صناعة تتطلب مقومات تبهر الجمهور

نجم الغناء.. الصوت وحده لا يكفي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

أن تمتلك صوتاً جميلاً، فهذا يعني أنك مؤهل لدخول عالم الغناء، ولكن في عصر الصورة والإبهار البصري، لم يعد الصوت وحده كافياً لصناعة نجم، فكم من صوت جميل بقي أسير حنجرة صاحبه، ولكنه لم يصنع منه نجماً، لأن النجومية بحد ذاتها لم تعد تقبل إلا بمواصفات خاصة، ومقومات تحقق النجاح والجماهيرية لصاحبها، ومع توافد وجوه جديدة على ساحة الغناء، بات البقاء للأقوى، وإلا فالصوت وصاحبه سيذهبان طي النسيان.

بين الكاريزما والذكاء والثقافة والتواصل مع الجمهور ومقومات أخرى كثيرة، يجد الفنانون أنفسهم أمام تحديات أصبحت تفرض نفسها عليهم فرضاً، فأصواتهم وحدها لم تعد تحقق لهم النجاح الذي يحلمون به. فإلى أي مدى يعترف الفنانون بهذه الحقيقة، وما العوامل التي تضمن لهم تحقيق النجاح إلى جانب الصوت؟ «البيان» التقت عدداً من نجوم الغناء، ليؤكدوا أن الصوت وحده لا يكفي.

فكر وذكاء

«هناك أصوات جميلة ولكن أصحابها بحاجة إلى الذكاء لتحقيق النجاح» بهذه العبارة بدأ الفنان عبد الله الرويشد حديثه، لافتاً إلى أن الساحة الغنائية تعج بالأصوات الجميلة، إلا أن ذلك وحده لا يكفي لصناعة نجم، وأضاف: برأيي أن الفنان يجب أن يتسم بالفكر والذكاء لتقديم نفسه لجمهوره بأفضل صورة، وليتفاعل معه محبوه، كما يجب أن يمتلك فلسفة في التواصل، وبهذا يكسب قلوب الجمهور.

وأشار الرويشد إلى أن أي فنان بحاجة لمقومات متكاملة إلى جانب الصوت، وهو ما يضمن له تحقيق جماهيرية كبيرة، ويجعله نجماً. واعترف الرويشد أنه من المقلين في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي رغم أهميتها، مكتفياً بالتواصل مع جمهوره عبر شركة الإنتاج التي تتولى مهمة إنتاج ألبوماته.

أكدت الفنانة ديانا حداد أن النجومية تستدعي توفر مقومات عدة في الفنان، وقالت: هي معادلة يجب توافر عناصر عدة فيها لتكتمل وليصبح صاحبها نجماً، كالصوت والإطلالة الجميلة والاختيار الفني، وأراها مجموعة متكاملة، لو نقص عنصر فيها سيظهر الخلل فوراً.

وأشارت إلى أن نجومية الفنان تعتمد على أمور كثيرة، تتعلق بذكائه الفني أولاً، وطريقته في التواصل مع جمهوره، وقالت: خلقت وسائل التواصل الاجتماعي علاقة وثيقة بين الفنان ومحبيه، ويمكنه الاستفادة منها بأفضل صورة لو أحسن استخدامها، ولو تعامل معها باحترام، وبالتالي تعود عليه بشكل إيجابي.

على النقيض، استنكرت الفنانة نوال الكويتية مقولة «الصوت وحده لا يكفي»، مؤكدة أنه الأساس، وقالت «يكفي ونص»، فالصوت هو الأهم في صناعة نجوم الغناء، ومن دونه لا يمكن أن يحقق أي شخص النجاح في هذا المجال.

أكد الفنان حمد العامري أن النجاح الحقيقي في مجال الغناء يكمن في توفر خامة صوت جميلة، إضافة إلى مقومات أخرى، أهمها الذكاء الفني، وأشاد بتميز الفنان حسين الجسمي، مشيداً بنجوميته التي نجح في تحقيقها، ومشيراً إلى قدرته على الوصول إلى أكبر شريحة جماهيرية بأغنيته الإماراتية قبل الغناء باللهجات الأخرى، وقال: حسين الجسمي خلطة سحرية، إذ يجمع بين جمال الصوت وروعة الأدا.

فنانون طاردتهم النجومية وآخرون صنعوها

منذ الإطلالة الأولى للنجم محمد عساف في برنامج «أراب آيدول»، تنبأ الكثيرون بنجاحه، إذ امتلك القلوب منذ تقديمه لأول أغنية، لتشيد لجنة تحكيم البرنامج بصوته، مؤكدة أنه من أقوى الأصوات المنافسة. ومنذ تلك اللحظة، بدأت نجومية محمد عساف تتوهج، وحقق قفزات كبيرة وإجماع منقطع النظير، ليحصد لقب «محبوب العرب» ومعه لقب سفير النوايا الحسنة للأونروا، وانهالت عليه عروض الحفلات في مختلف البلدان، حتى أصبح من أهم نجوم الغناء خلال أشهر قليلة، إضافة إلى تحقيق ألبوماته شهرة واسعة في مختلف الدول.

ولم تتوقف نجوميته عند عتبات الألبومات الغنائية، بل تعدتها إلى السينما، ليقدم المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد فيلماً روائياً طويلاً مستوحى من سيرة عساف وقصة نجاحه بعنوان «يا طير الطاير» ويشارك به في مهرجان تورونتو السينمائي.

وأرجع الكثيرون نجومية محمد عساف إلى أسباب كثيرة، أهمها إرادته القوية التي أوصلته إلى برنامج «أراب آيدول»، بالإضافة إلى أخلاقياته العالية التي برزت على امتداد الحلقات، إلى جانب صوته القوي والمتميز.

نانسي عجرم

بالمقابل، صنعت الفنانة نانسي عجرم نجوميتها بنفسها، وكانت ذكية إلى درجة جعلتها اليوم واحدة من أهم نجمات الغناء في الوطن العربي، ورغم أن هناك أصواتاً كثيرة قد تتفوق على صوتها، إلا أنها نجحت في فرض نفسها كفنانة من خلال اختيارها أولاً لمدير أعمالها جيجي ليمارا الذي عرف كيف يثبت أقدامها في الوسط الفني الممتلئ على آخره بالأصوات الجميلة.

مقومات كثيرة صنعت نجومية عجرم، أبرزها جمالها الذي خطف قلوب الصغار والكبار، وأناقتها واحترامها لعين الجمهور، وبساطتها البعيدة عن التكلف، بالإضافة إلى التنوع الكبير الذي تقدمه في أغنياتها، ومخاطبتها لكل الشرائح العمرية، ما جعل لها قاعدة جماهيرية مكونة من الأطفال الذين قدمت لهم أجمل الأغنيات، إضافة إلى مجموعة كبيرة من أجمل الأغنيات الرومانسية بكل ما فيها من حب وألم ووجع وحنين.

نجاحات نانسي عجرم لم تتوقف أيضاً عند عتبات الألبومات، بل أصبحت عضوة لجنة تحكيم برنامج «أراب آيدول» لتزاحم أهم نجوم الغناء في الوطن العربي مقاعد التحكيم، وتثبت أنها قادرة بذكائها وثقافتها الموسيقية والعامة، ووقوفها على المسرح وإطلالاتها الجميلة بأن تصبح نجمة من الطراز الأول.

بين نقيضين

تتوفر عوامل النجومية في الفنانة نجوى كرم، فهي صاحبة صوت يجمع عليه الجمهور، وإطلالة مختلفة ومتميزة، وحضور ليس له مثيل، تزيده ثقافتها وهجاً وتألقاً، على النقيض من الفنانة هيفاء وهبي التي لا تمتلك خامة صوت تؤهلها لخوض عالم الغناء، إلا أنها ورغم ذلك، تحدت الجميع، ضاربة بكل الآراء والانتقادات عرض الحائط، لتفرض صوتها فرضاً على الجمهور، معتمدة على مقومات أخرى اعتقدت أنها قد تشفع لها كمغنية، لتبالغ في الإثارة وتقديم مشاهد غير مقبولة، وتثير الجدل حولها بين وقت وآخر، ولكن يبدو أن حالة الرفض أجبرتها على أن تنحاز في السنوات الأخيرة للتمثيل، لتصبح نجمة سينما تنافس على شباك التذاكر، ونجمة دراما حجز لها المنتجون مقعداً ثابتاً في شهر رمضان.

الفيديو كليب و«هز الوسط»

الهدف الحقيقي من الفيديو كليب هو إبراز الأغنية بطريقة جيدة، ولكن فشل الكثيرون في توظيفه لصالح الأغنية، فانعكس سلباً عليها، وأصبح عبارة عن استعراض للجسد وإظهار للمفاتن والرقص، وهو ما وجدت فيه الكثيرات من محبات الشهرة ضالتهن، ليندفعن دون تفكير نحو الغناء رغم عدم امتلاكهن أصواتاً جميلة تستحق الوقوف عندها أو الاستماع إليها، وقوبلن بانتقادات كثيرة، ما جعلهن يركزن على الاستعراض و«هز الوسط» لجذب انتباه الجماهير إليهن، إلا أن محاولاتهن باءت أيضاً بالفشل، ووقف المستمع الواعي لهن بالمرصاد، فلم تقنعه حركات التمايل والإثارة التي كن يتعمدن إشباع «كليبات» أغنياتهن بها، ولم يعد لهن اليوم وجود على الساحة الفنية، لأن الفن الراقي هو الذي يبقى ويدوم. فمن يذكر اليوم نجلا صاحبة «أنا هطلب ايدك» التي تراقصت مع الحصان في أغنيتها، أو ماريا صاحبة «العب العب العب»؟.

Email