منذ نحو 15 عاماً مرت على إنشاء جدار الفصل العنصري في فلسطين والذي شطرها إلى نصفين، وضاعف بوجوده جرعة الفلسطيني اليومية من المعاناة، تحول الجدار إلى شاهد يومي على مأساة استحضرتها قصص أفلام فلسطينية وعربية عدة، ليلعب الجدار الفاصل دور البطولة الرئيس في هذه الأفلام، فمن حكاية «عمر» الذي يجاهد يومياً في تخطي الجدار، و«مملكة النمل» الذي يعرض في أحداثه واقعاً ممزوجاً بالفانتازيا، إلى «المتسللون» وما يتصاعد فيه من إرادة ضد الجدار الذي تنعكس أثاره جلية في «زرافة» و«بيت لحم المفتوحة» وغيرها من الأفلام، يتضح ما أحدثه الجدار الفاصل من أزمة لدى الفلسطيني، لتصبح بذلك بمثابة وثيقة مصورة حول معاناته مع الإحتلال.
في مشاهد عدة يحاول «عمر» الذي انطلقت أمس عروضه التجارية في دور السينما المحلية والعربية، تخطي الجدار الفاصل وصولاً الى عمله، غير عابئ بطلقات الرصاص التي تلاحقه، الأمر الذي حول الجدار الى جزء من معاناته اليومية، التي يلمحها الجمهور في فيلم تمكن من تفجير قضية المتعاونين مع اسرائيل، مركزاً في ذلك على حياة «عمر» الذي يعمل في مخبز ويحب «نادية» ولكنه في الوقت نفسه يشارك في مقارعة الاحتلال، إلا أن حياته تنقلب رأساً على عقب بعد اعتقاله وخداعه، ليحكم عليه بالسجن ويُعرض عليه الحرية مقابل التعاون مع الاحتلال.
فيلم «عمر» يطل علينا مجدداً بعد مرور عامين على انطلاق جولته في مهرجانات السينما العالمية، حاصداً فيها العديد من الجوائز، ليكون ترشيحه ضمن القائمة القصيرة لجائزة الأوسكار – فئة أفضل فيلم ناطق بغير الانجليزية، من أرفعها.
8 سنوات
في المقابل، احتاج المخرج التونسي شوقي الماجري، نحو 8 سنوات لإنجاز فيلمه «مملكة النمل» الذي يتناول فيه التحديات التي تواجه الفلسطينيين واستمرارهم في الحياة والمقاومة، رغم ما يتعرضون له من قمع، وجدار فاصل استولى على أجزاء كبيرة من أراضيهم وبيوتهم، وأحداث الفيلم تدور في إطار واقعي يمتزج بالفانتازيا حول زوجين شابين هما «جليلة» (الممثلة صبا مبارك) و«طارق» (الممثل منذر ريحانة) اللذان ينخرطان في المقاومة، ما يعرضهما لقمع المحتل لمدة 12 عاماً، حيث يتعرض كلاهما للسجن والتعذيب، كما يستشهد ابنهما الذي لم يتجاوز الـ 11 عاماً برصاصة مباشرة رداً على إلقائه الحجارة على مدرعات إسرائيلية في القدس.
حائط المبكى
جدار الفصل العنصري، كان بطلاً لأحداث فيلم «زرافة» للمخرج الفلسطيني راني مصالحة، والذي تناول بطريقة طريفة تأثير الجدار الفاصل على حياة الفلسطينيين، مستوحياً قصة فيلمه من أحداث حقيقية، تدور حول طفل مرتبط بأنثى زرافة تعاني من الاكتئاب ومهددة بالموت بعد مقتل رفيقها الذكر في قصف إسرائيلي، الأمر الذي دفعها إلى الامتناع عن الطعام، ليمتنع الطفل بدوره عن الطعام، وهو ما دفع والده إلى علاج الزرافة، إلا أن محاولته تبوء بالفشل، ليدرك أن الحل الوحيد هو جلب رفيق جديد لها، لتبدأ رحلة معاناته مع الجدار الفاصل، الذي يمنعه من تحقيق هدفه، فيقرر في النهاية سرقة الذكر من حديقة حيوان «إسرائيلية» لإنقاذ ابنه والزرافة.
وعلى حد سواء، جاء الفيلم الوثائقي «حائط المبكى» للمخرج الياس بكار، والذي يرصد فيه بطريقة فنية ما يعانيه الفلسطينيون من قهر وجرائم إسرائيلية، إلى جانب الآثار السلبية للجدار الفاصل على حياتهم اليومية، عارضاً فيه كافة الطرق التي يلجؤون إليها لتجاوزه.
متسللون
الفيلم الوثائقي «المتسللون» الذي اخرجه خالد جرار، يعكس معاناة الفلسطيني اليومية على الحواجز الاسرائيلية، وجدار الفصل الذي اقتطع الأرض ومزّق العائلات والأسر الفلسطينية التي تعيش على جانبيه، ليثبت خالد على مدار 70 دقيقة أن الإرادة والتصميم تظل أقوى من سياسة الإسمنت والحديد والأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة، وأن إجراءات الفصل تفجر في الإنسان قوة هائلة تمكنه من ممارسة حياته اليومية رغم الصعاب.