أصبحت اضطرابات النوم في الوقت الحالي ولاسيما مع ارتفاع معدلات القلق والتوتر من أكثر الاضطرابات شيوعاً، وهناك العديد من مشاكل النوم التي يواجهها الإنسان خلال حياته، والتي يمكنه التغلب عليها أو التعايش معها.
والنوم هو حالة طبيعية من التوقف المؤقت عن الوعي لإعطاء فرصة لأجهزة جسم الإنسان للحصول على الراحة واستعادة طاقتها، وهو يعد من أكثر الحاجات أهمية للإنسان التي يقضي فيها نحو ثلث حياته لتجديد نشاطه، ولكن هذا لا يعني أن أجهزة الجسم تتوقف عن النشاط أثناء النوم وإنما البطء بالنشاط والاستقلاب في بعض مراحل النوم أمر أساسي لكافة المخلوقات البشرية بينما يبقى أيضاً خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة وهي أساسية لتجديد نشاطنا باليوم التالي.
كم عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان الطبيعي؟
يتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان الطبيعي تفاوتاً كبيراً من شخص إلى آخر، فأغلب الأشخاص ينامون من (6-8) ساعات يومياً، وقد تتراوح من 4 ساعات لدى البعض إلى 10 ساعات لدى البعض الآخر، حيث يدعى الأشخاص الذين ينامون أقل من 4 ساعات بأصحاب النوم القصير أو بحالة الأرق، والذين ينامون أكثر من 10 ساعات بأصحاب النوم الطويل أو بحالة النعاس.
إن طبيعة وجودة النوم تتغيران مع تقدم العمر، فعند كبار السن يصبح النوم خفيفاً وأقل فاعلية وأقل راحة والسبب في ذلك يعود إلى أن نسبة كل مرحلة من مراحل النوم تتغير مع تقدم السن ونسبة النوم العميق قد وصلت عادة إلى نسبة بسيطة جداً من وقت النوم، وعند البعض قد تختفي تماماً، فتجد الأشخاص في هذه السن أسرع استيقاظاً نتيجة للضوضاء الخارجية مقارنة بصغار السن.
ما هي مراحل النوم؟
عندما يكون الإنسان مستيقظاً فإن المخ يكون لديه نشاط كهربائي معين، ومع حلول النوم يبدأ هذا النشاط يتغير، فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل من النوم لكل منها دورها، فهناك المرحلة الأولى وهي مرحلة النوم الخفيف ويسهل الاستيقاظ فيها تحت أي تأثير وتكون فيها حركة العين بطيئة، وكذا نشاط عضلات الجسم، وحينما نبدأ بالدخول في المرحلة الثانية فإن حركة العين تتوقف وتظهر في الدماغ موجات كهربائية بطيئة تتخللها نوبات من موجات دماغية مميزة لمرحلة النوم هذه ويقضي الإنسان في هذه المرحلة حوالي (30 - 50%) من نومه، حيث يدخل الإنسان بعد ذلك في المرحلة الثالثة وفيها تكون موجات الدماغ متنوعة وتشمل موجات تسمى (دلتا) وغالباً ما تكون هذه الموجات أشد بطئاً ويصعب إيقاظ المرء إن كان في المرحلة الثالثة لأنها مرحلة النوم العميق، ولو استيقظ فإنه يمضي جزءاً من الوقت يكون فيه غير واعٍ بما فيه الكفاية لمدة ثوانٍ معدودة، كما أن نقص النوم العميق وزيادة النوم الخفيف يسببان التعب والإجهاد خلال النهار.
ويعقب هذه المراحل الدخول في مرحلة نوم حركة العين السريعة، وتحدث الأحلام خلال هذه المرحلة، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الذهن نشاطه ويقضي فيها الإنسان حوالي (15 - 20 %) من نومه، وتتكرر المراحل السابقة أثناء النوم كل 90 دقيقة.
والمرور بجميع مراحل النوم يعرف بدورة نوم كاملة وخلال نوم الإنسان الطبيعي (6 - 8) ساعات يمر الإنسان بنحو (4 - 6) دورات نوم كاملة وهذه المراحل أساسية لاستعادة الجسم نشاطه.
لماذا ننام؟
النوم ضروري لكل وظائف الجسم ونقص النوم ينتج عنه نقص في التركيز والذاكرة وبطء في ردة الفعل واتخاذ القرارات الصحيحة، كما أنه يسبب زيادة النعاس في النهار وتعكر المزاج، وقد أظهرت الأبحاث أن حوادث السيارات تزداد مع زيادة نعاس ونوم السائق أثناء القيادة.
ونقص النوم قد يسبب ضعفاً في الجهاز المناعي وقدرة الخلايا المناعية على التعامل مع الأجسام الغريبة والميكروبات، وهذا قد يزيد من احتمالات الإصابة بنزلات البرد والالتهابات المتكررة، كما أن نقص النوم يفقد الجسم القدرة التنظيمية والإيقاع اليومي لإفراز الهرمونات المهمة مما قد يزيد احتمال الإصابة بالسكري.
ما هو علم تشخيص وعلاج اضطرابات النوم؟
توجد بعض الحالات المرضية التي تؤثر على نومنا الطبيعي مما يؤثر تأثيراً سلبياً على أنشطتنا وأعمالنا اليومية وقد يشتكي المرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم في أحيان كثيرة من أعراض محددة مثل:
• النوم لعدد أقل من الساعات المتوقعة أو ما يسمى بالأرق.
• زيادة عدد ساعات النوم والنعاس أثناء النهار، أو فرط النوم وهو حالة من النعاس الشديد خلال النهار، أو فترات طويلة من النوم خلال النهار لا يمكن تفسيرها بعدم كفاية كمية النوم.
• اضطرابات النوم المتعلقة بالتنفس كالشخير وانقطاع التنفس أثناء النوم.
• اضطرابات دورة النوم واليقظة (أو اضطراب الساعة البيولوجية) وتتميز هذه الاضطرابات بوجود عدم توافق ما بين وقت النوم الفعلي، والوقت الذي يرغب الشخص أن ينام فيه، وأما بالنسبة لكيفية النوم فهي غالباً طبيعية.
• قد يشتكي بعض المرضى من أعراض مبهمة مثل الإحساس بالتعب والاكتئاب وضعف التركيز الذهني.
خدمات متطورة بـ«صحة دبي» لعلاج اضطرابات النوم
يُعتبر طب النوم أحد التخصصات المعروفة في عالم الطب، إلا أن أهميته لم تقدر حق قدرها من قبل العاملين بهذا المجال، ولكن مع التطور السريع لهذا التخصص الطبي، نشأ اهتمام خاص لتصنيف اضطرابات النوم من قبل المختصين فيه ليصل إلى ما يعادل (100) اضطراب، ونظراً لأهمية النوم للإنسان وللنجاح في إعطاء تشخيص دقيق ومعالجة ناجحة قامت هيئة الصحة بدبي بتأسيس مركز على أعلى مستوى لحل مشاكل النوم، يقوم بالإشراف عليه نخبة متخصصة من الاستشاريين والأطباء في مجال طب النوم مع الاستعانة بأحدث التقنيات والأجهزة التي تضاهي المستويات العالمية والتي يتفرد بها هذا المركز التخصصي دون غيره في الإمارات.
المركز يضم غرفاً خاصة لإجراء اختبارات النوم وعيادة للنوم تم تجهيزهما بعناية شديدة لاستقبال الحالات التي تعاني من اضطرابات النوم، حيث يمكن لهذه الحالات الاتصال بهواتف المركز لتحديد موعد مع أحد الأطباء أو الاستشاريين، وبعد تحديد الموعد يتم عمل التقييم اللازم من قبل المتخصصين، ثم يقوم الطبيب بعدها بإجراء اختبار النوم للمريض.
ما هو اختبار النوم؟
إن النوم عملية معقدة، تحدث خلالها العديد من العمليات الفيزيولوجية وأحياناً المرضية، ولكي نفهم أسباب اضطرابات النوم، فإننا نحتاج إلى مراقبة هذه المؤشرات الفيزيولوجية خلال النوم وهو ما يعرف باختبار النوم أو «تخطيط النوم»، حيث يطلب من المرضى عادة أن يأتوا لمختبر النوم قبل ساعتين من ميعاد نومهم، مصطحبين معهم الأغراض التي يستخدمونها في النوم مثل الوسادة المفضلة والثوب وغيرها، حيث تم تصميم غرفة النوم بالمختبر لتوفير الهدوء والراحة والبساطة، حيث يقوم فني مدرب بالتجهيز للاختبار بتوصيل أجهزة متعددة (أقطاب) على مواقع مختلفة من الجسم مثل الرأس، الوجه، الصدر، البطن، والساق ولا تسبب هذه الأجهزة ألماً أو صعوبة في النوم عند معظم الأشخاص ويسهل على المريض أن يتحرك أو أن يقوم بفك هذه الأجهزة ليلاً للذهاب إلى الحمام أو أي مكان آخر، ومن ثم يطلب من المريض النوم ويـقـوم الفني المختص بمراقبة نوم المريض من خلال جهاز مراقبة خاص موجد في غرفة أخرى لتتم مراقبة مراحل النوم وحركات الذراع والساق، ومستوى الأوكسجين في الدم، ونشاط العضلات، ووضع الجسم، والشخير، ونبض القلب خلال النوم، وبعد انتهاء الدراسة فإن المختص يقوم بإيقاظ المريض صباحاً في الموعد الذي يرغب به المريض، ويتم التخلص من كافة الأجهزة التي كانت تراقب المريض أثناء نومه، ثم يسمح للمريض بأن يأخذ حماماً (في حال الرغبة)، ويقوم بعدها بتناول طعام الإفطار ومغادرة المركز، مؤكداً على ضرورة مراجعة المريض لعيادة اضطرابات النوم لتحديد موعد المتابعة مع الطبيب، حيث يتم في هذا الوقت تحليل وتسجيل نتائج الدراسة بصورة شاملة بواسطة اختصاصي أمراض النوم، ليقوم الطبيب بعدها بتفسير هذه النتائج للمريض ثم يناقش معه اختيارات العلاج.
استشاري الأمراض الصدرية وأمراض النوم، رئيس قسم أمراض النوم بمستشفى راشد