كبقعة ضوء ساطع، نسج الصغار بأصواتهم الملائكية لوحات عذبة، تصدح طرباً، في برنامج «ذا فويس كيدز»، لتنقل أغنياتهم أوجاع الوطن وأحلام الطفولة ومشاعر الحب المختلفة في دقائق معدودة.

عند الاستماع لهذه المواهب الصغيرة، تدرك أنك أمام صوت عميق، يضع الكلمة ومرادفاتها في جواب وقرار محترف الأداء، يجيد حرفة الغناء، لتعلو أصواتهم وترافق خطواتهم الصغيرة، الممزوجة بالقلق والشقاوة، بإيقاع من البراءة والطموح وأحلام الشهرة التي قد تسلب طفولتهم ليدخلوا عالم الكبار قبل الأوان، فيعيشوا لحظات من الضغوط النفسية وهواجس من القلق والتفكير.

مواقف

مسرح «ذا فويس كيذز»، يحمل العديد من المواقف التي تنوعت بين الضحك والبكاء والذهول، حيث عاد أعضاء لجنة التحكيم بالزمن إلى الوراء، فرقصوا وغنوا ولعبوا برفقة المواهب الصغيرة، فتجد نانسي عجرم تلجأ إلى الحلويات والشقاوة البريئة، وتامر حسني يستجدي عاطفتهم بكلمات حنونة وحركات طفولية، في حين يخاطب كاظم الساهر عقل الطفل ويحثه على التفكير المنطقي المرتبط بالخبرة لإقناعهم بالانضمام إلى فريقه. وقد شهد مسرح «ذا فويس كيدز» الحلقة الماضية، العديد من المواهب التي تستحق الإشادة.

مساومات أبهر صوت عبد الرحمن الحلبي، لجنة التحكيم، حينما غنّى من التراث الحلبي «يا ما احلى الفسحة»، وجعلهم يتنافسون عليه، وحاولت نانسي عجرم أن تقنعه بالانضمام إلى فريقها، وصعدت على المسرح وجلست بجواره، مشيرة إلى أن صوته اخترق إحساسها، لذلك، قامت على الفور بالاستدارة له، واستمر الجدل بينها وبين تامر حسني، حتى أصدر الحلبي قراره بكل بساطة وعفوية، واختار الانضمام إلى فريق كاظم الساهر.

أما المتسابقة نور، التي هزت الكراسي بصوتها، حينما قدمت أغنية «برضاك»، سعت لجنة التحكيم إلى إقناعها، فغنى لها تامر حسني «نور عيني»، ووعدها بأنها ستمثل معه في أفلامه المقبلة، لكن كاظم حاول إحراجه بطريقة كوميدية، حينما أكد لنور أنه يقول هذا الكلام لكل متسابق يصعد على المسرح، متسائلاً عن الفيلم الذي سيحمل هذا العدد الكبير من الأطفال، لتنطلق بعدها موجة من الضحك.

نفسيات

إلى ذلك، يرى خبير التربية العلاجية د - محمد مصطفى، أن هذه البرامج تعد تجربة مميزة ومختلفة للأطفال، فهم خلال مراحل البرنامج، يتعرضون لضغط ترفيهي، وليس لآخر مؤذٍ، المهم هو تعامل الأهل مع هذه التجارب، على أنها لعبة يمكن الفوز فيها أو الخسارة، وعدم الضغط على نفسية الأطفال، حتى لا تتحول ساحة التعبير إلى أخرى للمعركة، مشيراً لأن تعامل لجنة التحكيم مع الأطفال أكثر من رائع، وخصوصاً نانسي عجرم، التي تجسد رمز الأمومة والشقاوة في البرنامج، فهي، على حد قوله، تتعامل مع الصغار بكل حب وبساطة.

ويضيف: فوجئ الجمهور بتقديم الأطفال لأغان طربية يعود للمسافة التي أصبحت موجودة بين الجيلين، فالمعلومة تصل للطفل بسرعة البرق، وأصبح على اطلاع على كل ما يدور حوله، إضافة إلى الحروب على أثرت بالتأكيد في رؤيتهم للحياة.

بينما تؤكد الاختصاصية النفسية مريم البلوشي، أهمية دور الأهل في الوقوف بجوار أطفالهم في مثل هذه المسابقات، وتهيئة نفسيتهم لتقبل الفوز والخسارة، مشيرة إلى أنه إذا لم تتم تهيئة الطفل بالشكل المطلوب، سيؤثر ذلك بالسلب في نفسيته، حتى إنه يمكن أن يكره موهبته ويتركها للأبد، كذلك تؤكد ضرورة وجود اختصاصي نفسي مع الأطفال طوال حلقات البرنامج، لينمي بداخلهم روح المنافسة، ولتوصيل فكرة أن هناك دائماً فرصة ثانية، وأن الحياة لا تتوقف أمام شيء معين.

وتضيف البلوشي: الطفل لا يستطيع التحكم بمشاعره، فهو يشعر بالفرح والسعادة سريعاً، وبالإحباط كذلك، إذا شعر أو سمع كلاماً ضايقه، وأعتقد أن هذه البرامج تسلب براءة الأطفال، وتجعلهم يعيشون تفاصيل طفولتهم بشكل مختلف تحت الأضواء، بعيداً عن العفوية واللعب من دون مسؤولية، لذلك، أؤكد للمرة الثانية أن للأهل دوراً كبيراً على نفسية أولادهم.