تحت عنوان "بيت التوت" أطلت علينا المخرجة اليمنية البريطانية سارة إسحاق، أخيراً بفيلمها الوثائقي، لتأخذنا من خلاله برحلة اعادة اكتشاف سيرتها الذاتية لتعكس تطور علاقتها مع والدها، وما يحدث في المجتمع اليمني، الذي خرج إلى الشوارع في 2011 منادياً بإسقاط النظام، لنتلمس مع عائلة سارة، مشهد التغيير العام الذي شهده المجتمع اليمني، خلال السنوات الأخيرة.
رحلة استكشاف
سارة التي غادرت اليمن وهي فتاة يافعة، عادت إلى وطنها بعد 10 سنوات من رحيلها، في رحلة استكشاف جديدة، للمجتمع الذي تركته والعائلة، وهي نموذج الاسرة اليمنية، التقليدية من الطبقة الوسطى، التي انفصلت عنها، وبيت التوت العتيق حيث يهتم جدها بأصغر تفاصيله، لتبدأ سارة بتصوير فيلمها في فبراير 2011، وتحديداً في موسم التوت، لتثير فيه جملة من الاسئلة حول طبيعة مجتمعها وعاداته وتقاليده.
أحداث الفيلم تبدأ بصوت أنثوي لإحدى قريباتها والتي تتساءل: "يجب أن تكون العلاقة بين المرأة والرجل طبيعية، لماذا يتم الفصل بينهما؟"، لتكون تلك بداية اكتشاف سارة لسيرتها الذاتية التي تستعرض فيها تطور علاقتها مع والدها، الذي تعلو معه حدة الحوار أحياناً، لا سيما عندما يكون الحديث حول ظاهرة "زواج الفتيات المبكر"، إذ تقول سارة: "كنت صغيرة قبل أن أذهب إلى بريطانيا، أردت تزويجي وعمري 15 عاماً.
قلت لك: والدي هذا الشخص كبير في السن وأصلع، فأجبتني إن الحب يأتي مع الوقت." ليبدو الأب هنا اكثر انفتاحاً ومرحاً، وأكثر قبولاً للحوار، مبدياً ضرورة عدم إكراه الفتيات على الزواج المبكر، على عكس السائد في اليمن.
شاهد عيان
انشغال سارة في ثورتها الشخصية على العادات والتقاليد، لم يمنعها من دخول غمار ثورة اليمن التي اندلعت في 2011، ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لتعكس بعدستها مدى حماس عائلتها لهذه الثورة.
رمزية متعددة
تكاد أحداث فيلم "بيت التوت"، لمخرجته سارة إسحق، تكون مليئة بأشكال الرمزية المتعددة، فالعائلة لديها ترمز إلى المجتمع اليمني على شكل مصغر، وتعكس في عدم رضا عائلتها عن نتائج الثورة، عدم رضاها عن الكثير من العادات والتقاليد، لتظل سارة متأرجحة بين الرمادية وبعض الرضى الذاتي، عن ما تم تحقيقه حتى لو كان قليلاً، لتؤكد لنا في نهاية الفيلم أن الثورة اليمنية أفرزت الكثير من المواهب .