«بناء بورتريه»، معرض تصوير فوتوغرافي مختلف بكل المعايير.

ويكمن اختلاف المعرض الذي افتتح مساء الجمعة الماضي في غاليري «غلف فوتو بلاس» بمجمع السركال في منطقة القوز بدبي، في «الفكرة» بحد ذاتها، حيث اختارت الجهة المنظمة للمعرض والقائمة على الغاليري لتنفيذ مشروعها شريحة غائبة عن ذاكرتنا، وتعيش على هامش المجتمع والمتمثلة بالعمال.

العمال الذين ذهبت إليهم الكاميرا في مقر سكنهم بمنطقة القوز الصناعية، مع الفريق الذي ضم 12 مصوراً وفنياً مع 12 متطوعاً، ليقف أمام العدسة وعلى مدى يومين نحو 250 عاملاً.

ولدهشة هؤلاء العمال لم يقتصر المشروع على الصورة فقط بل كان عليهم الإجابة عن 5 أسئلة تتمحور حول حياة وآمال أي إنسان منا، وهي: ما هو العمل الذي تحلم بتأديته؟ ما الإنجاز الذي حققته في حياتك وتفتخر به؟ من هو بطلك أو مثلك الأعلى ولماذا؟ كيف تقضي يوم إجازتك؟ ما هي أسعد ذكرياتك؟

ضيوف المعرض

وما لم يكن في حسبان هؤلاء الذي شاركوا في المشروع، أن تتم دعوتهم إلى حفل افتتاح المعرض الذي يستمر حتى نهاية الشهر الجاري، ومشاهدتهم لصورهم مع توثيق إحدى إجاباتهم، والمشاركة في الاحتفال الذي حضره جمهور كبير والاستمتاع بحسن الضيافة والحوارات هنا وهناك، ليستعيدوا إلى حين مكانتهم الطبيعية وحضورهم الإنساني بعيداً عن ظروف العمل.

أحلام متواضعة

والمثير للدهشة قراءة الإجابات الخاصة بالعمل الذين يحلمون بتأديته، فبعكس البيئة المحيطة بنا التي تتراوح أحلام عمل أصحابها ما بين رئاسة جمهورية أو عالم عبقري، فإن أحلام هؤلاء العمال متواضعة ومرتبطة بواقعهم، فمنهم من تمنى أن يكون مقتدراً ليساعد غيره، ومنهم من تمنى تطوير مهاراته، أو ممارسة العمل نفسه إنما في بلده، أو أن يكون حداداً أو سمكرياً أو نجاراً، والبعض مطرباً أو كاتباً للأغاني.

تلقائية الفرح

ولا يملك الزائر للمعرض إلا التفاعل مع مشاهداته، لترتسم الابتسامة على شفتيه بتلقائية لحظة وصوله إلى الصور الخاصة بيوم الإجازة، والتي حاول العمال التعبير عنها من خلال الصورة وحدها والتي يتجلى فيها العفوية وروح الإنسان داخلهم وما تتميز به شخصيتهم.

استنهاض إنسانيتنا

وتشكل مثل هذه المعارض التي تستنهض الجانب الإنساني فينا، ومضة تعيدنا من اغترابنا عن أنفسنا، لتؤكد في الوقت نفسه أن الفن لا يقتصر على النخبة أو منزوٍ في برج عاجي، بل هو جزء من عالم الإنسان أينما كان وفي أي ظرف وحال، ومحور أساسي من ارتقائه وارتقاء مجتمعه ومدينته وبلده.

ذكريات

يقدم محمد سومجي المؤسس والشريك في «غلف فوتو بلاس» ومايسترو مشروع المعرض نبذة عن العالم الداخلي لهذه الشريحة الأساسية في مجتمعاتنا: «فاجأتنا العديد من الإجابات إما لبساطتها أو لتواضع أصحابها وكرم إنسانيتهم.

 مثل من يعتبر نفسه مثله الأعلى لإعانته عائلته في بلده وتأمين مستقبلها، أو من يرى الوقت الأمثل لإجازته في الاسترخاء بغرفته مع الأصحاب أو الطهي، ومن يرى أجمل ذكريات حياته لحظات الزواج أو أيام الدراسة أو الحياة في الوطن».