«من لا ماضي له لا حاضر له» حكمة ذهبية قالها المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه، اختصرت الكثير من الكلام والنظريات حول أهمية حفظ التراث ونقله لأجيال الحاضر، هذه الجملة كان لها وقع كبير في أذني، فمنذ سماعها انصب تركيزي على جمع التراث بكافة تفاصيله، فلازمت الآباء والأجداد وحرصت على سماع تجاربهم، وجمع كل ما يحتفظون به في خزائنهم وعقولهم..

وتمكنت خلال ذلك من جمع أكثر من200 وثيقة ومخطوطة يعود تاريخ بعضها لأكثر من 240 عاماً، منها رسالة أحد الأجداد من قبيلة البدوات للمغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم يهنئه فيها بدخول شهر رمضان.

خبرة وفهم

هكذا بدأ عبدالله خلفان البدواوي أحد أعيان منطقة حتا حديثه عن وثائق ومخطوطات قديمة يحتفظ بها في خزانته حيث يقول: لا يستطيع الإنسان فهم حاضره دون فهمه للماضي، الذي يكسبه خبرة في فهم نفسه ومجتمعه، ويجعله أكثر انتماءً للأرض التي يعيش عليها، كما أن الحديث عن الماضي ونقله للأجيال الحيالية أمر ضروري يسهم في صقل خبرات الأبناء، ويطلعهم على تاريخ المنطقة والمراحل والظروف التي مرت بها.

ويوضح البدواوي: المخطوطات التي جمعتها خلال الأعوام الماضية تتنوع مواضعيها ومناسباتها، وهي بذلك تشير إلى العديد من المعلومات، منها العملات المستخدمة في المنطقة، والمراسلات التجارية مــــع الدول، ولجوء أفراد قبائل حتا وتحديداً قبيلة البدوات إلى توثيق معلاتهم التجارية ووصاياهم بالكتابة، إضافة إلى طلب الفصل من آل مكتوم في القضايا التي لا يتم التــوافق عليها عند وجهاء القبيلة.

مادة تاريخية

من جانبه يقول الباحث والمؤرخ حمد سلطان البدواوي إن هذه المخطوطات التي يحتفظون بها توثق تاريخ منطقة حتا، وطريقة الحياه فيها، كما إنها مادة تاريخية خصبة تستفيد منها الأجيال الحالية التي يمكن أن تتعرف من خلال مشاهدة هذه الوثائق إلى أمور عديدة، منها ماضي الآباء والأجداد، وعطائهم من خلال عنايتهم بالوقف الذي يكون في أغلى الممتلكات والتي هي أشجار النخيل.

ترميم

يشير حمد سلطان البدواوي إلى أن بعض الوثائق كان يصعب حملها ونقلها من مكان لآخر، وذلك أمر طبيعي نظراً لقدمها وحفظها في أماكن تقليدية سابقاً عند الآباء والأجداد، لافتاً إلى أن تمزقها فرض ترميم جزء منها بالتعاون مع مركز جمعة لماجد للثقافة والتراث الذي ابدى حرصاً كبيراً لترميم هذه الوثائق .