علاقة قوية تربط المخرج الفرنسي إريك روشان بقصص الجاسوسية التي دأب على تقديمها في أفلامه، وآخرها "موبيوس" الذي يعرض حالياً في الصالات المحلية ويلعب بطولته الفرنسي جان دو جاردان الحائز في 2012 على أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم "الفنان" ومواطنته الممثلة سيسيل دو فرانس، فالمخرج روشان وعلى خلاف النسق الأميركي لايزال يؤمن بضرورة سلوك منهج الواقعية بنوعية الأفلام هذه، وتقديمها بصبغة حقيقية تغلب عليها الصفة الشاعرية أو الرومانسية دون الذهاب فيها نحو ميادين الحرب والقتال، حيث ضجيج المتفجرات والأسلحة النارية.

روشان برر سبب جنوحه إلى نوعية الأفلام هذه، بمدى تعمق عمليات التنصت والجاسوسية في الواقع المعاش، وما تمتلكه من تأثير في نشوب حروب باردة بين وكالات الاستخبارات تحديداً، وأكد في حديثه مع "البيان" أنه فضل تقديم قصة فيلمه "موبيوس" من بوابة العاطفة والحب وليس الأكشن لرغبته في الاقتراب من الواقع.

معتبراً إياه فيلماً رومانسياً بحتاً، وقال: إن "الفرصة لاتزال متاحة أمام السينما الفرنسية لدخول المنطقة العربية والنجاح فيها، لما ترويه أفلامها من قصص واقعية"، مشيراً إلى امكانية قيامه بتصوير أحد أفلامه مستقبلاً في دبي التي رأى فيها مدينة جميلة ذات مشاهد سينمائية عديدة.

فيلم نظيف

على خلاف النسق الأميركي في أفلام الجاسوسية والأكشن يذهب المخرج روشان في فيلمه "موبيوس" الذي قدمه لمشاهديه نظيفاً من التفجيرات والأسلحة النارية، وهي الطريقة التي لم يتعود عليها عشاق السينما على الأقل في المنطقة العربية.

وبحسب روشان فإن "الأميركان يجنحون إلى أفلام الأكشن لحبهم لها، فضلاً عن هوسهم العالي في استخدام التكنولوجيا المتطورة، ما يجعل من أفلامهم في أحيان كثيرة بعيدة عن الواقع، بينما في فرنسا فالأمر مختلف في هذا المجال".

وأضاف: "من جهتي أحاول دائماً أن أكون واقعياً في أفلامي، لإيماني بأن مشاهد الأكشن لا تكون إلا في الحروب، وليس في ميادين وكالات الاستخبارات التي تعتمد حروباً ناعمة، تستخدم فيها أساليب مختلفة جلها يقوم على الفكر والبحث العميق، بهدف الحصول على المعلومة التي يفترض إنها سرية".

حب وشاعرية

المتابع لفيلم "موبيوس" يجد أن روشان فضل الدخول الى عالم الجاسوسية عبر قصة حب شاعرية، ولكن ذلك لم يخفي شغفه بأفلام الجاسوسية الخالية من مشاهد الأكشن والمطاردات والتفجيرات، والسبب بحسب قوله، هو أن التنصت والحصول على المعلومات يعتمد عادة على طرق الإغواء المختلفة، ما يجعل من قصصها مثيرة للاهتمام، لما تحمله من فعل انساني حقيقي أو تعبير عن حقيقة الواقع الانساني.

مشيراً إلى أن الواقع يكشف لنا عن الكثير من الأساليب التي يستخدمها البشر لكشف الأسرار دون إراقة نقطة دم واحدة، وقال: "أعتقد أن هذه الحال يجب أن تنعكس في ما نقدمه من أفلام تتناول هذا الجانب من الحياة الانسانية".

هبوط عام

في العام الماضي شهدت السينما الفرنسية هبوطاً عاماً قدرته تقارير وكالة "يونيفرانس" بنسبة 33%، مقارنة مع 2012، الذي كان بالنسبة لها عاماً ذهبياً بما حصدته من جوائز أوسكار، كان فيلم "الفنان" سبباً فيها، ورغم هيمنة السينما الأميركية على السوق العربي والعالمي.

إلا أن روشان بدا متفائلاً بما تقدمه السينما الفرنسية من أفلام تمكنها من النجاح في المنطقة العربية، وقال: "أعتقد أن السينما الفرنسية لاتزال قادرة على تحقيق النجاح في المنطقة العربية تحديداً، طالما تعتمد أفلاماً مغايرة للنسق الأميركي المسيطر عملياً على جزء كبير من السوق العالمي، ونجاحها يقوم على طريقة التسويق التي تعتمدها، وطبيعة القصص التي تقدمها للناس، وتناقش فيها قضاياهم وهمومهم".

 

دبي في عيونه

 

دبي بدت جميلة جداً في عيون روشان الذي يزورها للمرة الأولى في حياته، وقال: "رغم أنني لم أتمكن من رؤية دبي بكافة تفاصيلها، ولم أعش حياتها اليومية لضيق الوقت، إلا أنها تبدو واحدة من المدن الجميلة التي تستحق أن تكون وجهة تصوير سينمائية لما تتضمنه من مشاهد طبيعية ومعمارية جميلة، وهو ما يجعلني أفكر جدياً في تصوير أحد أفلامي المستقبلية فيها".