بلدية باريس تؤجر سراديب الموتى لقضاء ليلة هالويين مقابل 350 ألف يورو

ت + ت - الحجم الطبيعي

جماجم في كل مكان، هياكل عظمية من مختلف الأحجام، لافتات نلمحها بين الغرف المفتوحة، الواحدة على الأخرى، مكتوب عليها «هنا إمبراطورية الموت»، أو «نترك كل شيء ورائنا عندما نموت»، أنفاق مظلمة تصنع فسيفساء في تداخلها وتقاطعها، أبواب صدئة أكل الدهر منها وشبع، درجات حرارة منخفضة، وهدوء قاتل، ديكور قد يصلح لفيلم رعب هوليوودي، لكنه الديكور الحقيقي لإحدى المعالم السياحية الباريسية، التي لا تمت بصلة لباريس الجمال والنور.

ليلة مع الأموات

سراديب الموتى تصنع الجدل هذه الأيام بفرنسا، بعدما قررت بلدية باريس، التي ترأسها الاشتراكية آن هيدالغو، تأجيرها لليلة واحدة من أجل احتفال هالويين، أو عيد القديسين، المصادف لـ 31 أكتوبر، لصالح مؤسسة خاصة في كراء المنازل على الإنترنت عبر العالم تدعى «آر بي آن بي»، مقابل مبلغ خيالي، يقدر بـ 350 ألف يورو.

ويستفيد من هذا العرض ، الأول من نوعه منذ إنشاء هذه المقابر الجماعية بباريس قبل قرون، شخصان، سيتم اختيارهما ضمن آلاف المرشحين الذي شاركوا في المسابقة التي أطلقتها الشركة عبر موقعها الإلكتروني الشهر الماضي ، وسيتمكن هذان الشخصان من قضاء ليلة كاملة في هذا المكان الملقب بـ «إمبراطورية الموت»، وسط جماجم وعظام نحو 6 ملايين شخص من سكان باريس القدامى.

انتقادات وإن كانت شركة تأجير المنازل قد ربحت رهانها بحديث كل وسائل الإعلام الفرنسية عنها، حتى قبل حدوث التظاهرة، إلا أن بلدية باريس، لا تزال محل انتقادات عديدة من قبل العديد من نواب البرلمان من أحزاب اليمين والخضر، الذين نددوا بقبول عمدة باريس لهذا العرض التجاري، الذي يهين، حسبهم «أرواح الموتى» الذين يسكنون هذا المكان منذ قرون.

تقع المقبرة جنوبي باريس في الدائرة الـ 14، على بعد 20 متراً تحت الأرض، في غرف صغيرة موزعة على ممرات وأنفاق طويلة ، وسميت سراديب الموتى أو «كاتاكومب باريس»، نسبة إلى المدافن تحت الأرضية، التي استخدمها الرومان قديماً، وهي مقبرة جماعية لعظام الموتى تحت الأرض، تضم رفات ما يقرب من 6 ملايين شخص، يمثلون ثلاثة أجيال من سكان باريس، يطلق عليها أكبر مقبرة في العالم هذا المعلم الذي ينتمي إلى الإرث الوطني الفرنسي، استقطبت أكثر من 300 ألف زائر العام الماضي ويبقى يشكل أغرب الأماكن التي بناها الإنسان على وجه الأرض، فتح للجمهور اعتباراً من عام 1809، على طول 2 كلم تحت الأرض، يحفظ ذاكرة الباريسيين من العصور الوسطى وعصر الأنوار، بطريقة مؤثرة، من خلال رحلة خارج الزمن.

Email