لا يمر شهر على الإمارات إلا وتحتفي بمناسبة معينة تثير الألق والفرحة، فمن الاحتفال بيوم العلم، ويوم الشهيد، واليوم الوطني، واستقبال عام ميلادي جديد، إلى انطلاق مهرجان دبي للتسوق في دورته الـ 21 وسط بهجة الجميع ممن حرصوا وأسرهم سواء من داخل الدولة أو خارجها على زيارة مواقع المهرجان التي شهدت حضورا كبيرا ومميزا، وليس هذا فحسب، وإنما يأتي المهرجان في كل عام محققا نجاحا كبيرا خلال الأعوام الماضية، وقدرته على تحقيق شتى أهدافه الاجتماعية والاقتصادية والتجارية والسياحية ضمن شهر «استثنائي»، ليبدو المهرجان بانوراما أبدعتها دبي على مدار 31 يوماً، فأهلا بضيوف دبي التي زينت شوارعها بألوان زاهية تمتزج مع بعضها لتشكل لوحة فنية بديعة ترسم البهجة والسرور لزوار المهرجان.

تجارب استثنائية

يطل مهرجان دبي للتسوق على جمهوره مقدما لهم سلسلة من التجارب والفعاليات الاستثنائية التي أدهشتهم فعلا، إلى جانب تخصيص العديد من الفعاليات تحت مفاهيم وقطاعات محددة مثل: «روائع الجمال، وروائع الذهب والمجوهرات، وروائع الموضة والأزياء، وروائع العطور»..وعلى سبيل المثال لا الحصر يأتي اختيار دار الأزياء الراقية هيرمس، لدبي كوجهة لإقامة معرض «ويندر لاند» بعد لندن وباريس إنجاز عالمي جديد آخر يضاف إلى سجل الإمارة الحافل.

زيادة نسبة الزوار

بلغ عدد زوار مهرجان دبي للتسوق خلال دورة العام الماضي 4,5 ملايين زائر، إلا أن الدورة الجديدة ستحطم هذا الرقم لا محالة برقم جديد، لاسيما وأن المهرجان في عام 2016 يسهم في زيادة نشاط قطاع تجارة التجزئة، حيث نجح في تنشيط المبيعات في سنوات الأزمة المالية العالمية. ولم تتزايد نسبة زوار المهرجان عن فراغ، وإنما ازدادت نتيجة التألق المصاحب لفعاليات هذا العام، إضافة إلى المكانة التي وصل إليها المهرجان بعدما استطاع تخطى المساحة المحلية إلى الإقليمية ومنها إلى العالمية.

لا نبالغ إن قلنا بأن المهرجان أصبح أيقونة دبي المرتقبة في كل عام، فالجميع ينتظره سواء من أفراد وأُسر وسياح، وحتى مؤسسات وهيئات حكومية وخاصة، ولكل أهدافه ومتطلباته، ولن نوفي المهرجان حقه إن أشرنا إلى أنه يعتبر الملتقى الجامع والحاضن لزائريه بود واحترام، وهو أيضا مهرجان المحبة والسلام الذي يرحب بضيوفه في احتفالية قل نظيرها في يومنا هذا.

وجهات سياحية

يجد زوار «دبي للتسوق» المزيد من الخيارات، مع افتتاح مجموعة من المواقع والوجهات السياحية والترفيهية ومراكز التسوق الجديدة، تضاف إلى قائمة الوجهات السياحية المعروفة والمتميزة في المدينة العالمية التي تقدم في كل عام أهم وأبرز هذه الوجهات التي يمكن للسائح والمقيم ارتيادها هذا الموسم، بهدف منحه المزيد من التجارب المميزة، وزيادة متعة السياحة والترفيه والتسوق في مدينة المهرجانات والفعاليات، حيث افتتحت بلدية دبي مشروع «دبي المتوهجة»، أول حديقة للترفيه والتعليم من نوعها وتحمل رسالة اجتماعية في خفض الانبعاثات الكربونية والحفاظ على العالم من خلال إعادة التدوير، لتقدم تجارب متنوعة «فنون في النهار وتألق في الليل»، بتكلفة تقدر بنحو 30 مليون درهم.

إلى جانب افتتاح حديقة الفراشات في العام الماضي، وهي أحدث إبداعات دبي، وفيها اجتمعت أكثر من 15 ألف فراشة من كل أنحاء العالم، إلى جانب 120 نوعا من الورود والنباتات الطبيعية المتنوعة، التي تخفي بين ثناياها 26 نوعا من الفراشات الفريدة من أصل 150 نوعا، تم اعتمادها من قبل وزارة البيئة والمياه، وفق معايير وشروط متوافقة مع البيئة المحلية. فأهلا بمحبي الفراشات والورود الجميلة والنباتات الخضراء. وغير ذلك من الوجهات الأخرى التي تقدم لزوارها العديد من الفرص للتسوّق والتسلية والترفيه وارتياد المطاعم والمقاهي عالمية المستوى.

فلسفة أصيلة

لا يختلف اثنان بأن المهرجان يشكل دائما مفاجأة في مضمونه ومحتواه، كما أن للمهرجان فلسفة أصيلة بل وجميلة فحواها تحقيق الانسجام العالمي بأسمى معانيه في ظل الثقافات المتعددة.

بمعنى أن مهرجان دبي للتسوق يؤكد دائما وأبدا على القيم الحضارية والتفاعل الفكري والفني مع مختلف دول العالم المشاركة والحاضرة، وبذلك استطاع وبجدارة تأسيس قاعدة جماهيرية محليا وخارجيا تمضي في التوسع عاما تلو الآخر.

وتتعمق فلسفة المهرجان بالاهتمام الإعلامي الكبير والبارز من شتى الصحف العربية والأجنبية، ولا تأتي تلك التغطيات الإعلامية من منطلق مجاملة دبي، وإنما لما تزخر به من معطيات وأركان تقدم مزيجا من الباقات المتنوعة وتحقق غايات وأهداف ثرية.

فليس غريباً أن نرى حشودا تتسارع لحضور المهرجان لترفه عن نفسها، وعن أطفالها، ولتتنفس أنقى معاني الابتهاج ومشاعر الألفة والارتياح، وأخالُ أن باقات الحروف التي أنسجها للكتابة عن المهرجان لن تنتهي أبدا مهما تطرقت إلى كل ما يمكن مشاهدته من فعاليات مشوقة في مختلف المواقع والتي تبهر الناظر وتشد السامع حتى يشد الرحال مسرعا إليها، لاسيما وأنه تم اختيار الفعاليات ومواقعها بشكل مدروس ومنظم، وتم إضافة العديد من الفعاليات الجديدة من حيث المضامين وأساليب تنفيذها وتطويرها ليصبح معها المهرجان متنفسا ينعش الحياة الاجتماعية في أبهى صورها. وهو ما يوضح لنا الجهد الكبير الذي يبذله منظموه الذين لا يألون جهداً في السعي لإرضاء الجماهير الزائرة بالشكل اللائق.

روح الابتكار

بعد ما يقارب من عقدين مضت على انطلاقته، يمكننا الإشارة إلى الروح الإبداعية والابتكارية التي يحفل بها المهرجان، واستطاعته باقتدار إيجاد قاعدة جماهيرية عالمية نظراً لمراعاته لمختلف الأذواق والأفكار من خلال ما أوجده من حزم وأفكار تطويرية جديدة حولها لواقع ملموس، وحرصه أيضا على تقديم رؤية جديدة تعكس وتثري دوره كعنصر سياحي بارز في دبي يوفر مناخات جديدة مبتكرة تتجاوز حدود المعتاد في البرامج والأنشطة والفعاليات.

لوحات فنية جماهيرية

تشكل فعاليات المهرجان باختلافها وتنوعها لوحات فنية جماهيرية في غاية الجَمال والروعة، فهي تثير أجواء من السعادة بين الزوار، ففعالياته تتميز بالتنوع والتعدد وتواكب مختلف الميول والأذواق. كما إن الحضور القوي ومنذ اللحظات الأولى لافتتاح فعاليات المهرجان خير دليل على نجاح دوراته السابقة، فكل هذا الحضور والزخم الهائل يؤكد رسوخ أهداف المهرجان.

تميز وتجديد وإبداع

استمرارية المهرجان دبي للتسوق على مدار عقدين وأكثر، يعكس نجاحا حقيقيا للانطلاقة القوية التي يتمتع بها، والسمعة الطيبة والراقية التي يحظى بها داخل الدولة وخارجها.

 فهو يأتي كل عام مرحبا ومهللا بضيوفه وزواره، مُكتس حلل التميز والتجديد والإبداع وجميعها نتيجة جهد وعمل دؤوب ومتواصل، فخلف كواليسه نرى تعاوناً وتكاتفاً وتعاضداً وإسهام مؤسسات عدة عاهدت على أن يدوم هذا الفرح والألق.