بين «العاصفة» و«كف القمر» تتأرجح مسيرة المخرج المصري خالد يوسف، الذي نجح منذ انفصاله عن الراحل يوسف شاهين بتقديم 11 عملاً، مكنته من كشف الواقع المتردي في المجتمع المصري، وذلك في ثلاثية «فوضى» و«حين ميسرة» و«دكان شحاته»، ليبدو أن خالد استطاع أن يقدم عبرها أفلاماً تشبهه تماماً، مبتعداً فيها عن تقليد أستاذه الراحل يوسف شاهين، الذي لازمه لعقد من الزمن، لتظل دعوته بضرورة «العمل على تصدير ثقافتنا العربية إلى العالم» بمثابة حلم يتمنى تحقيقه على الأرض، أملاً بتمكن السينما العربية النهوض من كبوتها، لتتخلص من «مطبات» الأزمات التي تصطدم بها منذ سنوات.

دعوة خالد يوسف إلى ضرورة العمل على تصدير الثقافة العربية للعالم عبر السينما، جاءت خلال مشاركته في ندوة أقيمت، أول من أمس، تحت عنوان «الابتكار في صناعة السينما»، في مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك بالشارقة، على هامش فعاليات المنتدى الدولي الثالث للابتكار وريادة الأعمال الذي تنظمه كلية إدارة الأعمال بجامعة الشارقة، بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الشارقة، بحضور فيليب مولينو وأمل آل علي ورغدة تريم وخالد يوسف وعبلة عبد اللطيف، حيث أكد فيها أن السينما العربية ذاهبة نحو الهاوية إذا استمرت على حالها.

وقال: إن «السينما العربية والمصرية لا تزال غير قادرة على التعبير عن الواقع العربي بسبب أزماتها»، مؤكداً أن استشراف المستقبل هو جزء من عمل المخرج.

رصد الواقع

خلال الندوة التي أدارها د. خالد مقلد، مستشار تنمية المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال، أكد خالد يوسف على حق السينمائي في رؤية الأشياء من زاويته الخاصة، معتبراً أن ما تقدمه السينما لا يمكن اعتباره تأريخاً. وقال: «التأريخ مهمة العلماء والمؤرخين، والسينما عندما تتطرق إلى الواقع أو التاريخ، فهي تعبير عن النفس، ولا تشكل عملية رصد للواقع».

وأضاف: «من حق السينمائي قراءة التاريخ من الزاوية التي يراها مناسبة له، وتقديمه بالصورة التي يراها مناسبة، علماً بأن اختلاف زاوية الصورة نفسها تلعب دوراً في رؤية الفنان، وقد تعمل على تغيير المعنى تماماً لأن الصورة دائماً تخاطب الوجدان، ولذلك فالجميع يخاف منها، بسبب تأثيرها الكبير على نفسية المشاهد الذي يمكن أن تشحنه وتغير مزاجه العالم».

حياة

لعقد من الزمان، التصق خالد يوسف بالمخرج الراحل يوسف شاهين، الذي تربى على يديه، وعن تجربته قال: «لم أحلم منذ طفولتي بأن أكون سينمائياً، حتى قابلت الراحل يوسف شاهين، الذي اكتشف موهبتي، وأعتقد أنني محظوظ بالعمل معه، فمنه تعلمت أصول الصناعة، وبلا شك أن تأثري به في هذا المجال هو أمر أفتخر به»، نافياً بذلك ما يشاع أنه «يقلد يوسف شاهين».

وقال: «منذ تقديمي لفيلم "العاصفة" وحتى "كف القمر" اجتهدت في تقديم سينما تشبهني وتعبر عن رؤيتي للواقع، ولم أحاول في أبداً تقليد يوسف شاهين، لأن السينما في الواقع هي حياة على الشاشة لمدة ساعتين، يستطيع المخرج أن يصنع فيها كل شيء». وقال: «مهمة المخرج استشراف المستقبل...».

في حديثه عن جزئية علاقة السينما العربية بأفلام الخيال العلمي وعدم قدرتها على مواكبة ما تقدمه هوليوود في هذا الإطار، لم يتخفَّ خالد يوسف خلف قناع التفاؤل.

وقال: «السينما العربية والمصرية تحديداً لا تزال تعيش أزمة حقيقية، فهي لا تستطيع حتى الآن أن تعبر عن الواقع العربي، بسبب مشكلات الرقابة وقيم المجتمعات وعدم توافر رأس المال، بخلاف السينما الأميركية التي استطاعت تجاوز ذلك والتحليق في آفاق مختلفة»، منوهاً إلى أنه لا يزال أمام السينما العربية فرصة للنهوض، ولذلك يجب أن تتضافر جهود رأس المال العربي والسينمائيين العرب للعمل على تصدير ثقافتنا العربية وقيمنا للعالم.