لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا
حكاية سنوية تكرر نفسها، ترويها الدراما الإماراتية في شهر رمضان من كل عام، فالمسلسلات المحلية تقف عند أطراف أصابع اليد الواحدة، وأبطالها منتجون أصروا على إكمال المشوار رغم كل العوائق التي تعترض طريقهم، ليثبتوا بأن هناك جهوداً مبذولة يجب أخذها في عين الاعتبار، ويؤكدوا أنهم على استعداد للمنافسة.
وفي هذا العام، تسير الدراما الإماراتية بخطوات ثابتة، تطل من جنباتها خمسة مسلسلات، يحكي أحدها قصة، ويروي الآخر حكاية، ويطرح الثالث قضية، لتكشف عن طاقات وإمكانات تعمل بصمت، وتتألق من خلالها وجوه ولمسات، وتنافس رغم قلة الدعم.
عوامل عدة تفتقر إليها الدراما المحلية، إلا أن بصيص أمل يشرق في الضفة الأخرى، ليشيد بما حققته من إنجازات، وما تمتاز به من نقاط قوة.
«البيان» تواصلت مع عدد من صناع الدراما والعاملين فيها من مختلف الدول، لتتعرف إلى خط سير الدراما المحلية، وعلى مكامن الضعف والقوة فيها، واضعة المسلسلات الإماراتية الخمسة التي ستعرض في رمضان تحت المجهر، في انتظار ردود أفعال الجمهور حولها.
نصوص ضعيفة
نجح الكاتب محمد حسن أحمد في الحفاظ على وجوده في شهر رمضان من خلال سيناريوهات أصبحت تترصدها الدراما الخليجية، وتنتظرها على أحر من الجمر، وها هو يشارك هذا العام بمسلسله «في عينيها أغنية»، الذي سيعرض على شبكة قنوات دبي تاركاً بصمة جميلة على الدراما الكويتية، رغم حاجة الدراما الإماراتية إلى نصوص متميزة، وعن ذلك قال: «المسألة مهنية بحتة، تتعلق بالعقود، ولكن لم يكن هناك أي اتفاق جدي معي حول كتابة سيناريو لمسلسل محلي، رغم أن الساحة الإماراتية مملوءة بقصص وقضايا لم تطرح بعد».
وعن الدراما المحلية قال: «الدراما الإماراتية على قدر كبير من الأهمية، ولكنها بحاجة إلى أن تُعطى مساحة أكبر في الكوميديا، لتتصدر المشهد الكوميدي الذي يحصد نسبة مشاهدة عالية، لا سيما وأنه يوجد لدينا أسماء متميزة في هذا الجانب، وهما جابر نغموش، وعبد الله زيد».
وعبَّر محمد حسن أحمد عن رغبته في أن تزداد قوة الأعمال المحلية من حيث النصوص، لافتاً إلى ضعفها الذي يؤثر بالتالي على انتشارها، وقال: «لدينا ممثلون بارعون، ولكن نصوصنا ضعيفة جداً».
عناصر فنية
يرتبط المخرج بطال سليمان مع الدراما الإماراتية بعلاقة حب أضافت للاثنين معاً، فلمساته زادت وهج المسلسلات التي أخرجها، وحصدت نسب مشاهدة عالية، كما تربع بعضها على عرش أفضل مسلسل، وفي رمضان هذا العام يطل بمسلسل «شبيه الريح» مع الكاتب جمال سالم، واعداً بإطلالة مختلفة ومتميزة.
عن الدراما الإماراتية قال بطال: «حققت نجاحات كبيرة، والتطور فيها واضح، وتمكنت من إبراز طاقات وإمكانات ووجوه جديدة، ويمتلك نجوم التمثيل فيها طاقات كبيرة، إلا أنها تعاني مشكلات عدة، أهمها الفقر الكبير في النصوص، فعملية البحث عن نص جيد أصبحت مهمة صعبة ومرهقة، كما أنها تفتقر إلى الاختصاصات الفنية، فالعمل الفني لا يقتصر على التمثيل والإخراج، بل يتطلب مختصين في جوانب التصوير والإضاءة وهندسة الضوء والديكور والإكسسوار، وللأسف، تفتقر الدراما الإماراتية إلى مهندسي الديكور والإكسسوار ومصممي الأزياء، إذ يتم الاعتماد على الإمكانات المتوفرة، رغم أن العمل الفني يتطلب أكثر من ذلك بكثير.
وذكر بطال أن الفترة الأخيرة شهدت توجهاً من بعض العاملين في هذا المجال نحو هذه الاختصاصات، ما يبشر بالخير في السنوات المقبلة.
وعن البصمة التي حرص على وجودها في مسلسله «شبيه الريح»، قال: «سيلاحظ المُشاهد أسلوباً مختلفاً في التصوير، إذ صورته بأسلوب السينما، مستعيناً بكاميرا واحدة أو ما يسمى بالكاميرا المحمولة، وهذا النوع من التصوير صعب، إلا أن النص فرض عليَّ هذه الطريقة في التعاطي مع المسلسل، فجَوُّه هو كوميديا الأكشن، ويحتاج ذلك لتنقلات كبيرة.
منوهاً بأن تصوير المسلسل تم في عدة مناطق، وقال: «تنقلنا بين ليوا وجزيرة دلما والمرفأ وجبل الظنة وصير بني ياس وبدع زايد ومدينة العين ورأس الخيمة، ونتمنى أن يكون هذا العمل إضافة للدراما المحلية».
روح الهاوي
علاقة حميمة تربط الفنان عبدالمحسن النمر بالدراما الإماراتية، إذ عاصر التجربة منذ بداياتها في أوائل التسعينات، وشارك في عدد كبير من الأعمال الإماراتية سواء المحلية، أو المشتركة، أو الخليجية من إنتاج إماراتي.
النمر تحدث عن الدراما الإماراتية، قائلاً: «تمتاز عن غيرها بأنها لا تزال تعمل بروح الهاوي، سواء في مجال الإخراج أو التمثيل أو الانتاج أو التأليف، وهذا لا يقلل من قيمتها، بل يعد ميزة هامة، إضافة إلى امتلاكها بُعداً اجتماعياً يؤهلها لأن تكون مختلفة، فالمجتمع الإماراتي يعد متكاملاً يبدأ من الفلاح والبدوي والبحار، ويمتد إلى التاجر ورجل الأعمال، ويتواصل مع القرية والمدينة والجبل والصحراء، وهي معطيات مهمة تثري أي دراما تتواجد فيها».
وأشار إلى أن التنوع الجغرافي الموجود في الإمارات، يسهم بشكل مؤثر في الدراما الإماراتية، كما أشاد بوعي القائمين عليها، وقال: «هناك توجه واضح ودعم كبير من قِبل المسؤولين والمؤسسات في الدولة، تنعكس إيجاباً على تطور عجلة الدراما فيها، إذ يظهر حرص الدولة على زج أبنائها في أعمال درامية كبيرة من إنتاجها لتطوير أدواتهم الفنية، وهذه المعطيات تنعكس على العمل الإماراتي».
ولفت النمر إلى أن الشباب المواطن اكتسب خبرة بحكم احتكاكه بالأعمال المتميزة، ليشغل بالتالي وظائف فنية مهمة ومؤثرة كالمونتير وهندسة الصوت وغيرها.
وشدد على اختلاف المسلسلات الإماراتية وتميزها من حيث النصوص، ودليل ذلك كما قال: «عُرضت علي أعمال كثيرة من مختلف دول الخليج، ولكني اخترت من بينها عملين إماراتيين، هما «لو أني أعرف» و«عام الجمر»، وجاء اختياري وفقاً للنصوص وقوتها، فنص «لو أني أعرف» ابدعه الكاتب إسماعيل عبدالله، الذي يخوض مجال الكتابة الدرامية للمرة الأولى، وقدم سيناريو رائعاً سيكون نقلة على مستوى الدراما الإماراتية، كما أثارتني فكرة «عام الجمر»، إذ وجدته متميزاً على مستوى النصوص، وأدهشتني إمكانات المخرج عمر إبراهيم ورؤيته الإخراجية».
وأشاد النمر بتجربة التلفزيونات المحلية التي تسعى لإعطاء الفرص للطاقات الإماراتية الشابة، إلا أنه يرى بأن زج المذيعين والمغنيين من الشباب في مجال التمثيل، قد يسحب الفرص من الممثلين الحقيقيين، القادرين على تجسيد الأدوار أكثر من غيرهم، وقال: «أعلم أن نية القنوات صافية وهدفها إبراز طاقات أبنائها ودعمهم، إلا أن الممثل الحقيقي لا يحصل على فرص حقيقية لأنها تذهب لغيره».
دعم حكومي
حرص صناع مسلسل «القياضة» على توفير كل عناصر النجاح للعمل، هذا ما أكده رضا الخباز، مدير إدارة الإنتاج في شركة «أرى الإمارات»، لافتاً إلى جهود المخرج سلوم حداد وإصراره على إعادة تصوير المشاهد أكثر من مرة، بهدف الحصول على أفضل أداء من الممثلين.
وعن الدراما الإماراتية قال: «لا شك في أنها تتطور من عام لآخر، إذ التفت المنتجون لأهمية وجود مخرجين متميزين، فاستعانوا بأسماء لها ثقلها في هذا المجال، ولكن الدراما المحلية بحاجة إلى زيادة الدعم الحكومي، وإلى اهتمام المحطات الرسمية بها».
وأشار الخباز إلى أن اللهجة تعد عائقاً أمام انتشار العمل المحلي، وقال: «حين تكون اللهجة بيضاء يسهل فهمها، ما يزيد بالتالي انتشارها، ولكننا حين نقوم بذلك، نجد انتقادات كثيرة تطاردنا، وهذا عائق آخر».
ولفت الخباز إلى أن المحطات تتهافت على الممثلين النجوم، وهذا يدفعهم للاستغناء عن الفنانين المحليين، والأولى أن يتم الترويج للعمل الإماراتي لزيادة انتشار المسلسل نفسه، والممثل أيضاً، ما يسهم في إيجاد نجوم إماراتيين.
وطالَب برفع سقف الرقابة، لافتاً إلى أن بعض القنوات ترفض عرض العمل بمجرد قراءة الملخصات، ليتم الحكم على المسلسل قبل مشاهدة المادة المصورة، ما يظلم المسلسل ويؤثر بالتالي على انتشاره. وأكد الخباز أن تكلفة العمل المحلي عالية، وعبر عن رغبته في أن يتم التعامل مع شركات الإنتاج الفني كشركات داعمة للفن والإبداع، ليتم تسهيل الإجراءات الخاصة بها.
قنوات العرض
أكدت الممثلة هدى صلاح أن الدراما الإماراتية في تطور مستمر، وقالت: «لاحظنا تطوراً كبيراً في التقنيات المستخدمة، وفي الأحداث والقضايا التي تتناولها المسلسلات المحلية، إضافة إلى الجرأة والانفتاح في طرح الموضوعات، إلا أن مشكلة الدراما الإماراتية تتمثل في قنوات العرض، فأغلب الأعمال الإماراتية تُعرض على القنوات المحلية، ونادراً ما تعرض على القنوات الخليجية والعربية، ما يؤثر بالتالي على نسبة الانتشار والمشاهدة».
ولفتت إلى أن اللهجة قد تكون عائقاً بعض الشيء في انتشار العمل المحلي، ما يؤثر بالتالي على انتشاره.
وعما إذا كان المسلسل الإماراتي مطلوباً في الخارج، قالت: «هناك أعمال إماراتية ناجحة عُرضت على قنوات خليجية، مثل «حاير طاير»، ولكن هذا لا ينفي حقيقة أن عرض الأعمال المحلية على القنوات الخليجية محدود، وربما يعود ذلك إلى طبيعة القضايا والمشكلات، فالهموم في الإمارات قد تختلف عن نظيرتها من الدول الأخرى».
بيئة خصبة
السيناريست الكويتي فهد العليوة أكد أن الإمارات بيئة خصبة للإبداع، مشيداً بتميز الأعمال التراثية التي عُرضت من قبل، وقال: «شاهدنا مسلسلات إماراتية أثبتت أن الإمارات ولادة، تشجع على الإبداع في كل المجالات، لا سيما في مجال الدراما، إذ نجحت من خلال ما قدمته أن تؤكد حضورها ومنافستها، كما أن الأعمال التراثية هي مركز إبداعها وقوتها، فهناك عدد من المسلسلات التراثية الإماراتية تألقت على الشاشات وكانت جميلة جداً.
الإمارات استوديو المستقبل وإنتاجها ينافس على القمة
«أرض الإمارات ستكون استوديو المستقبل لصناعة الدراما» هذا ما أكده الفنان والمنتج أحمد الجسمي صاحب شركة «جرناس» للإنتاج الفني، لافتاً إلى أن هذا الأمر يتحقق اليوم بوجود شركات إنتاج كبيرة ومهمة من مختلف الدول تصور على أرض الإمارات.
وعن الصعوبات التي تواجه الدراما المحلية قال: «هناك عقبات تواجهنا، ولكن الجهات الحكومية وبعض المؤسسات الكبيرة في دبي والشارقة بدأت تتفهم وضع التصوير، وتسهل إجراءاته، ولا شك في أن هناك قوانين وأنظمة، قد تدخل أحياناً تحت بند الروتين، إلا أن التحضيرات المسبقة للعمل كفيلة بتهيئة الأماكن وأجواء التصوير له.
ولفت الجسمي إلى أن بعض الأماكن لم تتعود على تصوير الدراما الذي يستغرق وقتاً طويلاً، وقال: «نواجه في بعض الأحيان مشكلة عدم تفهم الأفراد لطبيعة عملنا، فيحدث أن نحتاج لبعض الفلل للتصوير فيها، ليطالبني صاحب «اللوكيشن» بمبلغ تقاضاه في وقت سابق من تصوير فيديو كليب أو إعلان، وهذا لا يناسب طبيعة تصوير الدراما التي قد تستغرق 25 يوماً، كما أنني لا أستطيع أن أضع ميزانية العمل ثمناً للمكان، وهذا ما يستدعي تفهماً أكبر من الأشخاص، ولكن تبقى هذه أمور خاصة وفردية، ليست مرتبطة بدعم الحكومة، ولكن الوضع اختلف الآن، وبدأ الجمهور يعي ويتفهم هذه الأمور، كما بدأ السوق يتحرك.
وأشار الجسمي إلى أن لكل عمل ظروفه حسب حجمه وضخامة إنتاجه، فهناك أعمال خفيفة لا تواجهها الصعوبات التي تواجه غيرها من أعمال ضخمة، وأخرى ضخمة تتطلب تجهيزات مسبقة.
ولفت الجسمي إلى أن القنوات التلفزيونية بدأت تضع خطة على مدار العام، بحيث لا يقتصر تقديم الأعمال المحلية على رمضان فقط، وظهرت ملامح هذه الخطة هذا العام، إذ أطل خلاله على الشاشات عدد من المسلسلات مثل «زمن الطيبين»، وهذه خطوة إيجابية تُحسب لها.
وحول إذا كان عدد مسلسلات رمضان المحلية مرضياً، قال: «قد يكون غير مرضٍ، ولكن قياساً مع عدد شركات الإنتاج المحلية الموجودة لدينا، فهو جيد، كما أن هذه الأعمال تجمع كل الممثلين في الدولة، وهذا هو الأهم، إلا أننا نتمنى الأعمال ما يصب بالتالي في صالح الدراما المحلية»، مؤكداً أن إنتاجات هذا العام تعد تجربة قاسية، وقال: إن «دبي لندن دبي» و«عام الجمر» عملان ضخمان إنتاجياً، ومغايران من حيث الكتابة والإخراج، ونسعى دائماً إلى تقديم أرقى الإنتاجات التي تناسب ذائقة الجمهور.
وذكر أن الأعمال الإماراتية رغم عددها القليل ستنافس غيرها، وأنها ستكون في قمة المنافسة.
"راوي الخراريف" يستدعي ذاكرة الأجداد
أفردت الدراما الإماراتية هذا العام مساحة للأطفال، من خلال تقديمها مسلسلا جديدا بعنوان «راوي الخراريف» الذي تم تصويره في رأس الخيمة، وهو يعتمد على سيناريو من تأليف عبدالله حسن أحمد بالتعاون مع صالح كرامه، ويروي المسلسل عديد القصص عن تاريخ وثقافة الإمارات، إضافة إلى سرد «خراريف» الأجداد، التي تأخذ الأطفال في عوالم المتعة والتسلية، بسبب اعتماد الراوي على عوامل الجذب والتشويق، حيث يجلس الأطفال حول راوي «الخراريف»، الذي يجسده حسن بلهون، ليستمعوا إلى حكاياته المستمدة من البيئة الإماراتية الأصيلة، وتهدف هذه القصص إلى غرس قيم تربوية في الطفل، ويهدف المسلسل في المقام الأول إلى غرس العديد من القيم التربوية، من خلال التوضيح للطفل مجموعة من الأمور السلوكية التي أضحت منتشرة في وقتنا الحالي، مثل الخداع والكذب والنفاق، وغيرها. دبي ـ البيان