حسب أبجديات الحياة المحيطة بنا وظروف الحياة المتسارعة والمتغيّرة في كثيرٍ من الأحيان، لم تعد ثقافة التقاط الصورة رفاهية أو سلوكاً سياحياً يختص بالبعض دون الآخر، رويداً رويداً نجد أفراد المجتمع وقد أصبحوا «كاميرات متنقلة» يلتقطون الصور صباحاً ومساءً في كل الأحوال والظروف، أما الأسباب فهي متنوعة.
يوماً بعد يوم تتزايد حاجتنا لإيجاد محتوى بصري مميز ومتجدد لنشاركه مع الآخرين، نشعر أن أخبارنا بلا قيمة إن لم تصل للأهل والأصدقاء، كما أننا نسعى لتوثيق كل حدثٍ هامٍ طرأ في حياتنا اليومية من خلال الكاميرا. في أغلب الأحداث تجد الكاميرا حاضرة بقوة من خلال الكاميرات الاحترافية أو كاميرات الهواتف الذكية، من النادر أن تجد أحداً خارج هذه المنظومة البصرية، لكن هذه الفئة موجودة فعلاً وتعاني العزلة الاجتماعية بسبب موقفها الغريب إلى حدٍ ما، فهم يعتقدون أن الصورة هي عنصر يجب حضوره فقط مع المناسبة التي تتطلّب ذلك، من حفلات زفاف وتخرّج وأعياد ميلاد وغيرها، أما التصوير دون مناسبة فهو سلوك غير محبّب !
في الغالب هذه الطريقة في التفكير متوارثة من عقليات الجيل السابق الذي كان لديه بعض التحفظات على «تعميم التصوير على مفردات الحياة اليومية»، لكن الغرض من التصوير تغيّر من الأساس ولم تعد عملية التصوير عملية توثيق لحدث هام فقط، بل هي تفاعل ذاتي واجتماعي ونفسي مع الكاميرا، والتواصل الاجتماعي بلغةٍ جديدةٍ تماماً لا تشبه التعبيرات اللغوية المتعارف عليها، فهناك من يتواصلون بالصور الفوتوغرافية بدون أية إضافات نصية، التواصل يعتمد فقط على تعبيرات الوجوه التي تختلف باختلاف المعاني المقصودة، لقد أصبح التواصل بالكلمة المجردة جافاً غير مقبول لدى شرائح واسعة في المجتمع كونه لا يوصل الرسالة كاملة ! فالصورة تمنح الانطباع الكامل والذي يغني في العديد من الأحيان عن الكلمات.
الصورة مازالت تواصل انتصاراتها في مشارق الأرض ومغاربها وتغلغلها في أساليب الحياة وكسرها لبعض الحواجز التي استعصت لفتراتٍ طويلةٍ من الزمن ! ومن ذلك إعلان البيت الأبيض عن رفع قرار منع التصوير فيه والذي سرى لمدة 40 عاماً، الصورة لا تعترف بالحواجز ولا تكترث حتى بالأسوار التي نبنيها في مخليتنا لنحاصرها بها، لأنها تدرك جيداً طريقة عمل عقولنا وأن الأفكار العظيمة والمتواضعة، والقديمة والمتجددة والجديدة بالنسبة لنا، تتحدّث بلغة الصورة.
فلاش
الصورة لغة تتوسّع، يجب أن تفهمها لتفهم العالم
سحر الزارعي- الأمين العام المساعد للجائزة