يدرك الزائر لمعرض «رمضانيات» الفني الذي افتتح أول من أمس في غاليري مسرح دبي الاجتماعي ومركز الفنون بمول الإمارات، بعد جولته الأولى أنه أمام أعمال تجمع بالمجمل بين البعدين الفكري والفني، والتي يتجلى من خلالها نضج تجربة العديد من الفنانين الذين يتابع مسيرة إنتاجهم عبر السنوات الأخيرة.
والعامل المشترك بين أعمال المعرض الذي يستمر حتى 9 يوليو المقبل والذي أشرف عليه القيّم الفني مهند علي، انتماؤها إلى وسائل الفنون البصرية المعاصرة من الفيديو إلى الفن المفاهيمي والتركيبي والرقمي. أما الاختلاف فيكمن في وسائل تعبير ومعالجة ورؤية الفنانين الشباب العشر لأجواء شهر رمضان الكريم وما تعنيه لهم، والشيّق أيضاً أن المستوى الفني للأعمال فاق توقعات من قرأ عنه قبل افتتاحه.
تأملات
تبدأ جولة الزائر بلوحات الفنانة الشابة سلامة نصيب المتخصصة في مجال الطباعة الفنية. ويضم عملها «تأملات» ثلاث لوحات استلهمتها سلامة كما تقول: «من أجواء شهر رمضان في بيتنا، حيث يمثل الجزء الأول من الشهر الصدقة والعطاء والثاني التواصل الاجتماعي والثالث العبادة وتبين الهلال».
ويطالعه في الجهة المقابلة طاولة مغلفة بورق ألمنيوم مطبوع عليه رسم بالخط الأسود لملامح وجه امرأة ترتدي البرقع. وتقول الفنانة الشابة فاطمة البدور عن عملها الذي اعتمدت فيه الطباعة بالشاشة الحريرية على أوراق الألمنيوم: «يعكس عملي مفهوم الاستهلاك الكبير للأسر في هذا الشهر، الذي ارتبط جزءٌ منه في ذاكرتي بورق الألمنيوم الذي نغلف به الأطعمة التي نوزعها على أهل الديرة».
باليد اليسرى
وينتاب الزائر الفضول بوصوله إلى ما يشبه الغرفة الزجاجية التي تضم مكتباً عليه قرآن كريم، ومصباح مع صف طويل من الأوراق البيضاء المعلقة على الجدار والتي كتب على بعضها عدد من الآيات القرآنية. بالطبع من الصعب فهم أبعاد هذا العمل إن لم يتم التواصل مع صاحبه الفنان الشاب جميري الذي قال: «اخترت خلال هذا الشهر الكريم تحدي نفسي بنسخ القرآن باليد اليسرى. ».
عالم سحري
ويلي هذا العمل غلالة سوداء تفصل العالم الخارجي عن عالم سحري ابتكرته الفنانة السورية دينا سعدي، ليعيش الزائر في أجواء قريبة من عوالم الغموض وحكايات علاء الدين وعلي بابا، حيث يرى في عتمة السواد جذع شجرة وارفة تتدلى منها الفوانيس في زقاق مزخرف بإطارات العربات وغيرها، وسماء مرصعة بالنجوم التي تومض جميعها باللون الفوسفوري الأخضر بشكل فني بديع.
الرسم بالحبر
ومن الأعمال التي تستوقف أيضاً، رسومات كاريكاتور الفنان الباكستاني صفوان سبزاوري الذي استلهم من ذاكرة طفولته بعض السلوكيات التي كان الأطفال يبالغون بها، كاعتبارهم أن ابتلاع اللعاب يتسبب بالإفطار، أو أن الإفراط في الطعام يتسبب بتحوله إلى كائن شنيع وغير ذلك.
كما يستوقف الزائر، جمال العمل الفني التركيبي للفنانة الشابة أمل الخاجة التي ابتكرت عملاً بصرياً بديعاً في ركن معتم تتدلى منه خيوط شباك الصيد بإنارة تحولها إلى مشهد فني، بعيداً عن أبعاد معاني العمل التي تتمثل بفعل الدخول إلى عوالم الأصالة والبيئة والهوية.