كيف تكون أحلام الذين لم يبصروا نور الدنيا بأعينهم؟ هل يبصرونها في أحلامهم أم تصير الأحلام عتمة كعتمة حياتهم؟ وهل تختلف أحلام الذين ولدوا مكفوفين عن الذين فقدوا بصرهم بعدما كانوا مبصرين؟

هذا  السؤال يحير كثيرين منذ زمن؟

تبدو أحلامنا نوعا من إعادة استخدام الواقع الذي نراه خلال النهار، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون الأمر مشابها للمكفوفين أيضاً.

يعيش الأشخاص الذين ولدوا مكفوفين الأشياء و يتخيلونها من دون صور. أما الذين فقدوا البصر في مرحلة لاحقة من حياتهم يستطيعون الرؤية في أحلامهم، ولكن تقل تجربة الرؤية عندهم في الأحلام مع استطالة تجربة انعدام البصر حسب موقع قناة الحرة.

قرر موقع Reddit الخوض في عالم الأحلام عند المكفوفين، وتوثيق انطباعات شخصية لدى بعضهم، لمحاولة الإجابة عن سؤال كيف يحلم الكفيف؟

شهادات

" صديقي كفيف بالولادة، وهذا سؤال نصادفه كثيرا. يحلم عبر الصوت والرائحة واللمس ولكن ليس التذوق. تنتابه كوابيس، يحلم بأنه يتم إجباره على قيادة سيارة الأجرة وهو كفيف لذلك يتعرض لحادث تلو آخر. لا يحلم أبدا بأنه يستطيع الرؤية لأنه لم يستطع الرؤية في حياته أبدا"، يقول أحد الأشخاص.

يقدم كفيف شهادته حول تجربته مع الأحلام أثناء النوم "حين أحلم أرى، ولكن ليست الرؤية التي اعتقد أن الناس العاديين يختبرونها. ما يجعلني أدرك كيف تبدو أحلامي، هو وصف echolocation أو تحديد الموقع والأشياء بالصدى".

ويضيف "تأتي الصور في موجات قصيرة مثلما يرى الخفاش، أسمع في أحلامي، وتعود الأصوات بشكل صدى إلي مشكلة صورة للأشياء التي حولي".

ويشير أيضا "أحيانا أرغب في أن أفكر بأنني المتهور في عالم الأحلام. لكن في الحقيقة الأمر لا يشبه رؤية شيء أمامك. فمثلا حين أتجول في منزلي لا أستطيع رؤية ما هو أمامي، ولكنني أسمع تغيرات في الصوت، وهو ما يعطيني فكرة عن الأشياء التي بقربي."

يشبه لوحة للرسام مونيه

ستيفن كوسيستو مؤلف سيرتين ذاتيتين عن فقدان البصر، يشرح كيف يحلم الكفيف بالقول "لنقل أن حلمك يشبه فلماً لمارتن سكورسيزي (مخرج أفلام أكشن أميركي)، فإن حلم الكفيف يشبه لوحة للرسام مونيه (رسام انطباعي فرنسي) سيكون هناك أناس وأمكنة في الحلم، ولكنه سيكون تجريدياً أو إنطباعياً"، بمعنى "لن يكون نسخة فوتوغرافية عما يراه إنسان يملك بصراً سليماٍ".


ومن بين الدراسات التي تناولت هذا الموضوع، دراسة أجراها باحثون من الدنمارك نشرت في مجلة Sleep Medicine وشارك بها 11 كفيفا بالولادة و 14 فقدوا بصرهم في مرحلة لاحقة و25 من الذين يملكون بصراً سليماً.

أجاب كل المشاركين الذين يتمتعون ببصر سليم بأنهم كان  لديهم على الأقل حلم واحد فيه تجربة الرؤية، بينما لم يجب أي مشارك كفيف بالولادة بنعم حول الرؤية في أحلامهم.

أما الذين فقدوا بصرهم في مرحلة لاحقة فقد قالوا بأنهم استطاعوا الرؤية في أحلامهم، لكن لاحظت الدراسة بأن تجربة الرؤية في الأحلام تضعف مع الزمن.