قلة هم الذين يعرفون خبير صياغة المجوهرات اللبناني روبرت مازلو، الذي ورث هذا الفن عن والده وأجداده الذين أسسوا "بيت مازلو"، الذي انتج قطعاً فريدة من المجوهرات والمسابح التي تعرض حالياً في العديد من المتاحف في ألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأميركية. ولروبرت فلسفة ونظرة خاصة للمجوهرات والمسابح، ويعتبر أنها تتحول مع الوقت إلى قطعة من الجسد. روبرت الذي زار دبي أخيراً لعرض تشكيلته الجديدة من المسابح والمعنونة باسم "الحالة الذهنية للمجوهرات" اعترض في حواره مع "البيان" على التفريق بين المرأة العربية والغربية في تصميم المجوهرات، مؤكداً أنه لا فرق بينهما، وقال روبرت إنه يجب النظر إلى المجوهرات على أنها لوحة فنية وليست مجرد قطع تتجمل بها المرأة.
قلب وروح
في إطار حديثه عن المسابح، قال: بأن "العادة" قتلت المسبحة التي اعتبرها أجمل هدية قدمتها الأرض للإنسان، ويرى بأن أجمل المسابح خرجت من المنطقة العربية لاعتمادها على فن الأرابيسك والزخرفة، معتقداً بأن المسبحة على علاقة وثيقة بالنفس وتهدئها عبر فتح قنوات عدة بين القلب والعقل. ولا يرى روبرت الذي تعلم أسرار المجوهرات الأوروبية أثناء دراسته في معهد بينفينوتو سيليني في فالينزا الايطالية، فرقا في تصميم المجوهرات للمرأة العربية والغربية، وقال: "لا يمكن تصنيف المرأة في تصميم المجوهرات، ويخطئ من يعتقد أن نظرة المرأة الغربية للمجوهرات تختلف عن نظيرتها العربية، لأن المرأة في النهاية هي ذاتها لا تختلف ونظرتها للمجوهرات واحدة"، وواصل: "بتقديري أن تصميم المجوهرات يجب أن ينبع من النفس لأن المجوهرات تتحول مع مرور الوقت إلى قطعة من جسد المرأة لا يمكنها الاستغناء عنها، ولا يجوز أن نتعامل مع المجوهرات كالملابس التي تتقلب مع المواسم"، وأضاف: "من يتطلع إلى تصميم مجوهرات المرأة يجب أن يستمع لها وأن يفهم خبايا نفسها ليستطيع تقديم تصميم يتناسب معها، لأن المجوهرات يجب أن تبدو كلوحة فنية وليس مجرد قطع تتجمل بها المرأة".
تركيبة خاصة
يعتقد روبرت بأن للمجوهرات والأحجار الكريمة تأثيراً على النفس والعين، لأنها تحمل في تركيبتها معاني كثيرة تعبر عن ما يدور في النفس، وشبه روبرت تصاميم المجوهرات بتركيبة العطور التي تفيض برائحة ذكية تنعش الروح. كما يعتقد أنه لا يجوز الفصل بين المجوهرات والأحجار الكريمة ولا يمكن تفضيل أحدهما على الآخر لأنهما يشبهان في تركيبتهما المرأة والرجل، معتبراً أن المعدن ذكوري والحجر الكريم أنثوي، أما الاختلاف فمن وجهة نظره يكمن في درجة كثافة كل واحد منهما. كما أن للمسبحة قدرا عاليا في نفس روبرت، فهو يعتبرها أساس المجوهرات وأجمل هدية قدمتها الأرض للإنسان، وعن ذلك قال: "المسبحة هي قلب المجوهرات، وهي من التقاليد الموروثة التي تربط الرجل بجذوره، وتعمق فيه الانتماء إلى المجتمع"، وتابع: "تساعد المسبحة كثيراً على تهدئة النفس لأنها تمثل حلقة وصلة بين الجسم والعقل، وبين القلب والروح، وإذا دققنا في حركة المسبحة نجد أنها تتنقل بين يدي حاملها بطريقة لاإرادية، ولكن مع تعودنا عليها لم نعد نرى جمالها وتأثيرها النفسي علينا". وأضاف: "هذا التعود أدى إلى قتل المسبحة، في حين أنه يتوجب علينا تقديرها لأهميتها، ولذلك فقد بات علينا إعادة اكتشاف المسبحة بكل جمالها وروعتها، وهذا يكون بالعودة إليها والتدقيق فيها وبجمالها، لأن المسبحة تشبه المرأة التي تزداد جمالاً كلما اكتشفت أكثر".
المسبحة العربية
مع اختلاف المسابح واستخداماتها حول العالم، الا أن روبرت ينظر الى المسبحة العربية بنظرة خاصة، حيث قال: "من خلال خبرتي أرى بأن المسبحة العربية هي الأكثر جمالاً في العالم، نتيجة لدخول فن الأرابيسك والزخرفة التي استخدمها العرب لعقود طويلة على المسبحة، وأردف: "المسبحة العربية تختلف عن نظيراتها في العالم، سواء في تصميمها أو شكلها، ومن ينظر إليها يشعر بنعومتها وجمالها وبصوتها الموسيقى الذي خلقه هدوء الصحراء".
صناعة يدوية
تتميز قطع روبرت مازلو بأن كل واحدة منها مشغولة يدوياً بالكامل على يده أو على يد احد تلاميذه في الاستوديو الخاص به في باريس، كما أن روبرت يحرص على اختيار الأحجار الكريمة ونصف الكريمة الطبيعية فقط، وقد ساعده في ذلك خبرته العالية في هذا المجال، ويحرص عادة الى التوغل في نفوس زبائنه لمعرفة طبيعة ما يحتاجونه او يتطلعون إليه من المجوهرات والمسابح. سيرة
روبرت مازلو هو خبير صياغة مجوهرات ولد في لبنان عام 1949، وتعلم هذا الفن في سن مبكرة من والده وذلك في المشغل الذي يديره في بيروت، وبمغادرته الى ايطاليا للدراسة في معهد بينفينوتو سيليني في فالينزا، تمكن من الانفتاح على عالم المجوهرات، كما تعلم أسرار المجوهرات الأوروبية الراقية والكلاسيكية، ومنذ الثمانينات، عُرف روبرت بأنه مبدع قطع المجوهرات الفريدة.