للضيافة. وأخيراً «الطوي» وهي بئر الماء التي كانت تجاور النزل.

بيئات من الإمارات

يظهر «بيت البحر» كمأوى يقي سكانه من حر الشمس ويأتيهم بنسيم البحر مهما كانت حرارة الطقس، وذلك كنتيجة لتصميمه الذي يحتوي على «البارجيل» المتمركز فوق سطح البيت المغطى عادة بـ«اليزايا» المصنوعة من سعف النخيل فتلتقط نسائم الهواء وتدخلها إلى البيت بنظام تبريد تقليدي طبيعي، وفي الخيمة تحت «البارجيل» كان يجتمع أفراد الأسرة، بينما تلبي أركان البيت الأخرى حاجاتهم المختلفة مثل النوم، وغيره، أما في فصل الشتاء فكانت الخيمة الشتوية هي مأوى أهل البحر.

وفي ركن «البيئة الزراعية» يظهر بئر الماء التي كان المزارع يستخدم جهد الثور لينتشل منها الماء، إذ يترك الثور ينحدر خبباً، وهو يجر معه حبلاً يرتكز على مسند فوق البئر لينتشل الحبل في طرفه الآخر الدلو، حاملاً ماء البئر ليسكبه في قنوات الري «الأفلاج» التي تعتبر من أقدم وسائل الري في العالم.

صناعات تقليدية

في المشغل النسائي يتم إنتاج عدد من الصناعات التقليدية، كالغزل والنسيج بواسطة خامات متنوعة مثل الصوف وسعف النخيل، وإلى جانب الصناعات التي تقدمها النساء، هناك مشروع مهم لإحياء والمحافظة على المهن التقليدية مثل الحفر على الخشب، وصناعة الزجاج بالطريقة التقليدية، وصناعة بعض المنتجات الجلدية وصناعة النحاس، وتعرض هذه المنتجات من خلال دكاكين السوق الشعبية، التي شيدت ايضاً وفق طراز العمارة التقليدية المحلية.

قلعة أثرية

شيد متحف القرية التراثية على شكل قلعة أثرية، ويضم في أروقته العديد من كنوز التراث مثل أدوات الزينة النسائية القديمة، والحلي، وصوراً قديمة تجسد مراحل تاريخية، و مسكوكات إسلامية قديمة، وأدوات صيد، وأسلحة قديمة وبخاصة البنادق، والأزياء الفلكلورية، مع ركن خاص للمخطوطات النادرة.