استطاعت التشكيلية السورية الشابة سارة شما التي نجحت في الوصول إلى العالمية خلال زمن قياسي مقارنة بفناني جيلها، في بلورة أسلوبها الفني الخاص الذي اشتهرت به والذي تجمع فيه بين الواقعية السحرية وهامش من الانطباعية خلال رسم شخوصها بألوان زيتية معتمدة شفافية الألوان المائية وحساسيتها، ليبقى في ذاكرة المشاهد وإن طالت السنون ذلك التأثير القوي الذي تتركه أعين شخوصها التي تجمع بين الأثيرية والمواجهة الصريحة. ويمكن لعشاق الفن التعرف على جماليات فنها من خلال زيارة معرضها الأخير «لندن» في غاليري «آرت سوا» بقرية البوابة في مركز دبي المالي العالمي.
عوالمهم الداخلية
ويدرك الزائر لمعرضها الذي يستمر حتى 20 مايو الجاري ويضم عشر لوحات تزيد مساحة كل منها على متر بمتر مربع، النقلة النوعية التي تجلّت في اختيارها لمحور مواضيع شخوصها لتكون البطولة هذه المرة للأطفال وعوالمهم الداخلية. لتجمع بين خصوصية أسلوبها وما رسمه الأطفال في لقائها معهم بالاستوديو الخاص بها في لندن مقر إقامتها الجديد بعد لبنان.
تقول سارة في لقائها مع «البيان» عن دوافع اختيارها لموضوع الطفولة: «ربما لأني أصبحت أماً، بت أكثر قرباً وتفاعلاً مع عوالمهم. وتمثلت فكرتي في دعوتي لهم ولدى تواجدهم منحتهم أوراقاً وألواناً ليرسموا تخيلاتهم. وعليه رسمت شخوصي لأقوم في المرحلة الثانية بنسخ ما رسمه الأطفال على لوحاتي لأجمع بين عالمي الداخلي وتصورات عالمهم».
طفلة وسلحفاة
وتبدو لوحات سارة كأنها تأسر شخوصها بين تداعيات عدة أزمنة لتجمعها في لحظة واحدة، كالطفلة التي تحمل السلحفاة التي نجدها في ثلاث مراحل عمرية مختلفة في الوقت نفسه. وتحمل هذا اللوحة تحديداً عدة جماليات، حيث وازنت سارة بين الرسم الواقعي المقارب بملمس ألوانه الصورة الفوتوغرافية، وبين ضربات الفرشات الخشنة والجريئة التي تغطي كفي الفتاة والسلحفاة وقوة الإضاءة، لتشكل هذه المساحة بحد ذاتها عملاً فنياً متكاملاً يتجلى فيه مهارة سارة في نقل الإحساس بالكتلة والحياة بضربات لونية مختزلة.
سيرة
نالت سارة عدداً من الجوائز العالمية، ابتداء بالميدالية الذهبية لبينالي اللاذقية 2001، وصولاً إلى الجائزة الأولى في الرسم من غاليري «ناشيونال بورتريه» بلندن.